دعا رئيس مجلس المستشارين، النعم ميارة، اليوم الأربعاء بالرباط، إلى التفكير في طبيعة وأشكال التدخل وكذا الآليات المنهجية والتمويلية والمؤسساتية التي من شأنها تسريع تفعيل الجهوية المتقدمة وتشجيع الالتقائية في تدخلات السلطات العمومية، "وذلك بالنظر إلى الوضع الراهن لممارسة التنمية الجهوية". وأكد ميارة، في كلمة له في افتتاح أشغال الملتقى البرلماني الخامس للجهات، الذي ينظمه مجلس المستشارين تحت الرعاية الملكية، أن الجهة، واعتبارا لمكانة الصدارة والاختصاصات التي تحظى بها في مجال التنمية الاقتصادية، تظل المستوى الترابي الأنسب لتحقيق التقائية الاستراتيجيات التنموية القطاعية وإيجاد الانسجام بين جهود وأشكال تدخل كافة الفاعلين المعنيين بالتنمية الجهوية. وشدد من هذا المنطلق على ضرورة تعميق النقاش حول الفلسفة الكامنة وراء التوزيع الجهوي للاستثمارات العمومية "في سياق تبقى فيه الدولة هي الفاعل الرئيسي على مستوى تخصيص الموارد وعلى مستوى معادلة التنمية الجهوية"، داعيا إلى استشراف آفاق تعزيز مكانة وأدوار الجهة، كجماعة ترابية، في التنمية الاقتصادية وفي النهوض بالاستثمار العام والخاص في ضوء الآليات والتدابير الجديدة لتشجيع وتحفيز الاستثمار الخاص ودعم ريادة الأعمال المنصوص عليها في ميثاق الاستثمار. واستحضر رئيس مجلس المستشارين في هذا الصدد توصيات رأي المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، والتقرير الموضوعاتي للمجلس الأعلى للحسابات، حول موضوع الجهوية المتقدمة، مؤكدا على أهمية تثمينها وترصيدها ضمن أشغال هذا الملتقى، وكذا استحضار الخلاصات والتوصيات المنبثقة عن الدورات السابقة للملتقى البرلماني للجهات. واعتبر ميارة أن تأطير شروط وشكليات الشراكة بين الدولة والجهات عبر آلية التعاقد يحتاج إلى سند تشريعي أكثر منه إلى سند تنظيمي، مشيرا إلى أنه تم الشروع، على مستوى مجلس المستشارين، في التفكير الجدي في اتخاذ مبادرة تشريعية في هذا الشأن،" قناعة من المجلس بأهمية وملحاحية مأسسة النهج التعاقدي في هذه المرحلة الانتقالية التي يمر منها مسلسل تنزيل الجهوية المتقدمة". وأكد ضمن هذا التوجه، على ضرورة التسريع بفتح ورش الملاءمة التشريعية والتنظيمية المتعلقة باختصاصات القطاعات الوزارية ذات الصلة باختصاصات الجماعات الترابية، ومراجعة الإطار القانوني المنظم للجماعات الترابية لجعله أكثر وضوحا وتجانسا، لاسيما في ما يتعلق بتدقيق الاختصاصات وإعادة النظر في توزيعها بين الدولة والجماعات الترابية، معتبرا أن الشروط قد اكتملت، في هذه المرحلة الانتقالية، لبلورة منظومة مبادئ مشتركة بين مصالح الدولة وبين الدولة والجهات في مجال برمجة ومعادلة التنمية الجهوية. وخلص إلى أن مجلس المستشارين، سيسخر كافة الإمكانات المؤسساتية المتاحة، خاصة ما يرتبط منها بصلاحيات اللجان الدائمة، لاسيما لجنة الداخلية والجماعات الترابية والبنيات الأساسية ولجنة المالية والتخطيط والتنمية الاقتصادية، لمأسسة تتبع تنفيذ مختلف التوصيات ذات الصلة على نحو دوري ومنتظم. ويشكل الملتقى البرلماني الخامس للجهات، الذي ينظم بشراكة مع المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي وجمعية جهات المغرب والجمعية المغربية لرؤساء مجالس العمالات والأقاليم والجمعية المغربية لرؤساء مجالس الجماعات، إطارا مؤسساتيا مبتكرا لتنزيل روح الدستور، الذي ينص في فصله 137 على مساهمة الجهات والجماعات الترابية الأخرى في تفعيل السياسة العامة للدولة، وفي إعداد السياسات الترابية من خلال ممثليها في مجلس المستشارين. وتناقش الدورة الخامسة التي ت قام تحت شعار "الجهة.. فاعل رئيسي في النهوض بالتنمية المندمجة والمستدامة"، السياسة الجهوية للدولة من زاوية الالتقائية والتكامل، والاستشراف الجماعي لمداخل تطوير نظم اقتصادية محلية مندمجة وإعداد التراب وفق مقاربة شمولية ومندمجة لتحسين ظروف عيش المواطنات والمواطنين وتقليص الفوارق المجالية والاجتماعية. وتتوزع أشغال الملتقى على ثلاث محاور أساسية هي "رهانات السياسة الجهوية للدولة في مجال الاستثمار العمومي"، و"رهانات النهوض بالاستثمار الخاص على صعيد الجهات"، و"تحديات تفعيل الجيل الثاني من برامج التنمية الجهوية.