كشفت دراسة علمية جديدة وجود مواد بلاستيكية ذات تركيز عال في ثلوج جبال الألب السويسرية وكذلك القطب الشمالي. وعثر الباحثون على تلوث بلاستيكي في عينات الثلج المأخوذة من هيلغولاند وبافاريا وبريمان وجبال الألب السويسرية حتى في المناطق النائية من القطب الشمالي، في جزيرة سفالبارد. وجمعت الدراسة المنشورة في مجلة Science Advances، العينات ذات التركيز الأعلى بالقرب من طريق ريفي في بافاريا- نحو 154 ألف جسيم بلاستيكي لكل لتر. واحتوى الثلج في القطب الشمالي على نحو 14400 جسيم لكل لتر. واختلفت أنواع البلاستيك المكتشفة وفقا للمواقع، ففي القطب الشمالي عثر الباحثون على النتريل وأكريليت والطلاء، التي تُستخدم في مجموعة من التطبيقات. وبالقرب من الطريق الريفي في بافاريا، احتوت العينات على أنواع مختلفة من المطاط المستخدم في تطبيقات لا حصر لها، بما في ذلك إطارات السيارات. ويقول الباحثون إن تركيزات البلاستيك المصغر الموجودة، أعلى بكثير من تلك الموجودة في الدراسات، التي أجراها باحثون آخرون على رواسب الغبار. وقال أحد معدي الدراسة، الدكتور غونار غيردتس، إن الثلج فعال للغاية فيما يتعلق بجمع البلاستيك المصغر من الجو. وفي الدراسة، قام الباحثون بإذابة الثلج وتصفيته عبر فلتر خاص، قبل فحص البقايا المحتجزة بواسطة مجهر الأشعة تحت الحمراء. واعتمادا على نوع البلاستيك، يجري امتصاص أطوال موجات مختلفة من ضوء الأشعة تحت الحمراء وانعكاسها. وخلصت الدراسة إلى أن كميات كبيرة من ذرات البلاستيك المصغر تنتقل عبر الجو، ويمكن للبشر والحيوانات استنشاقها ما يثير مشكلات صحية معينة يجب الحذر منها. وفي سياق متصل، كشفت دراسة استكشافية حول الملوثات البلاستيكية، نشرت في شهر فبراير الماضي، في مجلة “رويال سوسيتي أوبن ساينس”، كشفت عن العثور على شظايا بلاستيكية في أمعاء الحيوانات التي تعيش في أعمق خنادق المحيط، وهو ما يشير إلى خطر لم يكن متوقعا من قبل. ورصدت الدراسة التي أعدها فريق من الباحثين البريطانيين حالات ابتلاع أنواع بحرية مثل الجمبري الصغير الشظايا البلاستيكية في ستة من أعمق خنادق المحيط في العالم، مثل خندق ماريانا في شرق الفلبين الذي يعد أعمق خندق على الأرض، حيث كانت 100% من الحيوانات التي خضعت للدراسة تحتوي على ألياف بلاستيكية في أحشائها. وأجرى الباحثون في الدراسة عملية تشريح ل65 عينة من الحيوانات البحرية احتوت أحشاء أكثر من 72% منها على قطعة بلاستيكية دقيقة واحدة على الأقل. وقال آلان جاميسون الأستاذ في كلية العلوم الطبيعية والبيئية بجامعة نيوكاسل والباحث الرئيسي في الدراسة في تصريح إعلامي، إن الفريق البحثي كان يتوقع العثور على آثار التلوث البلاستيكي، لكن لم يكن يتوقع أن تكون نسبة التلوث 100%، وهو ما سبب دهشة الباحثين في أن يعثروا على هذه النسبة بأقصى أعماق المحيط. وأضاف جاميسون “أدركنا أنه خلال مسار البعثات الكشفية التي يعود تاريخها إلى عقد من الزمان تراكمت عشرات العينات من نوع من الجمبري الصغير الذي يعيش بين 6 آلاف و11 ألف متر تحت سطح البحر”. كما عثر الباحثون على آثار للملوثات البلاستيكية في خندق “بيرو-تشيلي” في جنوب شرق المحيط الهادي على بعد نحو 15 ألف كيلومتر من خندق اليابان. ووفق الباحث الرئيسي، فإن “النقطة المهمة في الدراسة هي أنه يتم العثور على ملوثات البلاستيك بوفرة في أحشاء الحيوانات البحرية بجميع أنحاء المحيط الهادي على أعماق استثنائية”. ويفترض جاميسون أن بلوغ الملوثات إلى هذه الأعماق السحيقة يعني وجودها في كل المحيطات والبحار المفتوحة. وخلصت الدراسة إلى أنه من غير الواضح ما إذا كانت الجسيمات قد تناولتها الأسماك في أعماق أعلى بالقرب من سطح البحر ثم ماتت وغرقت، أم وصلت هذه الجسيمات إلى قيعان المحيطات فابتلعتها الأسماك والحيوانات البحرية الأخرى. واستنتج الباحثون من مقارنة الملوثات الأخرى في أحشاء الأسماك -مثل ألياف الأقمشة- بالقطع البلاستيكية أن الأخيرة أقدم من الألياف بسنوات عدة كما يبدو من تفاعلها مع الماء وأحشاء الكائن الحي. وتحذر الدراسة من أن سعة انتشار الملوثات البلاستيكية وبلوغها حتى إلى الأعماق القصوى للمحيطات يهددان حياة الإنسان الذي يتغذى على الأسماك التي تبتلع هذه الملوثات، إضافة إلى الإضرار بالثروة السمكية، إذ تنفق ملايين الأسماك سنويا بسبب الملوثات البلاستيكية.