يونس أقجوج (و م ع) يفتتح البرلمان المغربي بمجلسيه، غدا الجمعة، دورته الثانية برسم السنة التشريعية 2024-2025، والتي تؤثثها نصوص تشريعية على قدر كبير من الأهمية، كما تكتنفها رهانات سياسية تضع على المحك أداء الأغلبية والمعارضة مع بدء العد العكسي للولاية الحكومية الحالية. فعلى المستوى التشريعي تتميز الدورة الربيعية للبرلمان بالتداول في مجموعة من مشاريع القوانين المهمة والمهيكلة، من قبيل المسطرة الجنائية، والمسطرة المدنية، علاوة على مشاريع قوانين أخرى لا تخلو من أهمية ومن ضمنها النص المتعلق بإصلاح أنظمة التقاعد. وليس الجانب التشريعي وحده ما يمنح هذه الدورة زخما خاصا، بل أيضا السياق السياسي الذي تنعقد فيه: سنة رابعة من ولاية برلمانية تدنو من نهايتها، حيث يرتفع منسوب التجاذبات بين الأطراف والسياسية استعدادا لمحطة 2026 الانتخابية. وفي تعليقه على سياق انعقاد هذه الدورة التشريعية، قال محمد شوكي، رئيس فريق التجمع الوطني للأحرار بمجلس النواب ( أغلبية)، إن الدخول البرلماني "الربيعي" يأتي "في سياقات سياسية واجتماعية ودولية مهمة واستثنائية تفرض علينا كأغلبية المزيد من العطاء والتضحية والالتزام". وأضاف شوكي في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء أن النصوص التشريعية التي سيتم التصويت عليها خلال هذه الدورة "تندرج ضمن نسق تشريعي وضعته الحكومة، يجسد التزامها بتنزيل الإصلاحات الهيكلية لقطاعات مهمة كالتعليم والصحة، ومواصلة الإصلاحات التي تهم منظومة العدالة وأنظمة التقاعد، مشيرا إلى أن الخيط الناظم لعمل الأغلبية الحكومية منذ بداية الولاية البرلمانية الحالية هو "طرح إصلاحات مهمة من أجل مغرب المستقبل". كما سجل أن "السنة الرابعة من أي ولاية تشريعية يكون لها طابع خاص، "حيث يرتفع منسوب المزايدات السياسية التي بدأنا نرى مظاهرها من خلال حملات بشأن بعض القضايا ذات الطابع الاجتماعي +دعم استيراد اللحوم الحمراء+"، مؤكدا أن الأغلبية البرلمانية "ستتصدى لمثل هذه الحملات". من جانبه، أكد رشيد حموني رئيس فريق التقدم والاشتراكية بمجلس النواب ( معارضة) أن الفريق سيواصل خلال دورة أبريل وما تبقى من الولاية التشريعية "ممارسة معارضة وطنية، بناءة ومسؤولة"، مشيرا إلى أن الأولويات تتجلى في "الدفاع عن قضية الوحدة الترابية للمملكة، من خلال كل المهام التي نشارك فيها في إطار الديبلوماسية البرلمانية؛ ومن خلال علاقات الصداقة التي تربط حزبنا مع أحزاب يسارية عبر العالم". وأضاف أن العمل سينصب أيضا، على "مواصلة مراقبة مدى تنفيذ البرنامج الحكومي وكذا الدفاع عن حكامة وشفافية كافة أشكال الدعم العمومي". وأكد رئيس الفريق على ضرورة الإسراع بتقديم مشاريع القوانين المتعلقة بمدونة الأسرة ومدونة الشغل، وقانون النقابات ، مسجلا في هذا الصدد أن الحكومة "وعدت بأن قانون الإضراب سيكون فقط واحدا من ضمن منظومة متكاملة لإصلاح البيئة التشريعية للشغل". وبخصوص أبرز السمات المميزة للدورة البرلمانية الربيعية ، قال محمد زين الدين، أستاذ القانون الدستوري والعلوم السياسية بجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، إن هذه المحطة التشريعية " ستكون دورة الرهانات السياسية والاجتماعية للحكومة بامتياز، بالنظر إلى طبيعة القوانين المؤسسة التي ستتم مناقشتها والتصويت عليها، وعلى رأسها مشروع قانون المسطرة المدنية ومشروع قانون المسطرة الجنائية، إلى جانب مجموعة من القوانين الأخرى كإصلاح أنظمة التقاعد، وكذلك مشروع القانون المتعلق بشروط وإجراءات بالدفع بعدم الدستورية". وأكد الأستاذ الجامعي أن هذه النصوص "ستشكل مستقبل المغرب لسنوات طوال، على اعتبار أن قوانين مثل المسطرة المدنية أو المسطرة الجنائية تظل ردحا طويلا من الزمن دون تغيير"، مسجلا أن هذه النصوص "لها خصوصية قانونية بل وسياسية أيضا، فضلا عن خصوصية تتعلق بالمنهجية التي تم التعاطي بها مع كل قانون على حدة". وأوضح في هذا السياق، أن هذه القوانين ستكون "موضع سجال قوي بين الأغلبية والمعارضة، لاسيما مع اقتراب استحقاقات 2026 الانتخابية، حيث سيسعى كل طرف للاستفادة بشكل أكبر من هذه المشاريع"، معتبرا أن تمريرها، إلى جانب القانون التنظيمي المتعلق بالإضراب "سيشكل مكسبا سياسيا مهما للحكومة في أفق الانتخابات المقبلة، فيما ستستغلها المعارضة لإثارة نقاشات مهمة". وخلص الأكاديمي إلى القول، إن الطابع الاجتماعي لمشاريع القوانين التي ستتم مناقشتها خلال دورة أبريل "يتطلب الإنصات إلى صوت الأقلية (المعارضة)، لاسيما حيال نصوص قانونية كإصلاح أنظمة التقاعد وما يكتنفه من إكراهات عملية، وكذا ما يتصل بتحريك آليات الحوار الاجتماعي".