رغم كون كل من بيان وزارة الخارجية المغربية ونظيرتها الأمريكية و تغريدة توني بلينكين، لم تتضمن أي إشارة إلى موقف إدارة الرئيس الجديد جو بايدن، من قرار اعتراف واشنطن بمغربية الصحراء، إلا أن موقع "أكسيوس"، كشف أن وزير الخارجية الأمريكي، أبلغ نظيره المغربي ناصر بوريطة، خلال المحادثات الهاتفية، الجمعة، أن إدارة الرئيس الأمريكي الجديد لن تتراجع عن قرار الرئيس الأسبق دونالد ترامب، بالاعتراف بسيادة المغرب على صحرائه، في الوقت الحالي. ووفقا لهذا المنبر الإعلامي الأمريكي ، فإن تقرير وزارة الخارجية بشأن الاتصال الهاتفي لبلينكن مع بوريطة لم يشر إلى قضية الصحراء، لكن "مصدرين مطلعين على فحوى المكالمة أكدا أنه تمت مناقشتها، وأن بلينكن قال إن إدارة بايدن لن تتراجع" عن هذا القرار.
وأضاف أن كبار المسؤولين في البيت الأبيض ووزارة الخارجية أجروا مناقشات متعددة حول هذه المسألة خلال الأسابيع الأخيرة.
وبحسب كاتب المقال، المطلع على السياسة الخارجية الأمريكية، فإن القرار الذي أسفرت عنه عن هذه المناقشات هو أن الولاياتالمتحدة "لن تتراجع" عن الإعلان الذي يؤكد على مغربية الصحراء، مع العمل من أجل تعيين مبعوث أممي جديد إلى صحراء واستئناف العملية السياسية بهدف التوصل إلى تسوية نهائية على أساس المبادرة المغربية للحكم الذاتي.
وطفت على السطح، مجموعة من التساؤلات حول أسباب غياب قرار إدارة بايدن، الإبقاء على إعلان ترامب حول الصحراء المغربية، في البلاغات الرسمية التي صدرت على كل من وزارة الخارجية المغربية ونظيرتها الأمريكية، والاكتفاء بالإشارة إلى "الشراكة الاستراتيجية العريقة والعلاقة الثنائية التاريخية بين المغرب والولاياتالمتحدة".
في هذا الصدد، يرى تاج الدين الحسيني أستاذ العلوم السياسية والقانون الدولي، أن "هذه الأمر كان الكثير يتوقعونه، لأن عندما وقع الرئيس الأمريكي الأسبق دونالد ترامب، ذلك الإعلان بالاعتراف بمغربية الصحراء، لم يوقع بكيفية عشوائية على أساس أنه تغريدة في "توتير"، أو شيء من هذا القبيل، بل هو قرار رسمي تم تسجيله في السجل الفيدرالي الذي يماثل الجريدة الرسمية في المغرب والدول الأخرى، واكتسب صبغته الرسمية كذلك عندما اتخذ قرار بفتح قنصلية في الصحراء، ووجه هذا القرار إلى كل من الأمانة العامة للأمم المتحدة وإلى أعضاء مجلس الأمن، ثم بعد ذلك وزع على 193 دولة في الجمعية العامة للأمم المتحدة، وبالتالي هذا كما كان يقول ترامب، هذا الأمر بأنه يتعلق بالتزام دولة وليس التزام شخصي".
وأضاف الحسيني، في تصريح ل"الأيام24″، "نحن نعلم أنه من القواعد السارية في القانون الدولي أن الدولة قائمة والأشخاص زائلون، وبطبيعة الحال الولاياتالمتحدةالأمريكية، من مصلحتها اليوم أن يستمر الاعتراف بمغربية الصحراء، لعدة أسباب أولا يكمن ما اتخذه ترامب في الحقيقة لا يتغير من أمر الواقع شيئا، هو جاء ليؤيد موقف مجلس الأمن الذي ظهر من خلال الإشادة بمقترح حكم الذاتي الذي قدمه المغرب وكذلك بإلحاح منذ 2007 حتى الآن، من خلال الإلحاح على حل سياسي واقعي وجدي وذي مصداقية، وبالتالي هذا الحل لا يمكن إلا ان يكون مقترح الحكم الذاتي".
وأوضح المحلل السياسي، أن "الولاياتالمتحدةالأمريكية عندما تقوم بمثل هذا الموقف فهي تعطي دفعة قوية للمسار الذي اعتمدته الأممالمتحدة نفسها، ولا شك إطلاقا في ذلك، وبالتالي هي في الحقيقة مساهمة في السلام والاستقرار في المنطقة ودعم للأمم المتحدة لتصل إلى تنفيذ الحكم الذاتي، وهي قوة عظمى متفوقة، وهي التي تحرر مشاريع مجلس الأمن، وهي عضو متميز في مجموعة أصدقاء الصحراء، وهي تتوفر على حق فيتو وعضو دائم، ولكن أكثر من هذا وذاك هي قوة متفوقة ولو أنها في إطار التوازن متعدد الأطراف لكنها تبقى متفوقة مقارنة بالقوى الأخرى.
واعتبر أن "هذا الوزن بكل تأكيد سيكون له ما بعده فيما يتعلق بتسوية الملف، وأعتقد أنه اذا استمرت الولاياتالمتحدة في هذا الموقف فنكن على موعد قريب مع تسوية نهائية لمجموع عناصر النزاع من طرف الأممالمتحدة نفسها وسيبقى الشيء الوحيد وهو إدارة إشكالية نقل هؤلاء المهاجرين إلى وطنهم الأصلي بعد فرز أولئك الذي جاؤوا من أفريقيا جنوب الصحراء، وقامت الجزائر بتكديسهم في تندوف من أجل تبرير مطالبها ومواقفها، وثم بعد ذلك يمكن أن يشرع فعليا في تطبيق الحكم الذاتي، وبالتالي موقف الولاياتالمتحدةالأمريكية له أهميته القصوى.
ولفت الحسيني، إلى أن "تصريحات وزير الخارجية الأمريكية لم تنقل بصفة رسمية في البلاغات الرسمية التي صدرت عن الولاياتالمتحدةالأمريكية أو عن المغرب لكن إحدى المؤسسات الإعلامية الأمريكية، استطاعت أن تأخذ بعض العناصر التجاوب التي وقع بين وزير الخارجية الأمريكي ونظيره المغربي ناصر بوريطة خلال المحادثات الهاتفية، والذي أكدته من خلال أن بلينكن أكد أن إدارة الرئيس جو بايدن، ستستمر في الحفاظ على ما تحقق فيما يتعلق بالصحراء المغربية، من طرف الإدارة السابقة لدونالد ترامب".
وأشار إلى أن "هذا الموقف لا يرتبط فقط بمجرد التعبير عن اعتراف من عدمه، هو يرتبط بمصالح حيوية، أمريكا في حاجة إلى صياغتها في علاقاتها مع المغرب، رغم كون هذا الأخير يعتبر من طرف الأمريكيين حليف استراتيجي خارج الحلف الأطلسي، هناك تعقد ندوات سنوية للحوار الاستراتيجي بين البلدين، ويشارك في مناورات عسكرية بين البلدين، لأن المغرب له الآن نوع من الأولوية لدى الولاياتالمتحدة".
وكان وزير الخارجية الأمريكي قد ابرز خلال محادثاته مع بوريطة، "الشراكة الاستراتيجية العريقة بين المغرب والولاياتالمتحدة "، مشيدا ب"العلاقة الثنائية التاريخية ذات المنفعة المتبادلة والقائمة على القيم والمصالح المشتركة في مجال السلم والأمن والازدهار الإقليمي".
وذكرت وزارة الخارجية الأمريكية في بيان لها أن " كاتب الدولة الأمريكي والوزير بوريطة، ناقشا الإصلاحات "الهامة" التي شهدها المغرب على مدى العقدين الماضيين تحت قيادة الملك محمد السادس.
وخلال هذه المباحثات، أشاد رئيس الدبلوماسية الأمريكية ب"الدور الريادي" لجلالة الملك في مكافحة التغير المناخي والاستثمار في الطاقات المتجددة، وشجع المغرب "على المساعدة في تعزيز النمو الاقتصادي الأخضر والتنمية في إفريقيا".
كما ناقش الوزيران "سبل تكثيف التعاون في إفريقيا لتعزيز الازدهار الاقتصادي والاستقرار". وشدد بلينكن في هذا الصدد على "الدور المحوري للمغرب في تعزيز الاستقرار في منطقة الساحل وليبيا".