وقعت الحكومة الكولومبية و"جيش التحرير الوطني" آخر حركة تمرد ما زالت ناشطة في هذا البلد الواقع في أميركا الجنوبية، في هافانا الجمعة اتفاقا لوقف اطلاق النار لمدة ستة أشهر في جميع المناطق. ووقع اتفاق "وقف إطلاق النار الثنائي الوطني والمؤقت" في العاصمة الكوبية بحضور الرئيس الكولومبي غوستافو بيترو وزعيم "جيش التحرير الوطني" أنطونيو غارسيا، كما ذكر مراسل لوكالة فرانس برس. وقال بيترو أول رئيس يساري لكولومبيا والمتمرد السابق "هنا يولد عالم جديد وهنا تنتهي مرحلة التمرد المسلح في أميركا اللاتينية بأساطيرها وحقائقها". من جهته، عبر القائد الأول لجيش التحرير الوطني أنطونيو غارسيا عن أمله في أن تكون "عملية السلام هذه مختلفة". وقال "يجب أن نشهد تغييرات"، مشددا على أنه "لم نوقع بعد أي اتفاقات جوهرية" بل مجرد "اتفاقات إجرائية" فقط. ولم يعلن عن وجود زعيم حركة التمرد في هافانا لكن المدعي العام الكولومبي علق قبل أيام مذكرة توقيف صدرت بحقه مما سمح له بالتوجه إلى العاصمة الكوبية. وبعد مرحلة تحضيرية، يفترض أن يدخل اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ في الثالث من غشت. وقال وزير الخارجية الكوبي برونو رودريغيز بينما كان يتلو مختلف النقاط في "اتفاقات كوبا" إنه "اعتبارًا من تاريخ اليوم سيبدأ العد التنازلي ل180 يومًا". وبدفع من غوستافو بيترو، كانت الحكومة الكولومبية تتفاوض منذ نهاية 2022 مع "جيش التحرير الوطني" آخر حركة تمرد ما زالت ناشطة في حرب العصابات في كولومبيا. وبدأت المحادثات في نونبر في كراكاس قبل أن تتواصل في مارس في مكسيكو. لكن مقتل تسعة جنود كولومبيين في نهاية مارس في كمين لجيش التحرير الوطني أثار شكوكا في إمكانية استمرار المفاوضات التي استؤنفت في جولة ثالثة منها في الثاني من ماي في هافانا. – "أمل" – هنأ الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الطرفين على الاتفاقات "بشأن وقف وطني وثنائي لإطلاق النار لمدة ستة أشهر" و"آلية تحديد مشاركة المجتمع الكولومبي في عملية السلام". وقال المتحدث باسم غوتيريش في بيان إن هذه "خطوات مهمة تمنح الأمل للشعب الكولومبي". وصرح وزير الخارجية الكوبي أن الوثيقة الموقعة تنص خصوصا على "تفعيل قناة اتصال بين الطرفين من خلال الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في كولومبيا". وأضاف برونو رودريغيز أن جولة رابعة من المفاوضات ستجرى في فنزويلا من 14 غشت إلى الرابع من شتنبر. وكان "جيش التحرير الوطني" الذي تشكل في 1964 بإلهام من الثورة الكوبية، يضم 5850 مقاتلًا في 2022، حسب السلطات الكولومبية. وقد أجرى محادثات لم تسفر عن نتائج مع خمس حكومات في البلاد. وفي 2017، بدأت مفاوضات في الإكوادور أفضت إلى اتفاق لوقف إطلاق النار استمر مئة يوم ويوم. وكانت هذه الهدنة الثنائية الوحيدة التي قبلها المتمردون حتى الآن. وفي 2019، وبعد هجوم على كلية للشرطة أسفر عن سقوط 22 قتيلا، علقت حكومة الرئيس المحافظ إيفان دوكي (2018-2022) مفاوضات كانت قد أطلقت في 2018 في هافانا في عهد المحافظ أيضا خوان مانويل سانتوس (2010-2018). وأعاد دوكي تفعيل مذكرات توقيف مفاوضي المجموعة المسلحة وطلب من كوبا تسليمهم، لكن كوبا رفضت ذلك. ودفع هذا الرفض الرئيس الأميركي دونالد ترامب (2017-2021) إلى إدراج كوبا على اللائحة السوداء للدول المتهمة بدعم الإرهاب. وقال بيترو خلال حفل توقيع الاتفاق الذي حضره الرئيس الكوبي ميغيل دياز كانيل "هذا ظلم يجب تصحيحه". وحاولت كولومبيا التي شهدت نزاعا مسلحا لنصف قرن، إجراء مفاوضات سلام مع عدد من المجموعات المسلحة. وفي 2016 أدى اتفاق تاريخي جرت المفاوضات بشأنه في هافانا إلى نزع سلاح المقاتلين الماركسيين التابعين لحركة "القوات المسلحة الثورية الكولومبية" (فارك) وتحويلها إلى حزب سياسي. وبالإضافة إلى جيش التحرير الوطني، يحاول بيترو منذ أشهر التفاوض مع منشقين عن حركة "فارك" المتمردة سابقا ومجموعات مسلحة وأخرى إجرامية.