كشف ناصر بوريطة وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي، عن تفاصيل أزمة الرباطومدريد والتي أدت إلى سحب المغرب لسفيرته بمدريد من أجل التشاور. وقال بوريطة، بأن المناورات الإسبانية تهدف إلى جعل المسؤولين عن هذه الأزمة بمثابة ضحايا، مذكرا بأنه إذا كانت هناك أزمة بين المغرب وإسبانيا، فإن ذلك يعود إلى كون مدريد عمدت بشكل سيادي، إلى المناورة مع أعداء المملكة وأن تستقبل على أراضيها شخصا "يعمل يوميا على محاربة المغرب".
في هذا الإطار قال عتيق السعيد ل"الأيام24″، أن إقدام الحكومة الإسبانية على استضافة زعيم "البوليساريو"، بأوراق مزورة على تراب الإسباني فيه تجاهل تام للمملكة المغربية، بالرغم من اعتباره موضوع متابعات قضائية في إسبانيا ذات صلة بجرائم خطيرة ضد الإنسانية، وممارسة التعذيب، والاغتصاب، والإرهاب، والاختطاف، والذي أعلن علاوة على ذلك، الحرب على المغرب، و أيضا رفضه منذ نونبر 2020 احترام اتفاق وقف إطلاق النار لسنة 1991، يعد في طابعه القانوني إهمالا للقانون الدولي الإنساني و ضرب في جوهر الاتفاقيات والمعاهدات الدولية في مجال مكافحة الإرهاب، وغيرها من ضروب المعاملة القاسية أو غير الإنسانية للبشر التي تفرض على اسبانيا واجب تفعيل المسطرة القانونية بشكل آني.
وأوضح عتيق، أن قرار اسبانيا يسيء بشكل جدي للتعاون الثنائي المغربي/الإسباني على عدة مستويات سياسيا، اقتصاديا، تجاريا، إنسانيا وأمنيا، وحيث أن المغرب كان دائما منفتحا خدوما لديمومة التعاون في جميع المجالات من المفروض أن ينال موقعا يمكنه من أن يكون شريكا يجسد لعلاقة تفاعلية مبنية على أسس الند للند ومبدأ رابح رابح، والمعاملة بالمثل وقواعد الشرف المحفزة على الاستمرارية، إلا أن مثل هذا القرار الأحادي الجانب يكشف مزاجية ردود الفعل للحكومة الاسبانية و يجعلها من منظور سياستها علاقة انتقائية تتسم بالاهتمام والطلب الملح عندما تمس قضاياها كالهجرة أو ردع الإرهاب، في حين تنكمش كلما تعلق الأمر بقضايا المغرب بالتآمر مع الجزائر ومنظمة البوليساريو الارهابية، بحيث تتراجع بشكل فجائي غير مبرر لتكون مواقفها ضبابية ملفوفة برداء العداء.
وأضاف المحلل السياسي في حديثه للموقع، أن إسبانيا بفعلها الغير مبرر بمنطق القانون و التشريعات الجنائية، برهنت بشكل فاضح تعمدها الممنهج الإساءة للمغرب بإدخال إبراهيم غالي، إلى ترابها خفية بجواز سفر مزور دون إخطار المغرب، هذا التزوير في الهوية و الوثائق الرسمية يكشف مؤامرة السلطات الاسبانية ضد بلادنا والمشاركة في عملية تزييف وثائق إدارية رسمية تسمح بالتنقل الدولي، وما عرى دسائسها أمام المنتظم الدولي ضربها بعرض الحائط حقوق الضحايا المشروعة للتقاضي و الانصاف، ثم تعمدها عن سابق إدراك عدم الإبلاغ عنه في حينه؛ قانونيا و قضائيا، بهدف التستر وإخفائه بحجج لا ترقى لحجم جرائمه المرتكبة، وبالتالي هذا التصرف الغير قانوني يضع اسبانيا أمام حالة من العبث الأمني بالقارة الاوروبية، و قد يمهد نفس المنطق الاسباني التستر على عناصر ارهابية اخرى تهدد استقرار وامن الاتحاد ككل.
وأكد المتحدث، أن المغرب بفضل الرؤية المتبصرة للملك محمد السادس، بات قوة إقليمية وقارية مشهود لأجهزته الأمنية بالريادة والنجاعة على المستوى الإقليمي والدولي، نالت بما تستحق مكانتها المرموقة والمحترمة في الساحة الدولية بسبب الوفاء بتعهداتها و دقة معلوماتها، وهو ما جعلها حريصة على مد يد العون لدول الاتحاد الأوروبي في مجال تعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب، و بالتالي قرار اسبانيا احتضان "كبير الانفصاليين" يعتبر موقفا متعارضا بشكل كبير مع جوهر علاقة الشراكة والتعاون الأمني مع المغرب، ولا يمثل نفس الجدية والفعالية في التعاطي القانوني مع مثل هاته الجرائم الإرهابية.
وزاد عتيق بالقول، بأن الوضع المتقدم للمغرب مع دول الاتحاد الأوروبي يعد سابقة في مسار نشأة الاتحاد، ومنه شكل اعترفا بجهود المغرب من جهة، و من جهة اخرى تتويجا فريدا للعلاقات الثنائية المتميزة التي أسسها الملك، و الرقي بها نموذجًا رائدا للتعاون المتوسطي بين دول الشمال والجنوب، مبرزا أن إسبانيا يبدو أنها لم تدرك بعد حجم ومكانة المملكة المغربية وقيمة شراكتها المتعددة مع الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة في العديد من القضايا الاستراتيجية، فهي الآن الخاسر الأكبر لأن المغرب قوي بموقعه وبما يقدمه لشركائه الرئيسيين، وبالتالي لن تضر اسبانيا سوى نفسها وشركائها المشتركين معه.
وأشار المحلل السياسي، بأن الملك قدم هندسة رائدة متعددة الأبعاد في مجال الهجرة واللجوء، تراعي البعد الحقوقي والجوانب الإنسانية، كما ترتكز في جوهرها على المقاربة الإدماجية، المبنية على مبادئ كونية حقوق الإنسان الواردة في المواثيق الدولية، لكن في المقابل نجد اسبانيا تنهج سياسة الاتكالية على المغرب في محاربة الهجرة الغير الشرعية وهو ما يجعل بلادنا ترفض أن تصبح "دركي الهجرة" لحماية الحدود.
وبلادنا بقيادة الملك محمد السادس، يؤكد عتيق السعيد، استطاعت أن تنال تقدير واحترام المنتظم الدولي في مجال حقوق الإنسان وتعزيز الديمقراطية وصيانة الحريات، كما حظيت بمكانة رفيعة في مجال حفظ الأمن وردع الإرهاب الدولي، شامخة بمواقفها الثابتة و الصريحة، بقدر ما تمد يد العون لشركائها لن تتوانى في الحسم بصرامة مع كل ما يمس وحدتها و ثوابتها الوطنية بأي شكل من الأشكال.