“مصائب قوم عند قوم فوائد” هي عجُز بيت شعري للشاعر أبي الطيب المتنبي تحولت إلى مقولة خالدة، صارت جد معروفة ومتداولة، لها دلالاتها الواضحة جدا، كما أن لها راهنيتها في زمن كورونا، الذي يتهدد العالم أجمع على كافة المستويات لاسيما الاقتصادية والاجتماعية والبيئية وحتى السياسية، طبعا لن ندخل في تعميم ذلك على الجهات والأشخاص الذين انتهزوا حلول وباء كورونا لتحقيق منافع ذاتية انتهازية ونفعية زائلة، لأن ذلك لا يدخل ضمن مرامي هذه المقالة في الوقت الراهن، وإنما سنقتصر على المنافع التي يمكن أن تجنيها لجنة إعداد النموذج التنموي الجديد،التي تشكلت قبل شهور وتم تكليفها منذئذ ( دجنبر 2019، تاريخ اكتشاف الفيروس وانطلاق هجمته الشرسة في يوهان بالصين) بإجراء استشارات من أجل نموذج ينطلق من الواقع المغربي، كما سبق أن صرح رئيس اللجنة شكيب بنموسى، يوم 8 دجنبر 2019 ” ينطلق من الواقع المغربي وما حققه المغرب، وما نجح فيه حتى الآن وتحديد النواقص التي تم رصدها والقيام بتشخيص صريح وواضح لا يستبعد أي طابو أو موضوع”. لكن بما أن مياها كثيرة جرت تحت جسر المغرب قبل عبوره إلى النموذج التنموي الجديد ومنها مياه كورونا المُلوثة، والتي عرَت العديد من الأوبئة في نسيج النماذج التنموية التي اعتمدها المغرب حتى اليوم ومنذ عقود، ويدفع فيها المغربيات والمغاربة ثمنا غاليا جدا ليس من الأرواح فقط بل من الكوارث المُدمِرة ذات الأُبعاد الاقتصاديةوالاجتماعية والثقافية والبيئية…..، وغير ذلك من مستلزمات التنمية وثمارها التي كشف كورونا هشاشتها وقصر نظرها، وما ينخرها من فساد وزبونية وتهرب ضريبي، وريع مختلف الأشكال والألوان، مع ما يصاحب ذلك من انعدام أي مساءلة أو محاسبة، وأيضا من إفلات من العقاب.. لذا يمكن للجنة النموذج التنموي الجديد، دون أن تضطر لعقد جلسة عمل أو استماع مع كورونا، الذي ليس متفرغا لعقد مثل هذه الاجتماعات، كما فعلت ذلك مع العديد من الجهات والهيئات والإطارات، الاشتغال على ما تراكم، حتى الآن وما قد يتراكم في خضم حرب العالم مع كورونا، من استنتاجات وخُلاصات مقاربات وأبحاث ودراسات حول تأثيرات كورونا ذات الصلة بالنموذج التنموي اللازم اعتمادُه في بلادنا مستقبلا، وإعداد مضامينه وآليات تنزيله على المديين المتوسط والبعيد، خاصة وأن الكثير من خلاصات جائحة كورونا متجسدة بالملموس المرير وبالأرقام والإحصائيات بالتفصيل المُمِل، في كافة القطاعات بما فيها تلك غير المهيكلة والهجينة والهشة، فالجميع متضرر من ” زمن كورونا” السائد الآن وهنا في المغرب، تداركا لما شاب هذا النموذج من تفاقم الفوارق الطبقية والاجتماعية والغياب الملموس للعدالة الاجتماعية، وهذا ما اعتبرتُه يندرج ضمن مقولة “مصائب قوم عند قوم فوائد“، وما يُنتظر أن تُحققه لجنة النموذج التنموي من خلال استخلاص الدروس والعبر من الدرس الثمين الذي وفرته جائحة كورونا للمغرب قاطبة، وللجنة المذكورة التي يُنتظر منها تقديم نتائج عملها، مبدئيا، شهر يونيو المقبل.