اعتبر المجلس الاقتصادي والاجتماعي، أن مشروع القانون التنظيمي للإضراب، يحتوي عددا من النواقص، بالإضافة إلى أنه يتسم ب"اللاتوازن"، وبأنه يغلب عليه الطابع الزجري، ويخلق انطباعا غير إيجابي تجاه المبادرة التشريعية برمتها. ومن النواقص التي عددها المجلس الاقتصادي والاجتماعي، في الرأي الاستشاري، الذي أصدره بناء على إحالة من رئيس مجلس النواب بتاريخ 26/07/2024، بخصوص مشروع القانون التنظيمي رقم 97.15 المتعلق بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب، هي إغفال إفراد بيان أو مادة تمهيدية توضح روح القانون وفلسفته إلى جانب الأهداف والمقاصد المرجوة منه، مع التذكير بالأسس والمرتكزات التي ينهل منها قواعده، داعيا إلى تدارك الأمر من خلال استهلال "باب الأحكام العامة" بمواد تمهيدية تعرض المرجعيات المعيارية التي يستند إليها الحق في الإضراب والمبادئ التي تقوم عليها ممارسته، والأهداف الأساسية التي يسعى النص التشريعي إلى تحقيقها. كما أشار المجلس إلى أن المقتضيات التمهيدية قد تنص على مبادئ وأهداف من قبيل" حماية الحق الدستوري في الإضراب وضمان التوازن بين حقوق وواجبات الأطراف، بما في ذلك استمرارية المرافق العامة والاستقرار الاجتماعى والاقتصادي، والالتزام بالحوار الاجتماعي، والتفاوض لحل النزاعات قبل اللجوء إلى الإضراب، وغيرها. وأكد أن تضمين هذه المقتضيات، من شأنه أن يساعد على تحديد وتوضيح الإطار العام الذي تحتكم إليه مختلف الأطراف المعنية في فهم وتفسير وتطبيق القانون في نطاق المبادئ والأهداف المعلنة. وفيما يتعلق بالهيكلة، فقد لاحظ المجلس أن مشروع القانون التنظيمي يتسم في هيكلته ب"اللاتوازن"، مشيرا إلى أنه خصص 22 مادة من أصل 49 لممارسة حق الإضراب في القطاع الخاص، في حين لم يخصص المشروع سوى 4 مواد لممارسة نفس الحق في القطاع العام والمؤسسات العمومية. ولاحظ المجلس تغليب البعد الزجري على إطار تشريعي الغاية منه أساسا هي تنظيم حق الإضراب وإحاطته بالضمانات القانونية الضرورية لممارسته، حيث خصصت له 12 مادة من أصل 49، مما يرجح المقاربة التقييدية، ويخلق انطباعا غير إيجابي تجاه المبادرة التشريعية برمتها. ومن جهة أخرى أكد المجلس على ضرورة إجابة المشروع على إكراهات المقاولة، المتمثلة في زيادة الإنتاجية والتنافسية وخلق القيمة، بالإضافة إل حسن سير المرافق العمومية واستمراريتها خدمة للمرتفقين والمواطنين من جهة، مع ضمان تحسين المصالح المادية والمعنوية للأجراء والموظفين، وتأكيد حقهم في اللجوء إلى الإضراب كآلية قانونية للدفاع عن هذه المصالح من جهة أخرى؛ مراعاة الممارسات الإيجابية المتجذرة والتجارب العملية لبلادنا والعمل على إدماجها، مع استشراف الإكراهات الجديدة المحتملة وتطورات الأنماط الجديدة للتشغيل (العمل عن بعد، العمل عبر المنصات...). كما أوصى بمواكبة هذا التشريع باستكمال تنظيم العلاقات الشغلية بالنصوص القانونية اللازمة، بإصدار القانون المتعلق بالنقابات، وتحيين وملاءمة مقتضيات مدونة الشغل، وتقوية الحوار الاجتماعي وآليات الوساطة والتحكيم، وتعزيز مكانة مفتشية الشغل وتقوية أدوارها باعتبارها مؤسسية محورية في علاقات الشغل وتدبير نزاعاته، وكل ذلك تعزيزا لثقافة الحوار والتفاوض وفض نزاعات الشغل سلميا، وبما يسند التوازن بين مصالح الشغيلة والمشغلين ويحفظ مصلحة المجتمع.