المغاربة يطالبون بالعودة إلى توقيت غرينيتش والعدول عن الساعة الإضافية    إطلاق خط جوي مباشر بين أكادير و أمستردام    مالي تنفي مزاعم الجزائر بشأن إسقاط مسيّرة مسلحة    تقلبات جوية مرتقبة في مختلف مناطق البلاد خلال الأيام المقبلة    الشركة الجهوية متعددة الخدمات تطلق 33 محطة لتحلية المياه    دراسة تشكك في قدرة الحكومة على تقليص البطالة بحلول 2030    بعد يومين من اتصال ماكرون وتبون.. صنصال يستأنف الحكم ومحاميه يطالب ب"بادرة إنسانية"    إسرائيل توسع الهجوم في قطاع غزة    بن غفير يقتحم مجددا المسجد الأقصى    سفير مصر يسهّل دخول جمهور الجيش    بورصة البيضاء تفتتح التداول بارتفاع    مؤشر عالمي جديد يؤكد مكانة المغرب كنموذج للاستقرار في شمال إفريقيا    خبراء الصحة ينفون وجود متحور جديد لفيروس "بوحمرون" في المغرب    دراسة تحذر من ارتفاع استخدام المضادات الحيوية في الإنتاج الحيواني        وزارة الشؤون الداخلية للدول    طلبة طب الأسنان بالدار البيضاء يواصلون إضرابهم    صلاح الدين بنعريم يستهل رحلة طويلة بالدراجة على طول 24 ألف كيلومتر من أوشوايا إلى ألاسكا    47,5 مليار درهم من التمويلات للمقاولات الصغيرة والمتوسطة عبر "تمويلكم" في 2024    إليوت بنشيتريت ويونس العلمي لعروسي يغادران جائزة الحسن الثاني للتنس مبكرا    اختبار صعب لنهضة بركان أمام أسيك ميموزا الإيفواري في ذهاب ربع نهائي "الكاف"    نائل العيناوي يختار اللعب لفائدة المنتخب المغربي بدلا عن الفرنسي    كأس ملك إسبانيا .. إياب حارق في دور نصف النهائي    حكيمي وبنصغير ينافسان على جائزة أفضل لاعب أفريقي في الدوري الفرنسي    المغرب يسجل تباطؤا في نموه الاقتصادي في الربع الأخير من 2024 مقارنة مع 2023    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الأربعاء    وصول 77 مهاجرا إلى سبتة خلال 15 يوما    إفران تحتضن الدورة السابعة من مهرجان الأخوين للفيلم القصير    قناة فرنسية تسلط الضوء على تحولات طنجة التي حولتها لوجهة عالمية    وفاة أيقونة هوليوود فال كيلمر عن عمر يناهر 65 عاماً    القرود ناكِثو العهود !    تنسيق التعليم يستنكر إقصاء الأساتذة من مباراة التفتيش ويلوح بالاحتجاج في ظل استمرار الاحتقان    واقعة تعنيف إطار صحي بقلعة السراغنة تتكرر بأكادير..    هشام جيراندو.. خيانة مفضوحة للملكية في الواقع ووطنية مزعومة في المواقع    الدفاع المدني يعلن مقتل 15 شخصا في غارتين إسرائيليتين على منزلين في قطاع غزة    الصين: "هواوي" تسجل ارتفاعا في إيرادات المبيعات في 2024    التشغيل في حد ذاته دعم مباشر            المديرية الإقليمية بالجديدة تنظم ملتقى الإعلام والتوجيه 2025    إسبانيا تخطو نحو تنفيذ نفق الربط القاري مع المغرب وسط رهانات مونديال 2030    مهرجان ربيع وزان السينمائي الدولي يفتتح دورته الأولى: "شاشة كبيرة لمدينة صغيرة"    إشكاليات سوق إمزورن الأسبوعي تدفع امغار إلى مساءلة وزير الداخلية    اختتام فعاليات دوريي أراغي والمرحوم إبراهيم مزياني ببني بوعياش    احتجاج يجمع أساتذة للتعليم الأولي    تدريبات تعزز انسجام "منتخب U17"    القنصلية العامة في دوسلدورف تكرّم أئمة المساجد والمرشدين الدينيين    الولايات المتحدة ترسل حاملة طائرات ثانية إلى الشرق الأوسط    بلجيكا تشدد إجراءات الوقاية بعد رصد سلالة حصبة مغربية ببروكسيل    السلطات البلجيكية تشدد تدابير الوقاية بسبب سلالة "بوحمرون" مغربية ببروكسيل    أجواء من الفرح والسرور ببرنامج راديو الناس احتفالا بعيد الفطر رفقة مجموعتي نجوم سلا والسرور (فيديو)    أغنية تربط الماضي بالحاضر.. عندما يلتقي صوت الحسن الثاني بإيقاعات العصر    العيد: بين الألم والأمل دعوة للسلام والتسامح    القهوة في خطر.. هل نشرب مشروبًا آخر دون أن ندري؟    أجواء روحانية في صلاة العيد بالعيون    طواسينُ الخير    تعرف على كيفية أداء صلاة العيد ووقتها الشرعي حسب الهدي النبوي    الكسوف الجزئي يحجب أشعة الشمس بنسبة تقل عن 18% في المغرب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مشبال الدبلوماسي السابق بمدريد: غالي انتهت صلاحيته بالنسبة للجزائر فنفضوا يدهم منه
نشر في الأيام 24 يوم 28 - 05 - 2021


* حاورته: زينب مركز

يرى المحلل السياسي جمال الدين مشبال أن ضرر وجود إبراهيم غالي أصبح بالنسبة للجزائر أكبر من نفعه، لذلك رمت به بين أيدي الإسبان الذين انطلت عليهم الحيلة. وبالنسبة لقضية استدعاء زعيم الانفصاليين أمام القضاء الإسباني يرجح الدبلوماسي السابق بمدريد أن الأمر يرتبط بوضعيته الصحية، إذ يمكن للأطباء أن يقدروا أن حالته لا تسمح له بالحضور، وفي هذه الحالة سيلجأ القاضي الإسباني لقرار إغلاق الحدود في وجهه حتى لا يهرب من المثول أمام العدالة.

دخلت العلاقات المغربية – الإسبانية منعطفا جديدا للتوتر بعد دخول زعيم البوليساريو إسبانيا للاستشفاء، ما الخلفيات العميقة لما حدث بالضبط؟

الخلفيات في الحقيقة متعددة، ومن جملتها أنّ إبراهيم غالي أصبح شخصاً غير مرغوب فيه من طرف النظام الجزائري، إذ انتهت بالنسبة لهم «مدة صلاحيته» فنفضوا أيديهم منه، ورَمَوا به للإسبان الذين سقطوا في الفخ – وهي وجهة نظر السيد بِيَدِ الله وكذلك الصديق البشير الدّْخِيل الصحراويان القُحَّان والأعلم مني بالموضوع التي أشاطرهما إيّاه فالرجل مريض ولم يعد فيه نفع، فالأفضل أن يموت في إسبانيا، ويخلق مشكلة تُوتِّر العلاقة بين الرباط ومدريد، لأن المغرب لن ينظر – طبعاً – بعين الرضا لاستقباله بإسبانيا.

وما الإجابة عن سؤال مفترض كهذا انطلاقا من خبرتك؟

سجل إبراهيم غالي جد ثقيل في الإجرام وبالخصوص في الإرهاب. فمذ السبعينيات حتى وقف إطلاق النار في 1991، كان يقوم بأعمال إرهابية ضد مصالح إسبانيا: حوالي 34 مركب صيد إسباني وقع الهجوم عليها بأمر منه كَ»وزير للدفاع» انطلاقاً من الأراضي الجزائرية بتندوف – وحينَها لم يكن الجدار الأمني قد شيّد بعد – مما أسفر عن وقوع حوالي 100 ضحية إسبانية ما بين قتيل وجريح على يد عصابات البوليساريو، و300 مختطف سِيقوا كرهائن في ظروف غير إنسانية إلى تندوف، واستُعملوا كورقة ضغط على إسبانيا و«عُمْلة» ابتزاز مقابل الحصول على مواقف سياسية.

وتجدر الإشارة إلى أن جمعية «أكافيتي» الكنارية تضم حوالي 300 عائلة كلها من ضحايا البوليساريو، وقد اعترفت بهم إسبانيا مؤخرا كضحايا للإرهاب، فالفصل 543 من القانون الجنائي الإسباني يعاقب على هذه الأفعال كجرائم إرهابية لا يشملها التقادم، وبالتالي ففي أي لحظة يمكن لهذه الجمعية أن تتقدم لدى القضاء بدعوى في الموضوع، أو أن تثير المتابعةَ النيابةُ العامة تلقائياً.

كما أنّ جمعية صحراوية لحقوق الإنسان تضم مغاربة صحراويين عاشوا في تندوف وعانوا فيها الويلات، والبعض منهم يحمل الجنسية الإسبانية، لجأت إلى القضاء الإسباني كي ينصفهم. وكذلك من جملة من أقاموا الدعوى السيدة ماء العينين التي تم اعتقال والدها وقتله تحت التعذيب وانتزاعها من أحضان أهلها وهي في الثامنة من عمرها وإرسالها إلى كوبا. وهناك سيدة أخرى اسمها خديجتو محمود تم اغتصابها بعاصمة الجزائر بمكتب إبراهيم غالي حين كان «سفيرا»، إذ ذهبت لطلب الفيزا فقال لها أن ترجع على الساعة السابعة مساء، وحين عادت فض بكارتها واغتصبها.

فهذه كلها قد تكون بالتالي أسبابا وراء دخوله منتحلاً هويَّة «بن بطوش» وبجواز سفر مزور. فهذه أعمال لا يقوم بها إلا أباطرة المخدرات أو العصابات الإرهابية، وهذا يذكرني بالإرهابي الشهير كارلوس الموجود حالياً بأحد سجون فرنسا حيث يقضي عقوبة السجن المؤبد والذي كان بدوره صديق المسؤولين الجزائريين وعلى رأسهم عبد العزيز بوتفليقة الرئيس السابق.

وهذا السجل الإجرامي، ينضاف إليه، فشله الذريع على رأس البوليساريو وحصده الإخفاقات المتتالية، جعل من الضروري استغناء العسكر عن عميلهم الفاشل إذ لم يعد فيه نفعٌ فرموا به بين أيدي الإسبان لخلق مشاكل بينهم وبين المغرب.

تعطل اجتماع اللجنة العليا المشتركة بين البلدين لأكثر من مرة، فهل يكفي الحديث عن استشفاء إبراهيم غالي لتفسير ذلك أم هناك أسبابا أعمق مما يتم التصريح به؟

العلاقات بين إسبانيا والمغرب هي علاقات جيران فيها مد وجزر. وهناك بعض التوترات منها ذاك الناتج مؤخراً عن اعتراف أمريكا بمغربية الصحراء، فبالنسبة للمغاربة يبقى من غير المفهوم أن وزيرة الخارجية في إسبانيا تصرح بأنها على اتصال مع جماعة عمل الرئيس الأمريكي بايدن من أجل مراجعة وإعادة النظر في هذا القرار، الذي يبقى موقفا سياديا للولايات المتحدة. ثم لاحقا تستضيف زعيم الانفصاليين على الأراضي الإسبانية بتنسيق مع الجزائر. ولكن في كل الأحوال علاقتنا مع الإسبان كعلاقة الأخوين، نتخاصم ونتصالح.

وفي تقديري أن المغرب يتوفر حالياً على دبلوماسية نشيطة وحازمة تتكون من أطر شابة أحسن تكوينا وفعالية. وبالمناسبة، أرى أنه من الضروري جداً التحرك داخل منظمة الاتحاد الإفريقي والدول الأعضاء به لإبراز مدى الضرر الذي قد يلحق المنظمة ويمس بصورتها جراء فضيحة إبراهيم غالي بانتحال الشخصية والتزوير، والمتابعة بسبب جرائم ضد الإنسانية. لقد أصبح من المناسب والعاجل إدخال تعديل على القانون التأسيسي للاتحاد الإفريقي يتيح بمقتضاه طرد كل عضو لا تتوفر فيه شروط الدولة المستقلة ذات السيادة، والعضوية بالأمم المتحدة المحترمة لبنود ميثاقها. إن قضية «بن بطوش» و»جمهوريته» فضيحة من الحجم الكبير على المستوى الدبلوماسي، وعلى المغرب استغلال كل أبعادها في علاقاته الدولية.

ما أبعاد المشكلات الجوهرية التي وترت العلاقة بين البلدين في السنتين الأخيرتين؟ ومنها على الأقل: التسليح الأمريكي للمغرب، وقضية الحدود المائية، وإغلاق معبري سبتة ومليلية…

يظهر لي أن البعض يكثر من المبالغة في موضوع التسليح الأمريكي، لأنّ اسبانيا تعرف أولاً أنّ التسلح المغربي ليس من أجل مواجهتها، كما تعرف أيضاً أنّ هناك إجماعاً وطنياً على ضرورة نهج طريق التفاوض في قضية سبتة ومليلية عن طريق إيجاد الحل السلمي وليس بالمواجهة المسلحة، ثانياً، وحتى على افتراض المواجهة المسلحة المستبعَدة، فالمملكة تعرف أنّ ميزان القوة ما بين إسبانيا والمغرب لغير صالحها، لأن إسبانيا عضو في الحلف الأطلسي مما يجعلها تحظى بدعم كل دوله، وبالتالي لا أعتقد أن مشكل التسلح الأمريكي للمغرب يقلق إسبانيا حقيقة.

أما قضية الحدود البحرية، فتجدر الإشارة إلى أنّ اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار المبرمة عام 1982 دخلت حيز التنفيذ في عام 1994 حيث طلبت من الدول تحديد مياهها وأعطت مهلة لذلك، وقد صادف ذلك دخول المغرب في علاقات عن طريق الأمم المتحدة من أجل إجراء استفتاء تبيَّن فيما بعد استحالته. وبعدها دخل في مسلسل البحث عن حل متفق عليه، فلم يشأ أن يزيد من التوتر، فأخّر بسبب ذلك موضوع تحديد مياهه البحرية وفق قانون البحار لعام 1982 بما فيها المياه المغربية الصحراوية. لكن وحين تمت مفاوضات الصيد البحري مع الاتحاد الأوروبي أصبح ضروريا على المغرب أن يُعجِّل بتحديد حدوده البحرية وِفق قانون البحار. وقد أظهر استعداده للتباحث مع إسبانيا وفق القانون الدولي في حالة وجود أي تداخل بين مياه البلدين وتفهّمت إسبانيا ذلك وقبلت بالطرح المغربي.

المشكل الثالث هو إغلاق معبري سبتة ومليلية الذي يظهر أنه مرتبط حالياً بجائحة كورونا. ولكن هذا لا يمنع المغرب – كدولة ذات سيادة في علاقته مع إسبانيا ضمن إطار الاتفاقيات الثنائية والمتعددة الأطراف – من التشديد على العمل معاً من أجل محاربة الإرهاب والهجرة والجريمة المنظمة والتهريب، إذ لا يجوز لأحد الطرفين سلوك الانتقائية في التعاون الدولي، ولا يعقل أن تكون العلاقة التي تربط المدينتين بمحيطهما مبنية بالأساس على التهريب الذي يلزم الدولتين محاربته. إذن على المغرب وإسبانيا التعاون من أجل وضع حد لهذه التجارة غيرِ المشروعة وإيجاد حلول باتفاق الطرفين لليد العاملة التي تعبر يومياً إلى المدينتين. الاتفاقيات الدولية والقوانين الوطنية يجب أن تحترم مبدأ المساواة والابتعاد عن الانتقائية عند التطبيق. بمعنى أنه لا يمكن نحارب تهريب البشر فقط ونتغاضى عن تهريب السلع. وأنْ نحارب التهريب في المطارات والموانئ ونغضَّ الطرف عن التهريب في سبتة ومليلية بدعوى أنه تهريب معاشي. وهذه مناسبة كي نفكر جميعاً، مغاربة وإسبان، في حلول مشتركة تضمن مصالح البلدين في إطار تخطيط مستقبلي مشترك. لقد عرف المغرب تطوراً كبيراً ولا سيما في أقصى الشمال بعدما خلق ميناء طنجة المتوسطي وهناك مناطق صناعية في طور الإنجاز، ومشاريع مستقبلية ضخمة منها مناطق حرة تتبلور لترى النور قريباً. في هذا الإطار يمكن توسيع منطقة التعاون لتشمل مدينة سبتة، وأيضاً الساحل الإسباني المقابل للمغرب على ضفة مضيق جبل طارق، مُشكِّلا بذلك نواةً صلبة للتعاون القارّي شمال جنوب. منذ الآن علينا أن نفكر بمنطق العولمة في إطار التحديات والعلاقات الدولية التي يفرضها القرن 21. فالمغرب منفتح على إفريقيا ويطمح أن يكون بوابة للقارة، وهو في هذا الإطار بصدد تنمية الصحراء وعلى الخصوص منطقة الداخلة ومشروع مينائها أحد الأمثلة على جِدِّية مَسعاه. مشاريع المغرب في أقصى جنوبه تتناسق وتتكامل مع المشاريع الكبرى في أقصى شماله. فالعلاقات الاقتصادية في جهة طنجة تطوان الحسيمة والجهة الشرقية تربط المغرب مع أوربا. والمشاريع التي تعرفها أقاليمنا الجنوبية الصحراوية تعزيز للروابط المتجذرة للمغرب مع إفريقيا. وبفضل هذا المجهود التنموي الدّؤوب والمخطط الشمولي البعيد المدى، يمكن للمغرب أن يتبوّأَ مرتبةً متقدِّمة في خارطة التبادل الدولي ومحطةً مركزية للتعاون جنوب جنوب وشمال جنوب.

في هذا الإطار، وبغضِّ النظر عن مطلب المغرب الدائم بخصوص سيادته على سبتة ومليلية، أعتقد أنه من المناسب الآن خلق خلية تفكير وتخطيط مكونة من خبراء اقتصاديين وفقهاء في القانون الدولي بين البلدين لوضع برنامج تعاونٍ شموليٍّ بين ضفتي مضيق جبل طارق تكون مُوسَّعة وتدخل بمقتضاها كل من سبتة ومليلية في علاقات اقتصادية مع النسيج الاقتصادي لمحيطها وتَقْطَع مع اقتصاد التهريب.

كان قاضي التحقيق الإسباني قد أصدر أمراً بالاستماع إلى إبراهيم غالي للاشتباه في تورطه في تهم التعذيب والاغتصاب. ما مصير الدعوى والمَعنيّ بها موجود في الأراضي الإسبانية؟ وهل تصرفت وزارة الخارجية فوق سلطة العدالة؟

في هذا الصدد يجدُر بي تصويب ما يروج عند البعض مِن أنّ القضاء الإسباني أصدر أمراً باعتقال إبراهيم غالي. فالصواب هو توجيه استدعاء لإبراهيم غالي من طرف قاضي التحقيق للاستماع إليه في موضوع اتهامات ضده من قِبَل جمعيات وأفراد بخصوص ارتكابه أعمالاً يُجرِّمها القانون الإسباني كالإبادة والإرهاب والتعذيب والاغتيالات. وهناك مجموعة من الاتهامات الخطيرة ضد أكثر من 32 شخصاً في قيادة بوليساريو ومسؤولين جزائريين وقد وجَّه القاضي استدعاءً لهؤلاء الأشخاص، ومن بينهم إبراهيم غالي. بعض قياديي البوليساريو حين يدخلون إسبانيا يستعملون هوية وجواز سفر مزورين. لكن الأمر انفضح هذه المرة حين دخل «بن بطوش» التراب الإسباني، فاتصلت الجمعية الصحراوية لحقوق الإنسان، بالقضاء وأخبرته بأن الشخص المطلوب للاستماع إليه يوجد بإسبانيا وبهوية مزورة، وهذه تهمة أخرى يمكن أن تضاف إلى ملفه.

بمعنى أن المسطرة القضائية ستنطلق مادام المُدَّعى عليه موجود على الأراضي الإسبانية؟

يمكن للأطباء – حسب وضعيته الصحية – أنْ يقدِّروا أنّ حالته لا تسمح له بالحضور. وفي هذه الحالة، مِن المُرَجَّح أنْ يأمر القاضي الإسباني باتخاذ إجراءات احترازية كإغلاق الحدود في وجهه مثلاً. وثانياً، لا يمكن لهذا المتهم من الآن فصاعداً أن يتجاهل استدعاء القاضي له بعدما ثبَتَ توصُّلُه به للمثول أمام القضاء الإسباني، وبالتالي من حق هذا القضاء متابعته غيابياً في حالة عدم تلبية الدعوة، أما بخصوص استفهامكم حول كون تصرف الخارجية الإسبانية فوق العدالة، فإني أشك في ذلك، لأنّ العدالة الإسبانية قوية ومستقلة بشكل كبير. والآن يحقق القضاء في قضية وزير الداخلية في الحكومة السابقة السيد خورخي فيرناديس دياس بتهمة إساءة استعمال السلطة. بل أكثر من هذا، سبق للقضاء أنْ تابع ابنة ملك إسبانيا السابق خوان كارلوس، وهي أخت الملك الحالي، في قضايا اختلاسات مالية فحكمت العدالة ببراءتها بينما أدانت زوجها. فالقضاء فوق الجميع، بل وحتى القاضي مُلزَم باحترام العدالة بتطبيق القانون بشكل موضوعي وصائب. فالفصل 447 من القانون الجنائي الإسباني يعاقب القاضي – الذي عن جهل أو عدم تبصُّر- أصْدر حكماً جائراً وله أيضا حسب القانون المدني مسؤولية شخصية تجاه المتضرر بغض النظر عن الإجراءات التأديبية التي يصدرها للمجلس الأعلى للسلطة القضائية.

لقد تحركت الجمعية الصحراوية المشتكية في الوقت المناسب ولديها دعم من طرف محامين أكفاء. ولن يضيع لهم حق أمام المحاكم الإسبانية، على مختلف درجاتها، وكذلك أمام القضاء الأوروبي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.