كشف المجلس الأعلى للحسابات، في تقرير حديث عن مهمة رقابية، أنجزها قضاة "جطو" انصبت حول مراقبة تسيير الشركة المغربية للهندسة السياحية، هذه المهمة، التي تم إنجازها سنة 2015، اتجهت إلى افتحاص بشكل خاص على المهن الرئيسية للشركة والتي تتعلق إجمالا بدراسات الهندسة السياحية وتشجيع الاستثمار في القطاع السياحي. كما تم فحص التقدم الحاصل في تنفيذ المخطط الأزرق كنموذج لتقييم مدى مساهمة الشركة في صناعة المنتوج السياحي عموما، والذي يظل الهدف الأسمى لهذه المقاولة العمومية. وتم كذلك تقييم أداء الشركة بخصوص الأنشطة الموروثة عن شركتي تهيئة وإعداد خليجي أكادير وطنجة والمتعلقة بتهيئة وتثمين هذين الخليجين، كما قام المجلس بفحص الجوانب الرئيسية للتدبير المالي الإداري للشركة. الهندسة السياحية بخصوص إنجاز الدراسات المتعلقة بالهندسة، أوضح مجلس جطو أن الشركة تدرج في برامجها السنوية الملحقة بالتقارير المعدة لفائدة مجلسها الرقابي لائحة للدراسات المزمع إنجازها لسنة معينة، ولكن دون تحديد لا مضمونها ولا الهدف من وراء إنجازها. كما لوحظ، بحسب ما أورد التقرير أن أغلب الدراسات المنجزة لم تكن مدرجة في مخطط العمل الثلاثي المعتمد من قبل الشركة، باستثناء الدراسات المتعلقة ببعض محاور رؤية 2020، ونتج عن هذا الأمر تشتت واضح في المواضيع والمواقع المعنية بدراسات المنتوج السياحي المنجزة من قبل الشركة خلال السنة الواحدة. من جهة أخرى، يضيف ذات التقرير، لوحظ عدم استغلال الدراسات التي تم إنجازها من طرف الشركة المغربية للهندسة السياحية، لا من قبل هيئات عمومية ولا من قبل مستثمرين خواص، بغرض بناء أو تثمين منتوج سياحي معين. أما فيا يتعلق بتشجيع الاستثمار في القطاع السياحي، أوضح تثرير جطو، تتمثل الحصيلة المنجزة من طرف الشركة في 158 مستثمرا محتملا تم الاتصال بهم أغلبهم (60 بالمائة) من منطقة الشرق الأوسط. غير أن عمل الشركة لم يسفر إلا عن عقد ثالث اتفاقيات، في حين لم تؤد المشاركة في التظاهرات المهنية إلى عقد أي اتفاق. وبالنظر إلى النتائج التي تم تحقيقها من طرف الشركة المغربية للهندسة السياحية، يمكن استنتاج أنه وبعد حوالي ثماني سنوات على إنشاءها، لم تتمكن الشركة من تطوير نشاط ترويجي حقيقي يمكنها من المساهمة الفعالة في الأنشطة الترويجية للاستثمار في القطاع السياحي. وبخصوص مساهمة الشركة المغربية للهندسة السياحية في تنزيل رؤية 2020 السياحية، وذلك من خلال تنفيذ عقود البرامج الجهوية المنبثقة من الرؤية المذكورة، لوحظ انخراط الشركة المغربية للهندسة السياحية، منذ توقيع عقد رؤية 2020 إلى مطلع عام 2015، في إنجاز سلسلة من الدراسات بغرض تعريف المنتوج السياحي أو اقتراح أشغال تهيئة معينة؛ ولكن دون أن تستطيع إطلاق دينامية حقيقية لإنجاز الفعلي للمشاريع التي نصت عليها عقود البرامج الجهوي، ويؤشر هذا الأمر بحسب قضاة المجلس الأعلى للحسابات، إلى غياب تخطيط مسبق من طرف الشركة يكون كفيلا بتفعيل محاور عقود البرامج الجهوية المنبثقة عن رؤية 2020. وحسب المعلومات المقدمة من طرف وزارة السياحة فإن نسبة إنجاز المشاريع المنصوص عليها في العقود الجهوية هي بحدود 0.29 بالمائة فقط بمتم شهر يونيو 2015، مع العلم أن العقود الجهوية الأولى جرى توقيعها في نونبر 2012 .وحتى لو تم اعتبار المشاريع التي هي في طور الإنجاز، فإن النسبة المذكورة لا تتجاوز 20 بالمائة. المخطط الأزرق عند انتهاء الأجل المحدد لرؤية 2010، تم إطلاق استراتيجية جديدة للتنمية السياحية تحت عنوان "رؤية 2020 " وذلك من خلال توقيع عقد برنامج 2011 2020 بتاريخ 30 نوفمبر 2010 بين الدولة والقطاع الخاص. وهدفت هذه الرؤية الجديدة إلى مضاعفة حجم القطاع السياحي، وذلك من خلال استهداف توفير 200 ألف سرير فندقي جديد أو ما يعادلها وكذا الرفع من عدد السياح المترددين على المغرب إلى 10 مليون سائح بمتم عام 2020. وبحكم مهامها، تتموقع الشركة المغربية للهندسة السياحية في قلب هذه الاستراتيجية سيما في مجال ورش "المنتوج السياحي". يوضح التقرير غير أن النتائج المحصلة من هاتين الرؤيتين الاستراتيجيتين، فيما يخص ورش "المنتوج السياحي"، تظل دون الطموحات، خاصة فيما يتعلق بمكونه الرئيسي والهيكلي وهو المخطط الأزرق. فبخصوص الرؤية الأولى، لم تتعد الطاقة الإيوائية السياحية التي ثم إنجازها نهاية 2010 ما مجموعه 5475 سريرا مقابل هدف حدد في 69990 سرير، وهو ما يمثل معدل إنجاز بلغ 7,8 بالمائة أما بالنسبة للرؤية الثانية، فقد تم حتى متم يونيو 2015، إنجاز 1576 سريرا مقابل 58540 سريرا مستهدفا، أي بنسبة إنجاز لم تتجاوز 2,7 بالمائة. الوضعية المالية للشركة مكن تحليل بعض المؤشرات المالية والمحاسبية المتعلقة بنتائج الشركة من وقوف تقرير جطو على بعض مكامن الضعف، حيث تكبدت هذه الأخيرة "نتيجة استغلال" سلبية على طول الفترة الممتدة من 2010 إلى 2014. بالإضافة إلى ما سبق، لا توفر الشركة مستوى قارا من "عائدات الاستغلال" حيث ظل متذبذبا خالل الفترة موضوع الدراسة، كما بقيت العائدات المذكورة مرتبطة بمستوى مبيعات الأراضي التي تملكها الشركة والتي تعد المصدر الرئيسي لمواردها، إلى جانب الدعم المالي الذي تحصل عليه من وزارة السياحة بمبلغ 19,7 مليون درهم سنويا. وفي هذا الصدد، تبين من خلا تحليل الوضعية المالية للشركة المغربية للهندسة السياحية أن هذه الأخيرة تعيش على بيع ممتلكاتها العقارية وليس من إنتاجها الخاص المفترض من خدمات واستشارات في ميدان الهندسة السياحية. توظيفات "مشبوهة" إلى آخر سنة 2014، يوضح تقرير المجلس الأعلى للحسابات تتوفر الشركة على 104 مستخدما منهم 81 إطارا ومهندسا بالإضافة إلى 17 متعاقدين. وقد سجل تضاعف في كتلة الأجور بين سنتي 2008 و2014. وبخصوص التوظيفات، يوضح التقرير "لوحظ أن الشركة المغربية للهندسة السياحية لم تبدأ في اللجوء إلى مسطرة طلب ترشيحات لملء المناصب الشاغرة إلا سنة 2012، وذلك بعد تعميم منشور لرئيس الحكومة متعلق بآليات تدبير التوظيفات في المؤسسات والمقاولات العمومية. أما بالنسبة للمتعاقدين المرتبطين بالشركة عن طريق عقود "الدعم والاستشارة"، يوضح تقرير المجلس، فإن "فحص الملفات المتعلقة بهذا النوع من الخدمات يظهر أن المهام المنصوص عليها في العقود المذكورة تتسم بطابع عام وغير محدد بشكل دقيق. كما تبين أنه بخصوص بعض المهام المنوطة بالمتعاقدين، فإن الشركة تتوفر بشكل مواز على أقسام تقوم بالمهام نفسها. وباستثناء متعاقدين اثنين، لم تتمكن الشركة المغربية للهندسة السياحية من الإدلاء للمجلس بوثائق تثبت قيام المتعاقدين الآخرين بأنشطة معينة لصالح الشركة؛ خاصة أن بعض العقود نصت على ضرورة قيام المتعاقد بإنجاز تقرير شهري عن الخدمات التي قدمها للشركة. فضلا عن ذلك، أظهرت التحريات أن بعض المتعاقدين مع الشركة المغربية للهندسة السياحية هم في نفس الآن موظفون مرسمون بوزارة السياحة". توصيات المجلس للشركة العمومية.. أوصى مجلس جطو الشركة العمومية بمراجعة نموذجها الاقتصادي المبني إلى حد الآن على وضعية عقارية ريعية تستفيد منها الشركة منذ نشأتها؛ وذلك لعدم انسجامه مع كونها شركة. وينبغي أن يبنى النموذج الاقتصادي الجديد للشركة على مبادئ الإنتاجية والمردودية، وبشكل عام على المبادئ التي تبنى عليها المؤسسات المنتجة لقيمة مضافة حقيقية. وبشكل عملي، فإن الشركة مدعوة لتطوير مهنة حقيقية للهندسة واااستشارة في المجال السياحي، قابلة للتسويق تجاريا لدى المستثمرين كسبيل وحيد لتمكينها من ضمان االستمرارية بشكل مستقل عن المبيعات التي تهم رصيدها العقاري وكذا دعم الدولة، خصوصا مع توفرها على أعداد مهمة من األطر والمهندسين؛ وكذلك توخي مزيد من الفعالية بشأن أعمال الترويج وجذب المستثمرين إلى القطاع السياحي. وفي هذا الصدد، يوصي المجلس الشركة بالقيام بهذه المهمة في إطار استراتيجية شاملة ومحددة بشكل جيد ومفصلة في شكل برامج عمل بأهداف واضحة قابلة للقياس تمكن من تقييم أداء الشركة في مجال الترويج والقيام بالتعديالت عند اللزوم؛ وكذلك نبه جطو الشركة ب"الحرص على الوفاء الكامل بالتزامات الشركة في مسلسل تنزيل وتفعيل السياسات العمومية في مجال السياحة، وخاصة تلك المتعلقة برؤية 2020 وعقود البرامج الجهوية المنبثقة عنها؛ وأيضا أوضح المجلس الشركة بتفعيل إجراءات كفيلة بدفع المستثمرين الذين اقتنوا بقعا أرضية من الشركة إلى احترام البنود المتعلقة بالتثمين السياحي للبقع المنصوص عليها في دفاتر التحملات، وكذا التدخل لدى الفاعلين المحليين في مجال التهيئة الحضرية للتأكد من احترام البنود المذكورة؛ وأخيرا نبه المجلس الأعلى للحسابات الشركة بضمان مزيد من الشفافية في مجال تدبير الموارد البشرية خاصة فيما يخص مسطرة التوظيف، وتجنب مراكمة بعض المستخدمين للأجور، وكذا تجنب الغموض الذي يكتنف تحديد طبيعة بعض المهام الموكلة للخبراء المتعاقدين مع الشركة.