نادية الغزاوي (ومع) بروابطهما القوية والمتينة والمكانة الخاصة التي تحتلها المملكة المغربية والجمهورية البولونية على الساحتين الإقليمية والدولية، تحافظ الرباطووارسو على علاقات متميزة تتطلع إلى المستقبل من خلال الحوار الثنائي المنتظم والمؤهلات، التي لا تعد ولا تحصى، والتي يزخر بها البلدان. ويوفر الحوار البناء والمشاورات السياسية المنتظمة وتقارب وجهات النظر حول القضايا الإقليمية والدولية ذات الإهتمام المشترك قوة دفع مهمة لمواصلة مسار تعميق أواصر هذه العلاقات المتميزة. ويتضح من هذه المشاورات السياسية دعم بولونيا للمغرب في الهيئات الدولية، لا سيما في ما يتعلق بشراكة المغرب والإتحاد الأوروبي، خاصة وأن وارسو تعتبر المملكة شريكًا أساسياً في المنطقة، ليس فقط للإتحاد الأوروبي ولكن أيضا لبولونيا ولمنطقة وسط وشرق أوروبا. فمنذ عام 1959، استمرت العلاقات بين وارسووالرباط في التطور والسير بثبات في المنحى التصاعدي الإيجابي والنوعي، الذي تعزز من وقت لآخر بعدة اتفاقيات بين البلدين في مجالات مختلفة ومتنوعة (سياسية، إقتصادية، قضائية، سياحية، ثقافية). وانطلاقا من الرغبة في توسيع علاقاتهما الدبلوماسية وتنميتها بشكل مضطرد، أشاد البلدان في مناسبات عديدة، بالزخم الذي تشهده العلاقات الثنائية مع الإصرار على ضرورة دعم التعاون أكثر فأكثر، وخاصة في المجالين الإقتصادي والثقافي، مع الأخذ في الإعتبار إمكانات ومؤهلات البلدين وموقعهما الإستراتيجي ومكانتهما الإعتبارية إقليميا ودوليا. وأعربت وارسو، في مرات كثيرة ومناسبات عدة، عن يقينها بأن المغرب يعد لاعبا مهما في شمال إفريقيا وشريكا مهما لها بالنظر إلى خصوصية المملكة كدولة مستقرة وآمنة ومركز إقتصادي محوري في القارة الإفريقية، وهي المميزات التي طالما نوه بها المسؤولون البولونيون خلال كل مناسبة وفرصة. كما نوهوا بمستوى العلاقات السياسية البينية وآفاق الشراكة التي تشمل الكثير من المجالات الواعدة والحيوية خاصة منها الإقتصادية والتجارية والجامعية. ويتمتع الملك محمد السادس باحترام وتقدير عميقين في بولونيا، وشكلت مبادرات الملك لضمان الإستقرار والتنمية البشرية في المغرب وفي محيطه القاري والإقليمي محل تنويه كبير من قبل المسؤولين البولونيين في كل المناسبات وعلى مستوى كل المنابر. وخلال اجتماع عقده في وقت سابق من هذا العام سفير المملكة المغربية لدى بولونيا، عبد الرحيم عثمون، أثنى رئيس مجلس الشيوخ البولوني، توماش غرودزكي، على التقدم الذي أحرزه المغرب تحت قيادة الملك محمد السادس. وأكد رئيس مجلس الشيوخ البولوني أن أحد نقاط القوة في المملكة هو استقرارها ودورها الريادي في المنطقة خاصة، وعلى صعيد القارة الأفريقية عموما. وقد أبرز عثمون، في هذه المناسبة، "الأهمية التي يوليها البلدان لتعزيز علاقاتهما الثنائية بدعم لا مشروط من قبل صاحب الجلالة الملك محمد السادس والرئيس البولوني أندريه دودا"، مشيراً إلى "أهمية تكثيف الزيارات والتبادل بين البلدين، وبث روح متجددة في التعاون الإقتصادي والثقافي لرفعه إلى مستوى العلاقات السياسية المتميزة بين الرباطووارسو". وشدد الدبلوماسي المغربي على "الدور المهم للمؤسسات التشريعية في البلدين في تعميق هذا التعاون، لا سيما من خلال تبادل الزيارات ووجهات النظر حول القضايا ذات الإهتمام المشترك وذات التخصص". وفي السياق نفسه، تم إنشاء مجموعة الصداقة البرلمانية البولونية-المغربية في مجلس الشيوخ في شهر فبراير الماضي. وتتشكل المجموعة من القطبين الرئيسيين في المشهد السياسي البولوني، وهما حزب "القانون والعدالة" الحاكم وحزب "المنبر المدني" المعارض. وفي ما يتعلق بالقطاع السياحي، أصبح المغرب، الزاخر بالمؤهلات والإمكانيات السياحية التي جعلت منه وجهة دولية بامتياز، اليوم واحدة من الوجهات الأساسية في السوق البولونية الواعدة التي يقبل عليها بتزايد وبشغف كبيرين. وأتاحت الدورة ال27 لمعرض وارسو الدولي للسياحة "ترافيل تريد وارسو "، الذي جرى تنظيمه في نونبر الماضي، فرصة أخرى لتعزيز جاذبية الوجهة المغربية وإبراز الجوانب المتعددة للثقافة المغربية متعددة الروافد. وشارك وفد كبير من مهنيي السياحة المغاربة تقدمه المدير العام للمكتب الوطني المغربي للسياحة، عادل الفقير، في معرض "تي تي وارسو" الذي شكل مناسبة للقاء بمنظمي الرحلات السياحية الرائدة في سوق أوروبا الشرقية والتوقيع مع شركات بولونية سياحية مرجعية مثل "إتاكا"، إتفاقيات وشراكات لإطلاق خط جوي رابط بالسعيدية برسم المواسم الصيفية المقبلة بمعدل رحلتين في الأسبوع. ونظرا لقوتهما والفرص التي يوفرها الجانبان، فإن البلدين مقتنعان بشدة بضرورة رفع مستوى التعاون الثنائي بشكل أكبر والمضي قدما نحو شراكة إقتصادية من الجيل الجديد.