خطوات قليلة، باتت تنتظر مشروع القانون الإطار المتعلق بالتعليم، قبل أن يخرج إلى حيز الوجود، إذ من المرتقب أن يمر إلى مرحلة التصويت خلال الأيام القليلة المقبلة، وذلك بعدما استكملت لجنة التعليم والثقافة والاتصال المناقشة التفصيلية لمضامينه، أمس الثلاثاء 5 فبراير الجاري، في انتظار وضع الفرق النيابية لتعديلاتها، التي حُدّد لتقديمها كآخر أجل، يوم الجمعة المقبل على أن يصوت عليها الثلاثاء 12 فبراير الجاري. في هذا الصدد، أثيرت أمس الثلاثاء خلال استكمال لجنة التعليم والثقافة والاتصال لأشغالها، نقطة التمويل المتضمنة في المادة رقم 49 من مشروع القانون، والتي تلزم بكيفية تدريجية الأسر “الميسورة” بأداء رسوم التسجيل بالتعليم العمومي، ولاسيما بمؤسسات التعليم العالي في مرحلة أولى، ومؤسسات التعليم الثانوي في مرحلة ثانية؛ فحصل إجماع على ضرورة تعديلها مع الدعوة إلى تقنين وتنظيم رسوم التسجيل المعمول بها حاليا، وذلك تفاديا للجدل و”البلبلة” التي قد تحدثها، خصوصا إذا فهم منها أنها ضرب لمجانية التعليم، وهي الملاحظات التي تفاعل معها الوزير سعيد أمزازي على نحو إيجابي. على صعيد آخر، علم موقع “الأول”، من مصدر برلماني مطلع، أن كلا من الفريق البرلماني لحزب العدالة والتنمية ونظيره الاستقلالي هما فقط من أبديا، بشكل واضح، مواقفهما الرافضة اعتماد اللغات الأجنبية لغة للتدريس، وذلك خلال عقد اللجنة اجتماعها قبل الأخير لمناقشة مشروع القانون المذكور. وعرف هذا الاجتماع، الذي أضفى عليه وزير التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي، سعيد أمزازي، طابع السرية بعدما كان مفتوحا في وجه الصحافيين، سجالا قويا بين كل من البرلماني عن حزب العدالة والتنمية، محسن موفيدي، والوزير أمزازي، إذ في الوقت الذي استدل فيه هذا الأخير بالخطب الملكية لمواجهة منتقدي التنصيص على التدريس باللغات الأجنبية؛ نفى موفيدي الأمر، وقال إنه لا وجود لخطاب ملكي تحدث فيه الملك محمد السادس عن اعتماد اللغات الأجنبية في التدريس. وقال النائب البرلماني عن حزب العدالة والتنمية محسن موفيدي، في اتصال مع موقع “الأول”، من أجل تسليط الضوء على موقف “البيجيدي”، فيما يتعلق بمناقشة المادتين 31 و32 والتي أثارتا جدلا داخل اجتماع اللجنة، فقال موضحا، “لا وجود لدولة من دول العالم التي تقدمت في تعليمها، اعتمدت على لغة غير لغتها الرسمية”، متابعا، “موقف الفريق البرلماني ل”البيجيدي” مسنود بالدستور وبالرؤية الاستراتيجية، وهذه الأخيرة تحدثت عن تدريس بعض المضامين في بعض المواد باللغة الأجنبية، ولم تتحدث عن تدريس المواد باللغة الأجنبية”، على حد تعبيره. ولفت ذات المتحدث، في معرض حديثه مع “الأول”، إلى أنه، “عندما نؤكد على التدريس باللغة الرسمية للبلاد، فإن هذا لا يعني أننا ضد تدريس اللغات الأجنبية أو الانفتاح عليها، بل بالعكس نحن ندعو إلى تعزيز مكانة اللغات الأجنبية في المنظومة التعليمية الوطنية وتطوير منهاج تدريسها واستعمال كل الوسائل العصرية الممكنة من أجل تمكين أبناء المغاربة منها”، مضيفا، “هناك من يعتقد أننا عندما ندعو إلى احترام اللغات الرسمية في التدريس وكأننا ندعو إلى الانغلاق، وهذا ليس صحيحا”. وبخصوص إثارة قضية الخطب الملكية، أفاد موفيدي بأن الملك في خطاباته ورسالاته يستند على لغة الدستور، بل الأكثر من ذلك، يشدد المتحدث، على أن الملك دعا أكثر من مرة إلى الاعتزاز باللغة الوطنية وبالهوية مع الانفتاح على اللغات الأجنبية. ويتعين، بحسب موفيدي، الاحتكام إلى الرؤية الاستراتيجية، للحسم في هذا الجدل، طالما أن القانون بني على ضوء ما جاء في هذه الرؤية ويروم أساسا ترجمتها بما أنها تضم توافقات جميع مكونات المجتمع. وإذا كان موقف فريق العدالة والتنمية بخصوص المادتين 31 و32، من القانون الإطار المتعلق بمنظومة التربية والتكوين والبحث العلمي، ينحصر في اعتماد اللغات الوطنية كلغات رسمية للتدريس مع الانفتاح على اللغات الأجنبية، فإن حزب التقدم الاشتراكية يعتبر أن مشروع القانون الإطار لم ينتقص من اللغة العربية، بل حافظ على مكانتها وأقر باعتمادها لغة أساسية في التدريس. وأكدت فاطمة الزهراء برصات النائبة البرلمانية عن حزب “الكتاب” في تصريح لموقع “الأول”، أن مجموعتها النيابية دافعت بقوة عن اللغة الأمازيغية باعتبارها لغة وطنية، بعدما سجلوا بأن المكانة التي حظيت بها في القانون الإطار لم ترق إلى مستوى الانتظارات، مشيرة في هذا الصدد إلى أن أفق التعامل مع اللغة الأمازيغية يجب أن يكون هو الدستور وليس الرؤية الاستراتيجية؛ على اعتبار أن هذه الأخيرة محدودة في الزمن، وبالتالي فمقتضياتها ستتنهي لا محالة. أما فيما يرتبط بقضية السياسة اللغوية، فإن “الرفاق” بنوا موقفهم وفق ما جاء به دستور 2011، في الشق المتعلق بدعوته إلى تعلّم والتمكن من اللغات الأجنبية، في إطار الانفتاح على الثقافات الأخرى. ومضت برصات موضحة هذا الموقف بالقول، “هناك فرق بين الانفتاح وبين التعلم، نحن نعتبر أنه من أجل تعلم اللغات وإتقانها يجب اعتماد مجموعة من المقاربات البيداغوجية كي يتمكن أبناء المغاربة من اللغات”، مردفة “ولكي يتمكنوا منها لا مانع من تدريس بعض المواد التقنية أو العلمية باللغة الأجنبية، إذا لم يكن هناك تأثير على اللغات الوطنية، لاسيما وأن بلادنا نهجت التعددية اللغوية”. وخلصت برصات إلى القول، “إن ظروف تدريس اللغة الفرنسية متاحة وحاضرة اليوم، لأن شروطها متوفرة ولدينا رصيد على مستوى المؤسسات والإدارات المغربية مع “إيلاء الأهمية للغة الإنجليزية”.