أعلن الجيش الإسرائيلي الثلاثاء أنه سيطر على الجانب الفلسطيني من معبر رفح الفاصل بين قطاع غزة ومصر، بعد ليلة من القصف العنيف على رفح، وغداة إعلان حركة حماس موافقتها على مقترح لهدنة طويلة في حربها مع إسرائيل. وتأتي التطورات العسكرية المتسارعة على الأرض قبل ساعات من محادثات جديدة يفترض أن تعقد في القاهرة لمحاولة إبرام اتفاق الهدنة سيشارك فيها ممثلون عن الدول الوسيطة الولاياتالمتحدةوقطر ومصر، بالإضافة الى وفدين إسرائيلي ومن حركة حماس. وقال متحدث باسم الجيش الإسرائيلي صباح الثلاثاء "في الوقت الحالي، هناك قوات خاصة تفتّش معبر" رفح، "لدينا سيطرة عملانية على المنطقة والمعابر الأخرى ولدينا قوات خاصة تقوم بمسح المنطقة". وأوضح "نحن نتحدث فقط عن الجانب الغزاوي من معبر رفح". ووزّع الجيش مقطع فيديو يظهر دخول دبابة إسرائيلية المعبر حيث زرع علم إسرائيلي وتتقدّم في المنطقة الخالية. في هذا الوقت، أفادت وكالة الأنباء الفرنسية في مدينة رفح وشهود ومصادر أمنية فلسطينية عن سماع أصوات غارات جوية متكرّرة الليلة الماضية في أنحاء عدة من المدينة، بالإضافة الى أصوات قصف مدفعي عنيف ومتواصل واشتباكات في المناطق الشرقية لمدينة رفح التي طلب الجيش الإسرائيلي إخلاءها أمس. وأفاد الدفاع المدني في قطاع غزة بسقوط "العديد من القتلى" ليل الاثنين الثلاثاء في رفح. وأعلن المستشفى الكويتي في المدينة "وصول 11 قتيلا وعشرات الجرحى". وتهدّد إسرائيل منذ أسابيع بتوسيع هجومها البري ليشمل رفح التي تعتبرها المعقل الأخير لحماس، وحيث يتكدّس 1,2 مليون فلسطيني معظمهم نزحوا بسبب القتال. وتنفّذ إسرائيل منذ 27 أكتوبر عمليات برية في القطاع الفلسطيني. ودعا الجيش الإسرائيلي الاثنين الى إخلاء المناطق الشرقية من رفح وتوجّه سكانها نحو "مناطق إنسانية" في المواصي الى شمال شرق رفح. واستجاب عدد من الفلسطينيين لطلب الإخلاء، وإن لم يكن في الإمكان إحصاء عددهم أو الوصول الى أي منطقة إنسانية من تلك التي حدّدها الجيش. وأكد الجيش أنه قام بتوسيع "المنطقة الإنسانية في المواصي التي تشمل مستشفيات ميدانية وخيما وكميات كبيرة من الأغذية والمياه والأدوية وغيرها من الإمدادات". ومساء الثلاثاء، وبينما كانت إسرائيل بدأت بقصف المناطق الشرقية من المدينة الواقعة في أقصى جنوب قطاع غزة، أعلنت حماس أنها أبلغت الوسيطين القطري والمصري "موافقتها على مقترحهما" للهدنة. وأوضح القيادي في حركة حماس خليل الحية لقناة "الجزيرة" القطرية أنّ المقترح يتضمّن ثلاث مراحل، مدة كلّ منها من 42 يوما، "بهدف الوصول الى وقف دائم لإطلاق النار"، مضيفا أنّ الصيغة تشمل "انسحابا كاملا من غزة وعودة النازحين وتبادلا للأسرى". في المقابل، قال مكتب رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو في بيان عقب اجتماع لحكومة الحرب إنه "رغم أنّ مقترح حماس لا يلبّي مطالب إسرائيل الأساسية، فإنّ إسرائيل سترسل وفدا للقاء الوسطاء". في الوقت ذاته، أعلن البيان أن "حكومة الحرب قرّرت بالإجماع أن تواصل إسرائيل العملية في رفح لممارسة ضغط عسكري على حماس من أجل المضي قدما في الإفراج عن رهائننا وتحقيق بقية أهداف الحرب". وتعهدت إسرائيل، ردّا على الهجوم، "القضاء" على حماس. وتنفذ منذ ذلك الوقت، حملة قصف مدمّرة وعمليات برية في قطاع غزة، تسبّبت بسقوط 34735 قتيلا غالبيتهم مدنيون، وفق وزارة الصحة التابعة لحماس. وترفض إسرائيل الانسحاب الكامل لقواتها من غزة والوقف الدائم لإطلاق النار، قائلة إن الهدف هو "هزيمة" حماس لكي لا تتكرّر أحداث 7 أكتوبر. وبعد الإعلان الإسرائيلي عن إرسال وفد الى القاهرة، أعلن الناطق الرسمي باسم وزارة الخارجية القطرية ماجد بن محمد الأنصاري، وفق ما نقلت وكالة الأنباء القطرية "قنا"، أن "وفدا قطريا سيتوجّه صباح الثلاثاء إلى القاهرة لاستئناف المفاوضات غير المباشرة بين الطرفين (الإسرائيلي والفلسطيني) عبر الوسطاء". وأعرب عن "أمل دولة قطر في أن تتوّج الجولة بالتوصل إلى اتفاق وقف فوري ودائم لإطلاق النار في قطاع غزة وتبادل الأسرى والمحتجزين وإدخال المساعدات الإنسانية بشكل مستدام إلى كافة مناطق القطاع". في عدد من مناطق قطاع غزة، احتفل فلسطينيون مساء الاثنين بإعلان حماس قبول مقترح الهدنة، آملين في انتهاء الحرب. في تل أبيب، حصلت صدامات ليلا بين الشرطة الإسرائيلية ومتظاهرين يطالبون بأن توافق الحكومة الإسرائيلية على الهدنة ليتمّ الإفراج عن الرهائن. واعتبر منتدى عائلات الرهائن أن "الوقت حان لجميع الأطراف المعنية (…) لتحويل هذه الفرصة إلى اتفاق على عودة جميع الرهائن". وقال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش "وجّهت اليوم نداءً قوياً جداً إلى الحكومة الإسرائيلية وقيادة حماس لبذل جهد إضافي من أجل التوصّل إلى اتفاق وهو أمر حيوي للغاية. هذه فرصة لا يمكن تضييعها". وقال غوتيريش إنّ "اجتياحا برّيا لرفح سيكون أمرا لا يُحتمل بسبب عواقبه الإنسانية المدمّرة وبسبب تأثيره المزعزع للاستقرار في المنطقة". كذلك، حذّرت مصر من مخاطر عملية عسكرية في رفح. وحضّ العاهل الأردني الملك عبدالله الرئيس الأميركي جو بايدن على منع وقوع "مجزرة جديدة" في رفح. وأكد بايدن مجددا الإثنين في اتصال مع نتانياهو "موقفه الواضح" إزاء اجتياح رفح، وفق ما أعلن البيت الأبيض. وقال ناطق باسم مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض "ما زلنا نعتقد أن اتفاقا بشأن الرهائن هو الوسيلة الأفضل للحفاظ على حياتهم وتجنّب اجتياح رفح حيث يلجأ أكثر من مليون شخص".