هل كان يتوقع أحمد راتب حين وطأت قدماه أول خشبة مسرح وهو تلميذ، أنه سيقدم خلال حياته ما يناهز 300 عمل فني ما بين المسرح والسينما والتلفزيون؟ هل كان يتوقع ابن حي السيدة زينب حين غادر طوعا كلية الهندسة ليلتحق بمعهد الفنون المسرحية، أن قراره هذا، سيجعله منه إحدى أكبر القامات الفنية في العالم العربي؟ أحمد راتب الذي استطاع من خلال موهبته وجذيته الصارمة في الاشتغال على الشخصيات المقترحة عليه، التملص من الأدوار النمطية، قدم لجمهوره العديد من الشخصيات الغنية باختلافها، مازجا بين التراجيديا والكوميديا وبين أدوار الشرير وأدوار الخيّر، الأمر الذي مكنه من فرض احترام نقاد حرفة التمثيل. شكل الراحل جسرا فنيا عبر أجيال من جهابذة المسرح والسينما، فهو الذي عايش محمود المليجي وزكي رستم وفؤاد المهندس، ليلمع نجمه مع جيل أحمد زكي وسمير غانم وعادل إمام… وقاومت حرفتيه المد الجديد من أجيال الشاشة الشبان بل وكان لهم رمزا ومرجعا، من أمثال أحمد حلمي وأحمد السقا ومحمد سعد، مما يجعل منه فنانا مخضرما بامتياز. ظل نجمه ساطعا مع مرور الزمن وتعاقب الأجيال. وكان الجمهور المغربي قد اكتشفه قبل غزو قنوات "الساطيليت"، من خلال مسرحية "سك على بناتك"، مع الفنان فؤاد المهندس وسناء يونس، ولا زال يذكره في دور العسكري الاسرائيلي السكير في مسلسل "رأفت الهجان" مع محمود عبد العزيز، ثم في دور ماسح الأحدية في فيلم "الإرهاب والكباب" مع عادل إمام. هذه الأعمال وغيرها ميزها لعبه المتكرر للدور الثاني، فلم يمنعه عدم أداء دور البطولة من إعطاء لمسة فنية قوية للدور الثاني، بل جعله أكثر سحرا وجاذبية في العديد من الأحيان، بمزجه بين الشخصية المركبة والأداء البسيط، مما يدفعنا للقول، إن أحمد راتب هو بطل الدور الثاني بامتياز.