يا لسواد قلبك أيها الفلسطيني.. لا نهنأ معك بعيش… يحلو لك أن تلبسنا ثوب العار وأنت ترفع آذان الأخوة لتذكرنا بما ننسى…تتفرج على سوءاتنا تنكشف على ريح تتواطأ مع شمس النهار.. بلا رحمة ولا تعفف… لا أرى الشهيد إلا حليفا للجندي الطيب الذي تعلم أن الرصاص لعبة لا ترتب إثما .. يلتقيان في منتصف المسافة بذات الشغف.. يطلب الثائر موتا معجلا، ويلبي الجندي الرغبة بسرعة جبان في استباق الخطر…كلاهما يربحان…الشهيد والقاتل…وهنا دليل المؤامرة.. يراد بنا سوءا نحن الضائعون في الوسط… لم نعد سذجا… وشيئا فشيئا نجفف حبنا القديم للشهيد وهو يهدر عمره فقط كي نقع في الحرج…مع أن حساباته خاطئة جدا…فقرارنا اتخذناه منذ زمن…وطريقنا عرفناه يود لو يثنينا عن السير إلى آخره…لقد سبقناك أيها الفلسطيني، في حرب الوجود بالمعنى .. كل شعور ينغص علينا حياة الموتى تبدد بعد أن أخضعنا أعضاءنا الحيوية لعملية جراحية حاسمة…و بلا تخدير…لقد استعدنا المبادرة وكشفنا مبكرا وهم الضمير وأسطورة الشعور بالذنب التي تجعلنا نؤدي خلف الشاشات ثمن موتك…وها قد تحلينا بما يكفي من الشجاعة لنعيش عصرنا خارج واجب يعطل وجودنا الحيوي في ساحة الأمم السعيدة… كان موته محرضنا على الغضب والمأساة، قبل أن نفطن إلى خبث الشهيد، الذي تفضحه بسمته المشبوهة. يصعد إلى حتفه منتشيا وكل صنيعه أن ورطنا نحن إخوته المفترضون، في وحل الخزي واللعنة، فمن الظالم ومن الضحية..؟ بل إن الظن الرهيب ليذهب بي إلى أن من سقطوا ومن يسقطون إنما هم ممثلون مأجورون في مسرحية لم نختر التفرج فيها، ولو أننا تعودنا عليها لازمة صوت وصورة لجلسة العشاء… حدسي أن هؤلاء الفتية الراحلين في اطمئنان ويقين، عائدون يوما.. ولأن الحياة التي نحب غادرة ورخيصة، وتهوى المفارقات التي تمنح التاريخ معنى العبث، فإني أراهم يشيعوننا إلى حفر بلا شواهد… الشهيد مارق وماكر…ينصفه الموت وتلفظنا الحياة من بابها الخلفي.. من الحي إذن؟… من الميت؟ هذا الالتباس خطر ماحق على حقنا في السعادة على جنتنا من المحيط الى الخليج… قد لا نستطيع أن نتدبر للفلسطيني صيغة حياة مثلنا. علينا حينئذ أن نحاربه ميتا.. أول الحل: النسيان ليس كافيا… علينا أن ننسى أننا نسينا…