لايمكن لأي مجتمع ديمقراطي أو يتلمس طريقه نحو الديمقراطية أن يعيش ويتطور دون أحزاب ديمقراطية حقيقية لها امتدادات في المجتمع وتعكس نبضه وهمومه وإنشغالاته الكثيرة في التنمية والكرامة والحريّة والعدالة. في المغرب ومنذ عقود من الزمن وبعد الاستقلال جرت عملية تقليم أظافر أحزاب انبثقت من رحم المجتمع المغربي ودافعت عن قضاياه وتطلعاته، ومقابل ذلك أنشئت أحزاب أخرى في مطبخ الإدارة وقودها الريع والفساد وبرنامجها التحياح والتشويش على قوى الصف الوطني الديمقراطي ومحاربة كل الإصلاحات التي من شأنها ان تدفع مسار الإصلاحي الديمقراطي في بلادنا وتم تمكينها في ذلك من كافة الإمكانيات والوسائل ووظفت لمصلحتها أبواق الإعلام الرسمي وجوقة من المهللين والمبشرين وفي معمعان ذلك انتشرت السرقة الموصوفة لشعارات الصف الديمقراطي كالعدالة والحريّة والديمقراطية وغيرها وتم إفراغها من محتواها. واستعمل التزوير والتدليس على أوسع نطاق خلال كل الإستحقاقات التي عرفتها بلادنا لصنع خارطة سياسية مبلقنة كانت فيها أحزاب الإدارة والطبقة السياسية النفعية والانتهازية شهود زور على نظافة المشهد. لازال كل هذا الطيف يلاحقنا إلى اليوم حيث لازال النفخ جاريا بشكل يثير الشفقة في أحزاب رأسمالها الوحيد هو البحث عن الغنيمة وتوسيع رقعة الفساد ونهب خيرات الوطن. إن إستمرار الفساد والريع والافلات من العقاب رهين بوجود أحزاب ضعيفة وغير ذات مصداقية ونخب فاسدة ولا شك ان الواقع قد أتبث أن هناك من يسعى جاهدا لإضعاف الأحزاب وشلها ووضع عراقيل أمامها كي لا تلعب الأدوار المنوطة بها وحتى لاتتحول إلى قوة حقيقية تقلب موازين القوى لصالح مصلحة المجتمع في التغيير والديمقراطية. انإ الانتقال الى دولة الحق والقانون ومن اجل ربط المسوؤلية بالمحاسبة، يتطلب رفع يد الدولة عبر وزارة الداخلية والأجهزة الأمنية عن الحقل السياسي والحزبي من أجل أحزاب قوية ديمقراطية تتنافس على برامج واضحة وتنتج نخبا كفأة ذات مصداقية، ولها غيرة على المصلحة العليا للوطن.