وجه المغرب، رسالة إلى إسبانيا، للحصول على أجوبة، على خلفية استقبالها زعيم "البوليساريو"، إبراهيم غالي، المتابع من طرف العدالة الإسبانية على خلفية جرائم إبادة والإرهاب، على أراضيها، بهوية جزائرية مزيفة. وجاء ذلك على لسان وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج ناصر بوريطة، في حوار خص به وكالة الأنباء الإسبانية "إفي"، السبت، أكد من خلاله أن المغرب لم يتلق حتى الآن إجابات من مدريد على الأسئلة التي طرحها ضمن بلاغ نشره الأحد الماضي.
وقال الوزير ولماذا اعتبرت السلطات الإسبانية أنه لا داعي لإبلاغ المغرب ؟، لماذا فضلت التنسيق مع خصوم المغرب ؟، هل من الطبيعي أن نعلم بهذا الأمر من الصحافة ؟"، متسائلا حول ما إذا كانت إسبانيا "ترغب في التضحية بالعلاقات الثنائية" بسبب حالة المدعو إبراهيم غالي.
كما ذكر بأن المغرب طالما ساند إسبانيا في مواجهة النزعة الانفصالية بكتالونيا.
والتوتر الذي تعيشه العلاقات بين الرباطومدريد على خلفية استقبال إسبانيا زعيم جبهة البوليساريو، إبراهيم غالي، بهوية جزائرية مزيفة، قد دفع الرباط إلى إشعار مدريد بتأجيل جديد للاجتماع رفيع المستوى بين البلدين، والذي كان مقررا خلال الشهر الحالي.
ووفقا لما أوردته تقارير محلية، فإن هذا تأجيل هذه الاجتماعات بين مسؤولي البلدين، التي تدخل في إطار الاستعدادات للقمة المشتركة رفيعة المستوى بين البلدين، يأتي بعد استقبال إسبانيا زعيم جبهة "البوليساريو"، وهو الأمر الذي أغضب الرباط. فهل نشهد نهاية قريبة لإنهاء أزمة استقبال إسبانيا لزعيم 'البوليساريو" على أراضيها؟ أم نتجه لمزيد من التوتر بين البلدين؟ أسئلة وأخرى، سارعت وزيرة الخارجية الإسبانية أرانشا غونزاليس لايا للإجابة عنها قبل قرار المغرب استدعاء سفير مدريدبالرباط، بتأكيدها على أن العلاقات مع المملكة المغربية لن تتأثر بعد أن استقبلت بلادها زعيم جبهة البوليساريو لتلقي العلاج على أراضيها.
وقالت أرانشا غونزاليس لايا خلال مؤتمر صحافي إن "ذلك لا يمنع أو يربك العلاقات الممتازة التي تربط إسبانيا بالمغرب". وأضافت أن المغرب "شريك مميز لإسبانيا "على الأصعدة الاقتصادية والسياسية والهجرة والشركات ومكافحة التغير المناخي، ولن يتغير ذلك".
تاج الدين الحسيني أستاذ العلوم السياسية والقانون الدولي في تعليقه، على التطورات التي تشهدها العلاقات بين الرباطومدريد على خلفية استقبال هذه الأخيرة لزعيم البوليساريو على أراضيها، اعتبر أن "هناك نوعا من الضغط الذي يمارسه المغرب على الجارة الشمالية لتحديد المواقف أكثر من إعطاء التفسيرات".
واعتبر المحلل السياسي، في تصريح ل"الأيام24″، أن "إسبانيا حاولت أن تعطي تفسيرا لم يقبل من طرف المغرب على الإطلاق، وهو أن الأمر يتعلق بأسباب إنسانية وصحية، وهذا شيء غير مقبول لأن العملية لم تتم في إطار أسباب الإنسانية، لكن تمت في إطار تواطؤ مكشوف بين السلطات الإسبانية ونظيرتها الجزائرية على أعلى مستوى، حيث أن الرئيس الجزائري طالب تمتيع هذا الرجل بهذا الاستثناء وسخرت طائرة خاصة لنقله وتم تزوير هويته".
وأضاف الحسيني، أن "الأعمال التي حدثت فقط على المستوى الجنائي هي خطيرة، الأمر يتعلق بتزوير واستعماله وانتحال صفة والالتفاف على السلطات القضائية ليس فقط الإسبانية بل كذلك الأوروبية وهذه أشياء تشكل أعمال جنائية القانون الإسباني نفسه يعاقب عليها وبالتالي هذا النوع من التواطؤ لسواد عيون إبراهيم غالي، زعيم جبهة البوليساريو، يذكر المغرب بأن موقف إسبانيا من العلاقات السيادية المغربية ليس في نفس المستوى وليس نفس المعاملة، مع أن المغرب يطالب المعاملة بالمثل، وكان هذا واضحا في المقارنة بين موقف المغرب من الكتالونيين عندما حاولوا ربط الاتصال مع الرباط، التي اشترطت إن كان أي كتالوني يريد أن يزور المغرب، فيجب حضور السفير الإسباني بالمغرب".
ولفت الخبير أستاذ العلاقات الدولية، أنه "بالتالي على أنهم مواطنون إسبانيون، لا حاجة إلى بعث أو التمسك بمسألة الانفصال وبالتالي الآن أعتقد أن المغرب سار في اتجاه متشدد أكثر مما كان ينتظره الجميع، وهو أنه وضع العلاقات بين الرباطومدريد على كفتين إما أن تعتبروا أنكم تتحلفون مع هذا الرجل وتخصصون له طائرة خاصة وتزورن من أجله وتفعلون كل هذه الأشياء وإما أنكم تفضلون العلاقات مع شريك استراتيجي تمارسون معه علاقات تجارية أنتم الذين تستفيدون منها بدرجة أولى، علاقات استثمار تحتلون فيها الدرجة الثانية أو الثالثة، علاقات تعاون في ميدان الهجرة غير الشرعية وكذلك محاربة الإرهاب والجريمة المنظمة".
وأوضح المحلل السياسي، أنه "حتى في مسألة الهجرة، ربما حتى الإسبان في وقت ما كانوا يعتقدون بأن المغرب ينبغي أن يكون دركي أوروبا لمنع وصول أفارقة من جنوب الصحراء إلى الأراضي الإسبانية وحتى هذه مسألة يجب التذكير بها، لأن المسألة تتعلق بتعاون شمولي ينبغي أن يقوم على التزامات متبادلة وليس فقط تسليم مبالغ مالية للحكومة المغربية، لتقوم الرباط بهذا النوع من دور الدركي".
وشدد المحلل السياسي، أن "هذا يعني إسبانيا بعبارة أخرى، عندما يتعلق الأمر بالإرهاب والهجرة غير الشرعية إلخ..، يصبح المغرب صديقا ويتم التعاون معه في أحسن الظروف إلخ، وعندما يتعلق الأمر بأشياء أخرى مثل إرضاء النظام الجزائري فقط، تتحول إسبانيا إلى عدو شرس بهذا الشكل، وبالتالي هذه المفارقة الغريبة ومعاملة مدريد للرباط، بهذا المستويين، هو الذي جعل المغرب يعبر ليس فقط عن أسفه، وكذلك عن إحباطه وهي كلمة مؤثرة جدا بهذا الخصوص، وبالتالي أعتقد إذا أنه كانت مسؤولية إسبانيا التي تتقاذفها رياح التنافس بين الحزبين الشعبي الديمقراطي وحزب الاشتراكي، ولكن في نفس بين أحزاب أخرى متطرفة مثل حزب اليسار وحزب بوديموس وفوكس الإسباني".
ولفت الحسيني، أن "هذ النوع من التطرف الذي أصبح يقتحم مدار اتخاذ القرار في إسبانيا سواء على المستوى التسييري أو حتى على مستوى المعارضة يلقي بظلاله بقوة على العلاقات المغربية الإسبانية، وأظن أنه بالنظر إلى التاريخ نلاحظ أن هذا النوع التوتر هو مسألة عادية تقريبا في العلاقات بين الرباطومدريد، لكن هناك ثوابت أساسية ينبغي على الطرفين أن يأخذاها في عين الاعتبار وهي مسألة الجوار الجغرافي وهي من الثوابت التي لا يمكن تغييرها ثم كذلك العلاقات الاستراتيجية القائمة بين الطرفين كالاقتصاد والسياسية والمسائل الاجتماعية والثقافية، يعني هناك عدة عناصر تكون هذا النوع من الرابطة القوية بين إسبانيا والمغرب".
وأكد أستاذ العلاقات الدولية، أن "مدريد كذلك هي عضو في مجموعة أصدقاء الصحراء، وتؤثر بقوة في ألية اتخاذ القرار داخل مجلس الأمن رغم أنها ليس عضوا دائما فيه، وبالتالي في اعتقادي بأن الأمور تعود كما عودتنا إلى ممارساتها السابقة عندما توجهت السلطات الإسبانية بإبلاغ لرئيس المخابرات المغربية في مقر السفارة المغربية بمدريد، تارة ثائرة المغرب واحتج، وكان إنهاء هذا النزاع في إطار تقديم اعتذار إسباني، ولس الاعتذار لوحده بل توشيح هذا المسؤول بأعلى وسام في إسبانيا، وهذا يظهر أنه في نهاية المطاف أن مدريد رغم الأخطاء التي ترتكب تعود ولو متأخرة إلى جادة الصواب، لتلح على استمرار هذه العلاقات بين البلدين".
وذكر الحسيني "يجب أن لا ننسى أن مراكز الصيد البحري في إسبانيا تستفيد من السواحل المغربية بشكل كبير، ولا ننسى كذلك أن المغرب يشكل درعا واقيا عن الهجرة غير القانونية من قلب إفريقيا نحو إسبانيا، ولا ننسى أن المغرب يذكر إسبانيا من حين لآخر بما يقدمه من خدمات على مستوى الاستخبارات ونقل المعلومات بالنسبة لحالات الخلايا الإرهابية التي يتم تشكليها قبل أن تشرع في تنفيذ مخططاتها، لا ننسى كذلك أن المغرب يتمتع بمركز بما الوضع المتقدم داخل الاتحاد الأوروبي، وإسبانيا عضو داخل هذا الاتحاد، ولو أنه أقل من عضو لكنه أكثر من شريك".
وأشار إلى أنه "لا ننسى كذلك أن المغرب وإسبانيا يتقاسمان علاقات متداخلة في الجالية الكبرى ربما هي الثانية في أوروبا بعد فرنسا موجودة في إسبانيا، وفي المغرب توجد حوالي 600 شركة إسبانية في ميادين الاستثمار المتعددة وبالتالي هذا النوع من التداخل، في المصالح يفرض على الإسبان، ليس فقط أن يحترموا المغرب بل أن يراعوا حساسيات الخاصة المتعلقة بسيادته الوطنية، خاصة وأن قضية الصحراء ليس في الحقيقة قضية عاهل البلاد أو قضية الحكومة أو الأحزاب هي قضية كل فئات الشعب المغربي، بدون استثناء، وبالتالي وهنا تأتي خطورة ما قامت به إسبانيا فيما يتعلق باستقبال زعيم البوليساريو في مثل هذه الظروف".