النوم عالم له أسراره وأنواعه وأمراضه، فالنوم على الظهر يختلف عن النوم على الجانب الأيسر أو الأيمن، وإذا كان المثل الشعبى يقول «نام على الجنب اللى يريحك» فإن الأهم هو أن يأتى النوم مريحاً هادئاً بعيداً عن الأرق والأحلام المفزعة. وفى محاولة للتعرف عن قرب على أحد أهم أمراض النوم، وهو ما يعرف ب«الإضرابات» يقول الدكتور طارق أسعد، أستاذ الأمراض النفسية والعصبية، مدير وحدة القياسات الفسيولوجية ومعمل النوم بمركز الطب النفسى بجامعة عين شمس، إن النوم آية من آيات الله، له قيمة حيوية فى حياتنا، وضرورى كالطعام والماء والهواء، وأجمع العلماء على أن النوم بالليل مهم جداً لصحة الأبدان، لأنه يشكل حالة من الهدوء تشمل الجهاز العصبى والعضلات، وحالة وظيفية حيوية مهمة لاستعادة النشاط وحفظ الاتزان الداخلى اللازم لإمداد الجسم والعقل بالطاقة اللازمة لمواصلة القيام بعمله.
وأضاف «أسعد» أن المصريين يعانون من أمراض النوم كغيرهم، فهناك الأرق والميل إلى النعاس أثناء النهار وتوقف التنفس أثناء النوم، لكن لوحظ مؤخراً «اضطرابات النوم» الناجمة عن القلق الزائد أو بسبب الساعة الحيوية، نتيجة عدم انتظام نمط الحياة لدى المصريين بصفة عامة، خاصة بين الشباب.
وأشار إلى أن توقف التنفس أثناء النوم يعد من أشهر الاضطرابات وفيه يتوقف التنفس لمدة 10 ثوان أو أكثر ويتكرر ذلك، ما ينتج عنه نقص فى معدل الأكسجين وزيادة ثانى أكسيد الكربون، ويصاحبه حدوث يقظات متكررة للمريض لا يشعر بها، لكنها تؤثر على كفاءة النوم، ولذلك يستيقظ المريض وهو يشعر بأن النوم غير كاف ويصاحب ذلك الميل إلى النوم أثناء النهار، مثل النوم أثناء القيادة، والنوم فى الاجتماعات، والنوم فى المواصلات وغيره.
وقال أستاذ الأمراض النفسية والعصبية، إن أشهر أنواع توقف التنفس أثناء النوم هو النوع «الاختناقى» ويكون مصحوباً بالشخير والصوت العالى أثناء النوم، وتصاحبه زيادة فى الوزن، ما يؤدى إلى قِصر الرقبة، وخطورته لا تكمن فى توقف التنفس أثناء النوم فحسب، أو الشخير والميل للنوم أثناء النهار، لكن هناك مضاعفات طبية كثيرة تنتج عن نقص الأكسجين المزمن، مثل ارتفاع ضغط الدم أو زيادة الجلطات القلبية والدماغية واضطرابات الهرمونات وغيرها من الأمراض. وعن العلاقة بين اضطرابات النوم وتناول الطعام، أوضح أنه يفضل تناول طعام خفيف قبل النوم بساعة أو ساعتين على الأقل، وهناك بعض الأطعمة من الممكن أن تساعد على النوم مثل «الألبان والأسماك والخضراوات».
وعن دور السمنة فى اضطرابات النوم، قال إن السمنة تزيد من معدل الاختناق التنفسى، كما أن عدم المرور بالنوم العميق يقلل هرمون الليثين المسئول عن الإحساس بالشبع، ولذلك يؤدى اضطراب النوم إلى السمنة.
أما المنبهات فلها دور كبير فى الإصابة بالأرق، خاصة التى تحتوى على مجموعات زائدة من الكافيين، فهى تساعد على حدوث الأرق وعدم انتظام النوم، لذا ينصح بالإقلال منها وأن يكون تناولها قبل النوم بساعات، كما أن نظام العمل المعتمد على النوبتجيات يؤثر على النوم بالسلب، لأنه يؤثر على انتظام الساعة البيولوجية للإنسان.
وعن ارتفاع نسب الإصابة بين الشباب بالأرق، أكد أن الأرق بين كبار السن نسبته أعلى من الشباب، لكن مع اختلاف نمط الحياة وعدم احترام ساعات النوم بالليل لوحظ فى الآونة الأخيرة ارتفاع نسبة مشاكل النوم بين الشباب، وساعد على ذلك انتشار وسائل التواصل الاجتماعى، التى عادة تستخدم فى أوقات متأخرة من الليل بين الشباب مما يؤثر على نظام النوم.
وينصح «أسعد» بعدم استخدام المهدئات كوسيلة لعلاج الأرق إلا تحت إشراف طبى، لأن هناك أنواعاً تؤدى إلى الاعتياد وربما تؤثر سلباً على النوم، والأفضل هو إعطاء وقت كاف للنوم فى مواعيد منتظمة، وممارسة نشاط بدنى معتدل أثناء النهار، والابتعاد عن المنبهات، وتجنب التفكير فى الضغوط والمشاكل قبل النوم، يضاف إلى ذلك علاج المشاكل النفسية التى تعد السبب الرئيسى للقلق.