يبدو أن العلاقات المغربية السعودية، مقبلة، خلال السنة الجارية، على مرحلة مهمة يسعى من خلالها البلدان إلى تعزيز الشراكة الاستراتيجية القائمة بينهما على كافة المستويات، ذات الاهتمام المشترك. فبعد إنهاء السعودية لملف المصالحة مع قطر، اختارت الرياض التركيز على تعزيز العلاقة الاستراتيجية القائمة بينها وبين بلدان صديقة، ومن بينها المغرب، حيث عقد مجلس الأعمال المغربي السعودي، اليوم الثلاثاء، اجتماع عمل عن بعد، تم خلاله بحث آليات تفعيل التعاون الاقتصادي والتجاري والشراكة بين رجال الأعمال بالبلدين.
وشكل هذا اللقاء مناسبة تطرق خلالها الجانبان لعدد من النقاط المتعلقة بالصعوبات والعوائق التي تواجه أصحاب الأعمال، ومشروع الصندوق الاستثماري وضرورة تنظيم الدورة المقبلة لملتقى المملكتين.
وبهذه المناسبة، قال رئيس مجلس الأعمال المغربي السعودي خالد بنجلون، في كلمة بالمناسبة، إن لقاء اليوم ينعقد في سياق عالمي جهوي جديد ومتغير جراء وباء كوفيد-19 نتجت عنه كل هذه الأزمات الوبائية والاقتصادية التي يعرفها العالم، لكن رغم ذلك، فهذا الاجتماع، يضيف بنجلون، يشكل فرصة جديدة للتركيز على ضرورة إعطاء دفعة جديدة للتعاون الاقتصادي الثنائي.
وفي هذا السياق، دعا بنجلون إلى العمل على تحويل المنافسة إلى مكتسب تجاري مشترك لتعزيز أفق التعاون، والنفاذ إلى أسواق أخرى خاصة منها الإفريقية خاصة وأن المغرب بحكم موقعه الجغرافي وعلاقته المتميزة مع معظم الدول الإفريقية، يمكن أن يساعد في هذا الاتجاه.
وفي هذا الصدد، اقترح بنجلون جملة من الأهداف من قبيل تحديد القطاعات ذات الأولوية في التنمية الاقتصادية، والعمل على تخفيف القيود الإدارية على التصدير والاستيراد للمقاولات بالبلدين، وانشاء لجنة مختلطة لدراسة كل العوائق التي تقف في وجه رجال الأعمال السعوديين والمغاربة أثناء تنفيذ أعمالهم التجارية أو الاستثمارية واقتراح حلول على المسؤولين والسلطات.
كما دعا إلى إنشاء صندوق استثماري مغربي سعودي ل"تسهيل ودعم (خاصة الدعم المالي) المقاولات الصغرى والمتوسطة في البلدين للدخول إلى أسواق البلدين وتشجيع الشراكات بين المقاولات المغربية والسعودية"، مبرزا أن إنشاء هذا الصندوق مهم خاصة وأن أغلبية المقاولات في المغرب هي صغرى و متوسطة، (98 في المائة)، وليس لديها الإمكانات اللوجستيكية، والتجارية أو المالية لولوج السوق السعودي. وطالب بالعمل على تنظيم النسخة الثانية لمعرض ملتقى المملكتين في أقرب وقت، والعمل على إقناع سلطات المملكتين على إنشاء خط بحري مباشر بين البلدين، وهو ما من شأنه أن يدعم الصادرات في الاتجاهين.
من جانبه، قال رئيس الاتحاد العام لمقاولات المغرب، شكيب العلج، إن مجلس الأعمال المغربي السعودي، يشكل أكثر المجالس نشاطا في الاتحاد، رغم تأخر أشغاله هذه السنة بسبب الجائحة.
واعتبر أن العلاقات بين البلدين من أكثر العلاقات استقرارا في العالم العربي، مذكرا بأنها شهدت تطورات متتالية في المجالات الثقافية والاقتصادية والسياسية، وتم التوقيع على العديد من الاتفاقيات التي أسهمت في زيادة وتيرة المبادلات التجارية بين البلدين، مضيفا أن حجم التعاون التجاري الثنائي بلغ سنة 2019، 14,5 مليار درهم، (1,6 مليار للصادرات المغربية و12,8 للواردات).
وأوضح أنه رغم متانة العلاقات السياسية بين البلدين، إلى أن العلاقات الاقتصادية بين المملكتين، لا تستغل كل الإ مكانات المتاحة، كما هو متوقع من قبل الفاعلين الاقتصاديين في البلدين، مشيرا إلى أن ما يقارب 250 شركة سعودية تتواجد في المغرب بينما هناك في المقابل أقل من 20 شركة مغربية موجودة في السعودية.
من جهة أخرى، أوضح رئيس مجلس الغرف السعودية عجلان بن عبد العزيز العجلان، أن دور مجلس الأعمال المغربي السعودي المشترك يساهم بشكل كبير في الدفع بالعلاقات الاقتصادية نحو المزيد من التطور والنمو.
وفي هذا الصدد، عبر العجلان عن طموحه في أن يساهم هذا اللقاء في تسريع الخطى نحو تفعيل نشاط المجلس ووضع الآليات العملية لتنفيذ بنوده ومتابعة مقرراته، واستكشاف سبل تطوير عمليات التبادل التجاري، وبحث الفرص الاستثمارية في المجالات المختلفة ومناقشة الآليات التي من شأنها تبسيط المساطر لتحقيق هذه الأهداف.
كما أعرب عن أمله في أن تتوج أشغال هذا الاجتماع بوضع آليات عملية لتعزيز العلاقات الاقتصادية بين المملكتين، من خلال الاتفاق على حزمة من الآليات للعمل عليها من قبل الطرفين، بهدف الارتقاء بحجم ونوع العلاقات التجارية والاستثمارية.