خروج لحسن الداودي الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بالشؤون العامة والحكامة للإحتجاج مع عمال شركة "سنطرال دانون"، يضعنا أمام حالة سياسية باثولوجية. لعل مرض الخوف من فقدان منصب حكومي الذي يعاني منه السي الداودي يبرر خرجاته الأخيرة البلهاء والمتهورة، ويبرر كذلك، اللخبطة التي يعيشها هذا المسكين الذي يضع نفسه، بأسلوبه الأبله والبهلواني في موضع لا يحسد عليه، بحيث لا يميز عاقل بين الداودي العاشق للشعب، المتيم في حبه، والذي اعتاد أن يلهج باسمه، ويتحين الفرص والمناسبات ليخطب وده، وبين الداودي المتمرد على الشعب، المحتج ضده، غير المتردد في تحقيره وإعلان مخاصمته له. مادام هذا الشعب يشوش على منصبه الحكومي ويهدد مستقبله السياسي. وإذا كنّا نتساءل حول خلفيات هذا الخروج إلى الاحتجاج، هل هو خوف صادق من قبل السيد الوزير، على الاقتصاد الوطني، أم هو حقيقة خوف على فقدان السلطة؟ فإننا ندعوه بدل استغلال وضعية عمال "شركة سنطرال دانون" الذين لا أحد ينكر كونهم الحلقة الأضعف في ملحمة المقاطعة، ملحمة العزة والكرامة، فهم بين سندان الانتماء الموضوعي للفئات الشعبية المقهورة والمكتوية بنار الأزمة الاقتصادية والاجتماعية بسبب تمادي الحكومة في تجاهلها لصوت الشعب وإصرارها على تكريس اختياراتها اللاشعبية، وبين مطرقة الخوف من فقدان الشغل والاستقرار المادي. بدل هذا الاستغلال الفج، واللجوء إلى أسلوب التحريض والتهييج وخلق الفتنة والانقسامية داخل المجتمع، ندعو السيد الوزير ومعه الحكومة برمتها إلى أن يتحملوا جميعا مسؤوليتهم الكاملة، أولا، استحضار وضعية هؤلاء العمال والمستخدمين وتفهم مطالبهم المشروعة، وثانيا، الانكباب الجدي على إيجاد الحلول الممكنة، والتفاعل مع ديناميات المجتمع ومطالبه الاجتماعية وانتظارات الملحة، وفي إطار ذلك جواب على معركة المقاطعة، ما عدا ذلك، تبقى كل خرجاتكم، مجرد شطحات بهلوانية ولعب بالنار أسي الداودي. وهكذا، فإننا أمام صمود ملحمة المقاطعة في مواجهة خذلان الحكومة، وصلابة السخط الشعبي القائم على المواطنة الواعية والفاعلة، نخاف من استفحال مرض الباثولوجيا الفتاك، وانتشاره بسرعة في صفوف وزراء حزب العدالة والتنمية الذين يعيشون الْيَوْمَ في ضوء ملحمة المقاطعة على وقع حقيقة صادمة فضحت هشاشة شرعيتهم الانتخابية المهزوزة، التي ما فتئوا يتبجحون بها، التي تعتمد على الزبونية الانتخابية التي اعتادت الاستثمار بمكر في واقع الخصاص ، وتعمل جاهدة على توسيع دائرة الفقر والفقراء ونشر الجهل، هدفها قتل المواطنة وسلب الإرادة الحرة لدى المواطن. لنتصور جميعا، انتشار عدوى مرض الباثولوجيا لدى كل وزراء العدالة والتنمية – وبالمناسبة هذا المرض كما عرفه قاموس المعجم الوسيط، هو مرض الخوف من السقوط أثناء النوم أو السقوط من السلالم – لا نتفاجأ وقتئذ إذا رأيناهم جميعهم ببذلاتهم الأنيقة يلهثون ويصرخون أمام البرلمان رافضين السقوط من السلاليم التي صعدوا إليها بالديماغوجية وبيع الأوهام، ولا يجدون لحظتئذ حرجا في لعن الشعب ومخاصمته، ونردد معهم حينئذ بتصرف قصيدةالشاعر محمود درويش، سقط القناع عن القناع..عن القناع..سقط القناع، لا حكومة لك ياوطني لا أصدقاء. لا تعليم لا صحة لا دواء لا مستقبل لا أمل. حاصر حصارك…لا مفر، حاصر حصارك بالجنون وبالجنون وبالجنون. سقط القناع ..حكومة أطاعت نزواتها.. حكومة باعت ضميرها..حكومة قتلت الأمل فينا. سقط القناع عن القناع.. سقط القناع.