سبوتنيك تعيش منطقة المغرب العربي حالة من التوتر خاصة في ظل ارتفاع وتيرة الأحداث في ليبيا والتي خلقت معها حالة من الاصطفاف الدولي لأطراف الصراع الليبية. بالأمس القريب كانت تونس في الواجهة، بعد زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، والتي صاحبها الكثير من التصريحات والتأويلات انتهت بتأكيد الرئاسة التونسية على استقلالية تونس، وعدم الاصطفاف إلى أي حلف، وأنها مع الحل السلمي للأزمة في ليبيا. الجزائر هي الأخرى أعلنت قبل أيام أن الملف الليبي يمثل أولوية، وأصبح الملف حاضرا على اجتماعات مجلس الأمن الوطني الجزائري، الذي اتخاذ إجراءات أمنية “احترازية” لحماية الحدود المشتركة مع ليبيا، وفقا لما أعلنته الرئاسة الجزائرية الجمعة. كما تناولت جلسة المجلس والتي حضرها الرئيس الجديد عبد المجيد تبون والفريق سعيد شنقريحة رئيس أركان وزارة الدفاع بالوكالة، تنشيط دور الجزائر على الصعيد الدولي خاصة في ما يتعلق بملفي ليبيا ومالي، وبصفة عامة في منطقة الساحل والصحراء وفي أفريقيا. وبشأن موقف المغرب من القضية الليبية، قال النائب عبد اللطيف وهبي عضو البرلمان المغربي، إن المغرب يتمسك بموقفه الداعم للحل السياسي. وأضاف في حديثه لوكالة الأنباء الروسية “سبوتنيك”، أن المغرب يتمسك باتفاق الصخيرات، وأن أي متغيرات على الأرض حصلت لا تعبر عن اتفاق الصخيرات هو غير معني به. من ناحيته قال عبدالعزيز النويضي، أستاذ القانون العام، بالمغرب، إن المغرب حرص على تقريب وجهات النظر من خلال عدة لقاءات سابقة جرت في مدينة الصخيرات. وأضاف في حديثه ل”سبوتنيك”، الأحد، أنه لو ترك المغرب دون تدخلات دولية لحقق نتائج إيجابية في الملف الليبي، إلا أن المغرب ليس من الدول العظمى التي يمكنها العمل بثقل على تنفيذ المسار الخاص باتفاق الصخيرات. ويرى أن المغرب حاول لعب الدور الإيجابي في الأزمة إلا أن التدخلات الدولية والإقليمية حالت دون تنفيذ الاتفاق، خاصة أنه لم ينحاز أو يقف مع طرف ضد الآخر بل وفر لهم الأرضية فقط. فيما قال الوردي العباس أستاذ القانون العام بجامعة محمد الخامس بالرباط، إن موقف المغرب ينطلق من الموقف الأممي الملزم بحل الأزمة سياسيا. وأضاف في حديثه ل”سبوتنيك”، الأحد، أن الرؤية المغربية تتماشى مع مخرجات اتفاق الصخيرات والقرارات الأممية التي تؤكد عليها الدول الأعضاء في الأممالمتحدة. وحذر من تفاقم الأزمة لما لها من انعكاسات على مستوى الأمن والسلم الدوليين في المنطقة، وبخاصة منطقة المغرب العربي، وأن هذا التخوف يجعل دول المنطقة حريصة على تسوية الأزمة، إلى جانب المبادرات الدولية الأخرى. موقف رسمي في سبتمبر/أيلول الماضي أعرب وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي المغربي ناصر بوريطة، عن أسفه لتسبب تكاثر المبادرات حيال ليبيا في تنافر بينها. وقال بوريطة، في كلمة خلال اجتماع وزاري لمجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الأفريقي انعقد بمبادرة من المغرب إن “اتفاق الصخيرات كان ولا يزال اتفاقا جيدا” معربا عن الأسف لكون تكاثر المبادرات يؤدي إلى نوع من التنافر بينها، حسبما نقلت وكالة أنباء المغرب العربي الرسمية، بحسب بوابة الوسط الليبية. ووقعت أطراف الأزمة في ليبيا في 17 ديسمبر/كانون الأول عام 2015 بمنتجع الصخيرات في المغرب اتفاقا سياسيا انبثق عنه مجلس رئاسي وحكومة الوفاق الوطني برئاسة فائز السراج، معترف بها من المجتمع الدولي، إلا أن الخطوات المتممة لهذا الاتفاق لم تنجح حتى الآن. تونس في الواجهة وفي وقت سابق، رد الرئيس التونسي قيس سعيد، على تقارير طلب تركيا استغلال أراض تونسية لدعم حكومة الوفاق في ليبيا، بقوله إن بلاده لن تسمح باستغلال أي شبر من أراضيها. وقال قيس سعيد، في كلمة خلال اجتماع بقصر قرطاج، “تونس لن تقبل أبدا أن تكون عضوا في أي تحالف أو أي اصطفاف على وجه الإطلاق، ولن تقبل استغلال أي شبر من أراضيها إلا تحت السيادة الوطنية”. وتابع الرئيس التونسي “ظهرت ادعاءات زائفة، عقب زيارة الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، إما أنها تنبع عن سوء فهم أو تقدير أو أنها تنبع من نفس المصادر التي دأبت على الافتراء والتشويه”. وأضاف “إن كان صدر موقف غير هذا من تونس أو خارج هذا الوطن، فهو غير ملزم إلا من صرح به”. وقال قيس سعيد “تونس وكل التونسيين والتونسيات حريصون على سيادة وطنهم وعلى حرية قرار الدولة التونسية، وهو أمر لا يمكن أن يكون موضوع مزايدات أو نقاش ولا توجد أي نية للدخول في أي تحالف”. من جانبها، نقلت وكالة الأنباء التركية “الأناضول” عن أردوغان قوله إن بلاده قررت “مع تونس إقامة تعاون من أجل تقديم الدعم السياسي للحكومة الشرعية في ليبيا”. وأشار أردوغان كذلك إلى أنه بحث مع الجانب التونسي الخطوات التي يمكن أن يقدموا عليها والتعاون الذي يمكن القيام به لضمان وقف إطلاق النار في ليبيا والعودة للعملية السياسية. وتابع “أنا على ثقة أنه سيكون لتونس إسهامات قيمّة للغاية وبناءة في جهود تحقيق الاستقرار بليبيا”. وعن لقائه مع الرئيس التونسي قيس سعيد، يوم الأربعاء، قال أردوغان: “ناقشنا المسألة الليبية بكل أبعادها”، مضيفا “وصلنا إلى اتفاق لتقديم الدعم اللازم إلى ليبيا من أجل استقرارها”. مصر وروسيا أفاد الكرملين أمس السبت، بأن الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، ونظيره المصري، عبد الفتاح السيسي، اتفقا، خلال اتصال هاتفي، على التنسيق المشترك بهدف إرساء الاستقرار في ليبيا. ولفت الجانبان إلى “أهمية جهود الوساطة المبذولة من قبل ألمانياوالأممالمتحدة في سياق دفع العملية السياسية قدما إلى الأمام بمشاركة كل الأطراف الليبية الأساسية”.