استعصى على الدولة إيجاد حل للمعادلة التي بين أيديها والسبب تعدد المجاهيل فعلماء الرياضيات يسلمون باستحالة حل معادلة تعدت مجهولين والدولة بسبب تدبيرها – الذي يتجاوز دستور المملكة- وجدت نفسها أمام معادلة يصعب فك طلاسمها، فإبان موجة الربيع العربي ونتيجة لضغط الشارع أقدمت على إصلاح دستوي فانتخابات مبكرة قادت العدالة والتنمية للحكم وكان ذلك بمثابة مخرج أسكت غليان الشارع المغربي لتتغنى بالنموذج المغربي باعتباره فريدا من نوعه ونتيجة تراكمات مكتسبات سنوات من النضال وأن المغرب لن يكون تونس أو مصر أو ليبيا لكن ما إن استتبت الأمور حتى حنت جهة ما للماضي وبدأت في مسلسل التراجعات. فالدولة تريد حكومة ذات شرعية ديمقراطية لكن على المقاس حكومة تمرر بها كل شيئ يمس القدرة الشرائية ويمس جيب المواطن وكل القرارات اللاشعبية وتتركها في اصطدام مع المواطن أي حكومة تأكل الثوم بفمها وهذا ما حصل مع رئيس الحكومة عبد الإله بن كيران الذي وجد نفسه رئيس حكومة بدون صلاحيات ومحاصرا بعدة خطوط حمراء مما دفعه إلى ذرف الدموع أكثر من مرة، أمام تسائل الجميع: هل دموع بن كيران نتيجة الضغط أم الندم على سلكه مسارا لم يكن يتوقع صعوبته، أم هي دموع التماسيح التي طالما تحدث عنها؟ من ناحية أخرى، فطيلة السنوات الخمس الماضية عملت الدولة على محاولة قتل شعبية العدالة والتنمية مع إعداد بديل للحكم، لكن رياح انتخابات 7 أكتوبر حملت ما لم تتوقعه إرادتها ليعود لها المارد من جديد، وهنا لم تجد الدولة أمامها سوى ابن سوس ليفرمل تشكيل الحكومة في انتظار إيجاد مخرج من الورطة التي وقعت فيها فهي تريد احترام الدستور وإرادة الناخبين لكنها لا تريد حكومة خارج نطاق السيطرة. يبدو أن ملف الصحراء هو الآخر يدخل ضمن نطاق هاته المعادلة الصعبة، فالدولة تريد الصحراء كجزء لا يتجزأ من المملكة لكنها تدبر الملف في غموض تام ولا تطلع أيا كان على ما يقع فيه، لكن عند وصول الملف إلى النفق المسدود تعود إلى الأحزاب السياسية والشعب المغربي وساكنة الصحراء للحديث عن الإجماع الوطني وأن الصحراويين متشبثين بمغربيتهم وتبعث الوفود هنا وهناك وما إن تهدأ العاصفة حتى تعود حليمة إلى عادتها القديمة. فالدولة تريد السلم الاجتماعي مع إضعاف الأحزاب السياسية والنقابات، كما تريد انتخابات نزيهة لكن حكومة على المقاس، حكومة متحكم فيها وتدبير ملف الصحراء دون أهلها، وهاته معادلة يصعب حلها. خلاصة القول، إن أزمة البلوكاج الحكومي وأزمة ملف الصحراء، هما نتيجة معادلة صعبة تعددت مجاهلها، ويصعب حلها ما لم يتم احترام الدستور وإشراك أهل الصحراء في تدبير الملف.. فوحدهما: المقاربة التشاركية والدستور الكفيلين بتقليص المجاهل وحل المعادلة وإخراج البلد من حالة الانتظار الكامنة نحو مستقبل يتسع للجميع. *رئيس جمعية شباب الحكم الذاتي بالصحراء