هي دراسة حديثة تطرح تساؤلات واستفهامات ما بعد الإسلام السياسي في المغرب، الذي زاد الاهتمام به مع أول حكومة يترأسها حزب إسلامي. وتضمن الكتاب، لمؤلفه عبد الإله سطي، خمسة فصول تسائل تمظهرات تحول الحركات الإسلامية في المغرب، سواء على مستوى الممارسة السياسية أو على مستوى خطابها السياسي. ويطرح الباحث في المدخل العام للكتاب تساؤلات مركزية تشكل بنية الإشكال الذي يعالجه العمل، والمتعلقة أساسا بماهية "ما بعد الإسلام السياسي"؟ ثم لماذا الحديث عن "ما بعد الإسلام السياسي"؟ تساؤلات يحاول العمل أن يقدم أجوبة عنها؛ عبر رصد الإطار النظري لأطروحة "ما بعد الإسلام السياسي"، ودراسة مكنونها وأصولها الفكرية؛ ثم محاولة إسقاطها على حالة الحركات الإسلامية المغربية. لذا تتوزع الدراسات المعتمدة في هذا الكتاب، ما بين ما يلامس أسس هذه الظاهرة، وما يقارب الأصول الفكرية لخطاب الحركات الإسلامية حول الدولة، والمقدس، والنخب المؤثرة والصانعة لفعلها الحركي؛ ثم طبيعة التجاذبات المتحكمة في علاقة هذه الحركات بالنسق السياسي المغربي.
وأخذ الباحث في العلوم السياسية بعين الاعتبار في إنجاز هذا المؤلف، الذي عرض بأروقة المعرض الدولي للكتاب بالدار البيضاء، تنوع الخطاب والمرجعيات الدعوية الذي تعتمدها هذه الحركات، وكذا تنوع موقعها وموقفها من الدولة الحديثة ما بين تيار طامح إلى السلطة وفق قواعد شرعية للعمل السياسي، ويخوض تجربة للقيادة الحكومة كأول فاعل يأتي من مرجعية إسلامية يقود الحكومة المغربية، وبين تيار تبنى اتجاه مخالفة القواعد الرسمية للعمل السياسي يملك تصورا بمنهجية أخرى للعمل السياسي. بيد أن تلاقي هذه التيارات يكمن في نقطة واحدة متمثلة في التحول لمرحلة ما بعد الإسلام السياسي التي أضحت تطبع خطاباتها وسلوكاتها وتصوراتها، سواء للفعل السياسي أو لمرجعية الدولة الوطنية الحديثة التي تضم هذا الفعل السياسي.