دعا حكيم بن شماش رئيس مجلس المستشارين جميع الفاعلين إلى مضاعفة الجهود لتدليل العقبات التي من شأنها أن تفرمل تسريع وتيرة التطبيق الكامل للجهوية المتقدمة لما تحمله من حلول وإجابات عن المطالب الاجتماعية والتنموية، بمختلف جهات المملكة، وذلك لكي يتم المرور إلى السرعة القصوى في مسار تنزيل الجهوية كورش وطني استراتيجي يهم إعادة صياغة وبناء نسق الدولة. وحدد بن شماش هذه العقبات، – في كلمة له بمناسبة تنظيم لقاءين نظمهما، أمس الأربعاء، مكونان بمجلس المستشارين (فريق العدالة والتنمية حول موضوع اللاتمركز، ومجموعة العمل التقدمي بمجلس المستشارين حول موضوع الجهوية المتقدمة)-، في محدودية تملك مختلف الفاعلين لفكرة الجهوية المتقدمة كأهم ورش إصلاحي ببلادنا، وفي عدم صدور كل النصوص القانونية المرتبطة بهذا الورش، ُمنبها في هذا الإطار إلى عدم اختزال الجهوية المتقدمة في مجرد نصوص قانونية ومساطر إدارية، وإنما هي تغيير عميق في هياكل الدولة، ومقاربة عملية في الحكامة الترابية. وفي هذا السياق، تجدر الإشارة إلى أن الحكومة أصدرت كل النصوص القانونية المتعلقة بالجهوية باستثناء نص واحد. كما حدد هذه العقبات في غياب وجود قيادة استراتيجية للجهوية المتقدمة، تمتلك رؤية واضحة، وخارطة طريق، وقدرة على ترتيب الأولويات. هذا وقد حذر رئيس مجلس المستشارين من التلكؤ في اتخاذ المبادرة للانتقال إلى السرعة القصوى، إذ أن أي تأخر في تنزيل هذا الورش ستترتب عنه انعكاسات اجتماعية، على اعتبار أن الجهوية المتقدمة تعد أنجع الطرق لمعالجة التفاوتات المجالية والهشاشة، والاستجابة لمطالب سكان المنطقة، لما ترتكز عليه في الانصات لهموم وتطلعات وانتظارات أوسع الفئات الاجتماعية، وإشراكهم في اتخاذ القرار، سيما من خلال ممثليهم في المجالس المنتخبة. وذكر بن شماش بأن مجلس المستشارين نظم نسختين من الملتقى البرلماني للجهات، حظيت النسخة الأخيرة للملتقى المنظم في نونبر 2017 بتلاوة رسالة ملكية، شكلت مرجعا قويا وخارطة طريق بالنسبة لكل الفاعلين في هذا المجال. وتضمنت الرسالة تكليفا ملكيا للمجلس بمتابعة أطوار النقاش والحوار حول ورش الجهوية المتقدمة، وهو ما حث على الاشتغال أكثر وبذل مجهود أكبر من أجل ملامسة كل الإشكالات الهامة التي تضمنتها الرسالة الملكية بغية توفير الشروط السليمة لتسريع وتيرة تنزيل الجهوية المتقدمة كورش استراتيجي للمملكة. وأضاف أن الرسالة الملكية الموجهة إلى المشاركين في الملتقى البرلماني الثاني للجهات كانت أقوى اللحظات التي ميزت حدث الملتقى، وشكلت منهجا جديدا يندرج ضمن أهداف وروح المشروع الذي يرعاه الملك الرامي إلى إرساء نموذج تنموي جديد، ومرجعا ووثيقة هامة لورش الجهوية المتقدمة. واعتمد المجلس على منهجية نوعية في الإعداد لهذه التظاهرة الكبرى، إذ كلف فريقا من الخبراء متخصصين في هذا المجال، أعد دراسات ميدانية علمية بناء على استمارات وجهت إلى كل المجالس الجهوية، بالإضافة إلى أن الملتقى نظم ثلاث ورشات تحضيرية سابقة عرفت حضور ممثلي المجالس الجهوية والقطاعات الحكومية المعنية ورئيس جمعية رؤساء المجالس الجهوية، وتوج هذا الحدث بخلاصات وتوصيات هامة. وفي هذا الإطار، تأسف بن شماش لكون معظم هذه الخلاصات والتوصيات سواء في النسخة الأولى أو الثانية لم يتم التعامل معها بالشكل المطلوب. وقال بن شماش إن مجلس المستشارين يطلع بوظائف "برلمان الجهات" على اعتبار أنه امتداد للجماعات الترابية، كما أن الدستور أناط به اختصاصات تتعلق بالأسبقية في دراسة مشاريع القوانين المتعلقة بالجماعات الترابية وبالتنمية الجهوية. وأبرز بن شماش أن المجلس باتت له، اليوم، هوية خاصة به بحكم تركيبته المتعددة، السياسية والمجالية والاقتصادية والنقابية، في تكامل مع الوظائف الجديدة التي أقرها دستور المملكة لمجلس المستشارين، مما أضفى مقروئية جلية على نظام الثنائية المجلسية/ البرلمانية ببلادنا. وفي ختام، كلمته دعا بن شماش إلى مضاعفة الجهود لتدليل العقبات والصعاب التي تعرقل التطبيق الكامل لهذا الورش الاستراتيجي الوطني لاسيما وأننا في مرحلة تأسيسية، معتبرا أن هناك رصيدا محترما انتجته المؤسسات الوطنية والنخبة المغربية حول الموضوع، يجب استحضاره واغنائه ومراجعته باستمرار لرفع كل هذه العقبات والصعاب التي تحد من الانتقال إلى السرعة القصوى لتنزيل الورش.