أربك انتشار فيروس “كورونا” برنامج عمل اللجنة الملكية الخاصة بالنموذج التنموي، التي يرأسها شكيب بموسى، لأسابيع، لكنها عملت على التكيف مع المعطيات الجديدة التي فرضتها حالة الطوارئ، وواصلت علمها بإطلاق استشارة في صفوف تلاميذ المؤسسات التعليمية. فكيف ستشتغل اللجنة في ظل هذه الظروف؟ وهل غيرت توجهاتها؟ وهل لازالت ملتزمة بتقديم تقريرها أمام الملك في يونيو المقبل؟ أول إرباك تعرضت له اللجنة هو توقف لقاءاتها الاستشارية التي بدأتها في عدة جهات ومناطق نائية، فإجراءات الطوارئ فرضت وضع حد لهذه اللقاءات التي استهدفت الاستماع إلى سكان المغرب العميق. ثانيا، هناك عدد من أعضاء اللجنة يوجدون حاليا في الخارج، ولا يستطيعون العودة إلى المغرب، في ظل توقف حركة الطيران، وبالتالي، تعذر عقد لقاءات مباشرة. وأمام هذه الوضعية، تفيد مصادر مطلعة أن اللجنة سعت إلى التكيف مع التطورات الجديدة، من خلال: أولا، استعمل تقنية التواصل عن بعد بين أعضاء اللجنة، الموجودين في الخارج مع استمرار حضور مجموعة من الأعضاء لمقر اللجنة بحي “الرياض”. وبفضل هذه اللقاءات تمكنت اللجنة من مواصلة عملها “بشكل عادي”، يفيد المصدر. أما بخصوص الاستشارات، فقد لجأت اللجنة إلى إطلاق استشارة جديدة عن بعد مع تلاميذ المؤسسات التعليمية. وفي سياق المساهمة في حملة التوعية بأهمية التباعد الاجتماعي والالتزام بالحجر الصحي، نشرت اللجنة فيديو، يظهر فيه عدد من أعضائها وهم يحثون المواطنين على البقاء في بيوتهم. وفي هذا الصدد صرح شكيب بنموسى في الفيديو، أن اللجنة “لا بد أن تستمر في التفكير في نموذج ما بعد الأزمة”، وأن يكون هذا النموذج “مفتوحا على العالم، لكن بدون عولمة متوحشة.. نموذج مبني على قيم الكرامة والإنصاف والتضامن”. أما كريم التازي، عضو اللجنة، فاعتبر أن أزمة “كورونا” “زادت من أهمية الاشتغال على النموذج التنموي”، وتابع “يجب أن نواصل التفكير في النموذج ونستخلص الدروس من الأزمة، لإيجاد حلول للتحديات التي تعيشها بلادنا”، معتبرا أن المغرب اليوم، في حاجة إلى “دولة قوية”. وتشير مصادر إلى أن ثلاث أولويات باتت تفرض نفسها على اللجنة، وهي التعليم والصحة، فضلا عن تطوير الرقمنة. استشارة التلاميذ وتعد استشارة التلاميذ، التي أطلقت في 2 أبريل، أول مبادرة تطلقها اللجنة بالتعاون مع وزارة التربية، في ظل جائحة كورونا، وهي تهم الوسط المدرسي، حول موضوع “مغرب الغد”. وسيفتح باب المشاركة، ابتداء من يوم الخميس 2 أبريل 2020، في وجه تلميذات وتلاميذ الجذع المشترك بالثانويات التأهيلية العمومية والخصوصية، بحيث يقوم خلالها كل مشارك بتحرير موضوع يتضمن تصوره لمغرب الغد باللغة العربية أو باللغة الأمازيغية أو بلغة أجنبية. وإرسالها عبر موقع: ofok.men.gov.ma في أجل أقصاه 12 أبريل 2020. وسيتم اختيار أحسن 10 مواضيع عن كل جهة، لتتشكل في مرحلة ثانية، لجنة مركزية مشتركة، لانتقاء أجود 20 موضوعا على المستوى الوطني من بين 120 المتوصل بها، و24 موضوعا بمعدل موضوعين عن كل جهة، على أن يتم خلال الأسبوع الأول من شهر ماي 2020، الشروع في إجراء مقابلات عن بعد مع 44 تلميذا الذين جرى قبول مساهمتهم، وسيتم اختيار 10 أعمال على المستوى الوطني و12 عملا (واحدا عن كل جهة) من أجل إدراجها كمساهمات لإثراء النقاش داخل اللجنة، في أفق صياغة ملامح النموذج التنموي المتجدد. ويمكن فتح باب استشارات أخرى من هذا النوع لتشمل قطاعات أخرى. ويذكر أن الملك محمد السادس، عين في 19 نونبر 2019، شكيب بنموسى رئيسا للجنة الخاصة بالنموذج التنموي، وفي 12 دجنبر عين أعضاء اللجنة التي تتكون، بالإضافة إلى الرئيس من 35 عضوا، من الكفاءات المغربية التي تعمل داخل الوطن وبالخارج، وأنيطت باللجنة مهمة بحث ودراسة الوضع الراهن في المغرب، “بصراحة وجرأة وموضوعية”، بالنظر إلى المنجزات التي حققتها المملكة، والإصلاحات التي جرى اعتمادها، وكذا انتظارات المواطنين، والسياق الدولي الحالي وتطوراته المستقبلية. وكان رئيس اللجنة شكيب بنموسي، أعلن أنه سيسلم مقترحات اللجنة للقصر في غضون شهر يونيو المقبل، لكن في ظل التطورات الراهنة تطرح تساؤلات حول ما إذا كان هذا الأجل كافيا لصياغة نموذج مغرب ما بعد “كورونا”، خاصة في ظل المعطيات الاقتصادية والاجتماعية التي ستخلفها هذه الجائحة.