تراجع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عن حدة تصريحاته بخصوص النظام الجزائري، داعيا إلى "التهدئة" يشأن مواضيع الذاكرة، في الوقت الذي تشهد العلاقات بين البلدين أزمة ديبلوماسية، عرفت استدعاء الجزائر لسفيرها في باريس، كما حظرت عبور الطائرات العسكرية الفرنسية المتّجهة إلى منطقة الساحل والصحراء في أجوائها. وقال ماكرون في مقابلة مع فرانس إنتر "أتمنى حصول تهدئة لأنني أظن انه من الأفضل التحاور والمضي قدما" داعيا إلى "الاعتراف بالذاكرات كلها والسماح لها بالتعايش". وتابع "أكن احتراما كبيرا للشعب الجزائري وأقيم علاقات ودية فعلا مع الرئيس تبون" عازيا التوترات الحالية إلى الجهود المبذولة في فرنسا حول عمل الذاكرة بشأن حرب الجزائر. وأثار ماكرون غضب الجزائر بعد كلام نقلته عنه صحيفة لوموند قال فيه إن الجزائر أنشأت بعد استقلالها العام 1962 "ريعا للذاكرة" كرسه "النظام السياسي-العسكري" فيها. وباشر ماكرون، أول رئيس فرنسي مولود بعد حرب الجزائر (1954-1962)، عملا على الذاكرة غير مسبوق حول هذه الحرب التي لا تزال ذكرى أليمة في نفوس ملايين الفرنسيين والجزائريين، واتخذ في الأشهر الأخيرة سلسلة من "الاجراءات الرمزية" في هذا السياق. ومع اقتراب الذكرى الستين لانتهاء الحرب واستقلال الجزائر في العام 2022، جعلت باريسوالجزائر من "مصالحة الذاكرة" هذه ملفا يحظى بأولوية، وتعهد الرئيسان ماكرون وتبون العمل معا على هذا الملف. وكلف ماكرون المؤرّخ بنجامين ستورا وضع تقرير حول ذاكرة الاستعمار وحرب الجزائر سلمه في 20 يناير. ويرى الرئيس الفرنسي أنه يقوم ب"عمل معمق مع الشباب الفرنسي والفرنسي الجزائري. وبالتالي، نقول لبعضنا أمورا ليست مرضية لنا أنفسنا. لم أراعِ (الفرنسيين) في ما يتعلق بتاريخنا الخاص. وقبل بضع سنوات، أثار الأمر بعض البلبلة وبعض ردود الفعل. كنت صريحا إلى أقصى حد بشأن تاريخنا حول مسألة الحركيين، لكنني سأواصل هذا العمل. وتابع "حين طرح علي السؤال حول كيفية تلقي تقرير بنجامين ستورا في الجزائر، اضطررت إلى قول الحقيقة للرئيس تبون، تباحثنا في المسألة وهو شخص أثق به. أدلى بكلام ودي ومتناسب" لافتا إلى أنه في الجزائر "قام اكثيرون بالإساءة إلى بنجامين ستورا وتهديده أحيانا إثر هذا التقرير. لن نتظاهر بأن ذلك لم يكن أمرا يذكر". لكنه اعتبر أن مسألة العمل على الذاكرة "ليست مشكلة دبلوماسية بل هي في الأساس مشكلة فرنسية-فرنسية" مؤكدا "علينا مواصلة هذا العمل بكثير من التواضع وكثير من الاحترام". "أ.ف.ب"