تتزايد مظاهر العودة إلى الالتزام الديني بشكل ملحوظ في شهر رمضان، و ذلك من خلال الإقبال الكثيف على المساجد التي تملأ فيها الصفوف على آخرها، انقطاع مجموعة من الناس عن العادات و السلوكات السيئة كشرب الخمر..،لجوء الإناث إلى لباس أكثر حشمة. مجموعة من المظاهر لا تحصر عند هذا الحد، تطفو إلى السطح بمجرد دخول شهر رمضان و تختفي باختفائه حيث يلاحظ أن هذا التعبد يبقى حبيس المساجد ولا ينعكس دائما على السلوك الفعلي للأفراد في المجتمع الأمر الذي يتنافى مع جوهر الصيام و مقاصده . ومن هذا المنطلق نجد أنه من الطبيعي أن تشكل الطقوس المصاحبة لشهر رمضان موضوع تأمل جدي للمهتمين بالظاهرة الدينية، وبالسلوك الاجتماعي، حيث يرى الأستاذ و الباحث في علم النفس الاجتماعي، محسن بن زاكور، أن الظاهرة لها علاقة بتمثلات المغاربة لمستويات الإيمان وطريقة تدينهم التي تشكلت من خلال سلوكهم على مر العصور. مضيفا أن من بين أبرز تجليات هذا السلوك هو الإقبال على المساجد و ارتفاع نسبة الاستهلاك و كثرة المشاجرات و سرعة الانفعال، أوما يصطلح عليه بالدارجة "الترمضينة" فضلا عن الإقبال على مشاهدة البرامج التلفزية بكثرة. وأكد بن زاكور في حديثه ل"الأيام24" أن علاقة المغاربة برمضان انتقلت من بعدها الديني إلى بعدها الاجتماعي،معتبرا أن المجتمع المغربي خرج من صورته التقليدية التي كان يسود فيها نمط ثقافي معين، ليدخل في صورة جديدة في العلاقات الاجتماعية المبنية على اختيارات الأفراد وتعدد الرؤى حيث هناك من يخصص وقته للعبادة و هناك من يخصص وقته للنوم و لا يفيق إلا بعد آذان المغرب، وهناك من يكرس وقته للعمل، كما يوجد من يعلن حقه في الإفطار العلني من جهة أخرى، و بالتالي انتقلنا لبعد قيمي جديد من ثقافة الجماعة لثقافة الفردانية.ويجد بن زاكور أن للدولة و المؤسسات مسؤولية كبيرة في تكريس هذه الثقافة و يعتبر أنها ساهمت في قولبة الفرد الذي خضع لمجموعة من التمثلات من خلال نشأته في ظل نظام تعليمي ومنهجية إعلامية معينة، و بالتالي يقول أستاذ علم النفس الاجتماعين إن هذه السلوكات لا يتحمل مسؤوليتها الفرد وحده بل تتداخل فيها عدة عوامل.
و من جانب آخر اعتبر ذات المتحدث أن "هذه المفارقات جعلت من علاقة بعض الأفراد برمضان طقسا اجتماعيا و محطة استراحة روحية، أكثر منه قناعة تعبدية. بن زاكور الذي أكد على أن هذه السلوكات لا تنطبق على الجميع، شدد على أهمية تفادي نعت هذه السلوكات بتهم من قبيل النفاق الاجتماعي، موضحا في هذا السياق أن للعرف و التقاليد دور كبير في توجيه سلوك الأفراد مما يحدث نوعا من المفارقات التي تكشف التدين تارة ونقيضه تارة أخرى.