ولي العهد الأمير الحسن يستقبل الرئيس الصيني بالدار البيضاء الذي يقوم بزيارة قصيرة للمغرب    المغرب يدعو إلى هامش أكبر من الاستقلالية المادية لمجلس حقوق الإنسان    تحطم طائرة تدريب يودي بحياة ضابطين بالقوات الجوية الملكية    متابعة موظفين وسماسرة ومسيري شركات في حالة سراح في قضية التلاعب في تعشير السيارات    هل يؤثر قرار اعتقال نتنياهو في مسار المفاوضات؟    عشر سنوات سجنا وغرامة 20 مليون سنتيما... عقوبات قصوى ضد كل من مس بتراث المغرب        رسميا: الشروع في اعتماد 'بطاقة الملاعب'    أبناء "ملايرية" مشهورين يتورطون في اغتصاب مواطنة فرنسية واختطاف صديقها في الدار البيضاء    الحكومة توقف رسوم الاستيراد المفروض على الأبقار والأغنام    الصحراء: الممكن من المستحيل في فتح قنصلية الصين..        المغرب التطواني يقاطع الإجتماعات التنظيمية مستنكرا حرمانه من مساندة جماهيره    أول دبلوم في طب القلب الرياضي بالمغرب.. خطوة استراتيجية لكرة القدم والرياضات ذات الأداء العالي    الحزب الحاكم في البرازيل يؤكد أن المخطط المغربي للحكم الذاتي في الصحراء يرتكز على مبادئ الحوار والقانون الدولي ومصالح السكان    تعيينات بمناصب عليا بمجلس الحكومة    مجلس الحكومة يصادق على مشروع مرسوم بوقف استيفاء رسم الاستيراد المفروض على الأبقار والأغنام الأليفة    "بتكوين" تقترب من 100 ألف دولار مواصلة قفزاتها بعد فوز ترامب    الرباط : ندوة حول « المرأة المغربية الصحراوية» و» الكتابة النسائية بالمغرب»    المنتدى الوطني للتراث الحساني ينظم الدورة الثالثة لمهرجان خيمة الثقافة الحسانية بالرباط    بعد غياب طويل.. سعاد صابر تعلن اعتزالها احترامًا لكرامتها ومسيرتها الفنية    القوات المسلحة الملكية تفتح تحقيقًا في تحطم طائرة ببنسليمان    استطلاع: 39% من الأطفال في المغرب يواجهون صعوبة التمدرس بالقرى    "الدستورية" تصرح بشغور مقاعد برلمانية    تناول الوجبات الثقيلة بعد الساعة الخامسة مساء له تأثيرات سلبية على الصحة (دراسة)    بإذن من الملك محمد السادس.. المجلس العلمي الأعلى يعقد دورته العادية ال 34    المغربيات حاضرات بقوة في جوائز الكاف 2024    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الجمعة    الاستئناف يرفع عقوبة رئيس ورزازات    المركز السينمائي المغربي يقصي الناظور مجدداً .. الفشل يلاحق ممثلي الإقليم    مؤشر الحوافز.. المغرب يواصل جذب الإنتاجات السينمائية العالمية بفضل نظام استرداد 30% من النفقات    طنجة.. توقيف شخصين بحوزتهما 116 كيلوغرام من مخدر الشيرا    ميركل: ترامب يميل للقادة السلطويين    لأول مرة.. روسيا تطلق صاروخا باليستيا عابر للقارات على أوكرانيا    زكية الدريوش: قطاع الصيد البحري يحقق نموًا قياسيًا ويواجه تحديات مناخية تتطلب تعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص    وزارة الإقتصاد والمالية…زيادة في مداخيل الضريبة    ارتفاع أسعار الذهب مع تصاعد الطلب على أصول الملاذ الآمن        رودري: ميسي هو الأفضل في التاريخ    أنفوغرافيك | يتحسن ببطئ.. تموقع المغرب وفق مؤشرات الحوكمة الإفريقية 2024    ارتفاع أسعار النفط وسط قلق بشأن الإمدادات جراء التوترات الجيوسياسية    بعد تأهلهم ل"الكان" على حساب الجزائر.. مدرب الشبان يشيد بالمستوى الجيد للاعبين    8.5 ملايين من المغاربة لا يستفيدون من التأمين الإجباري الأساسي عن المرض    مدرب ريال سوسيداد يقرر إراحة أكرد    انطلاق الدورة الثانية للمعرض الدولي "رحلات تصويرية" بالدار البيضاء    الشرطة الإسبانية تفكك عصابة خطيرة تجند القاصرين لتنفيذ عمليات اغتيال مأجورة    من شنغهاي إلى الدار البيضاء.. إنجاز طبي مغربي تاريخي    تشكل مادة "الأكريلاميد" يهدد الناس بالأمراض السرطانية    اليسار الأميركي يفشل في تعطيل صفقة بيع أسلحة لإسرائيل بقيمة 20 مليار دولار    شي جين بينغ ولولا دا سيلفا يعلنان تعزيز العلاقات بين الصين والبرازيل    جائزة "صُنع في قطر" تشعل تنافس 5 أفلام بمهرجان "أجيال السينمائي"    تفاصيل قضية تلوث معلبات التونة بالزئبق..    دراسة: المواظبة على استهلاك الفستق تحافظ على البصر    اليونسكو: المغرب يتصدر العالم في حفظ القرآن الكريم    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    غياب علماء الدين عن النقاش العمومي.. سكنفل: علماء الأمة ليسوا مثيرين للفتنة ولا ساكتين عن الحق    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في الذكرى الأربعين لرحيل القائد الرمز ياسرعرفات ..فاروق قدومي رئيس حركة فتح ووزير خارجية دولة فلسطين: لن نتغير ولن نبدل في نهجنا وفي سلوكنا وثوابتنا السياسية الوطنية
نشر في التجديد يوم 22 - 12 - 2004

أحيت الجمعية المغربية لمساندة الكفاح الفلسطيني مساء أول أمس الإثنين بالمسرح الوطني محمد الخامس بالرباط الذكرى الأربعين لرحيل الزعيم الرمز ياسر عرفات. وكانت هذه المناسبة لقاء وفاء ورثاء واستذكار لكثير من مناقب الرئيس الراحل ومساره الجهادي وثوابت القضية الفلسطينية الخالدة.
وبعد الاستهلال بآيات من الذكر الحكيم وتلاوة جماعية للفاتحة ترحما على روح الفقيد، ردد الحاضرون شعارات جياشة من قبيل نم قرير العين يا أباعمار واسترح من ضنإ وعناء سنواصل المسير حتى النصر وعلى العهد صامدون تظلنا العبارة المأثورة ياجبل ما يهزك ريح. وكانت هذه الأصوات تتعالى بين كل كلمة وكلمة من كلمات التذكر والرثاء والوفاء لروح الفقيد. وقد حضر هذه المناسبة، التي انعقدت تعت رعاية ملكية من جلالة الملك محمد السادس، مستشارون وأمناء أحزاب ومركزيات نقابية ورؤساء جمعيات وسفراء عدد من البلدان الشقيقة والصديقة وجمهور غفير، يتقدم كل هؤلاء وفد فلسطيني على رأسه فاروق قدومي، رئيس حركة فتح ووزير خارجية دولة فلسطين، والذي ألقى كلمة مؤثرة في هذا السياق، نعرض لها في ما يلي:
بسم الله الرحمان الرحيم (من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليهم فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا) (صدق الله العظيم)
تحية من فلسطين من القدس الشريف أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين مهد المسيح عليه السلام...
أيتها الأخوات والاخوة
أيها الحضور الكريم
بالأمس سقط شهيد من شهدائنا ونسر من نسورنا البواسل، إنه قائد ثورتنا ومفجرها، بعد أن امضى نصف قرن من الكفاح المستمر مخلفا وراءه تاريخا من الانجاز والعمل الوطني المجيد.
كان أخي أبو عمار شعلة فلسطينية وعربية متقدة، أضاءت دروب الحرية لأجيالنا المتواصلة ممن شقوا طريقهم بإصرار وعناد في قتالهم الأعداء المحتلين للوطن العزيز.
لم يتوان الشهيد البطل عن مد يد العون لكل حركة وطنية في هذا العالم الواسع ولم يتردد في تقديم المساعدة لطالبها المستحق اعتقادا منه أن ثورة فلسطين هي الثورة العربية التي تحمل رسالة إنسانية وتؤدي واجبها لكل شعب مظلوم يكافح لنيل استقلاله وسيادته ضد من ظلمه أو احتل أرضه لعله يحطم قيود الهيمنة ويصفي الاحتلال الأجنبي، فأحبته شعوب العالم المضطهدة واحترمته، وقدرت كفاحه شعوب الغرب لشجاعته وصدق مآربه، واقتنعت أن كفاحه الدائم لإزالة الاحتلال عن وطنه المغتصب لإحلال السلام العادل والدائم على أرض السلام في فلسطين بتخليص وطنه من اللجوء والتشرد ودنس الاحتلال والقهر.
عاش الأخ أبو عمار ناسكا في مظهره، متقشفا في حياته، متواضعا في مسلكه.
إنه من دعاة السلام وليس الخنوع والاستسلام كما يريدونه أعداؤه الصهاينة، لذا حقدوا عليه وحاصروه وغدروا به.
أطلق الرصاصات الأولى عام 1965 معلنا بدء المسيرة الثورية لشعبنا الفلسطيني. فما كان من عدونا الماكر إلا أن قام بعدوان شامل، فاحتل الضفة والقطاع والجولان وسيناء عن طريق الغدر، وظنوا في إسرائيل أن نكسة عام 1967 قد غيرت مسرى تاريخ المنطقة لصالحهم ورسخت وجودهم العدواني لقرون قادمة. فكانت بعد عام معركة الكرامة والتي اختلط فيها الدم الزكي الفلسطيني بالأردني، في معركة قادها القائد الشهيد الأخ أبو عمار والشهيد اللواء مشهور حديثي يصاحبهما الشهيد أبو إياد وأبو صبر وكوكبة من الرفاق الأوائل. فكانت صفعة على وجه الصهيونية بالقضاء على أحلامهم. وقف ساعتها أشكول، رئيس الوزراء إسرائيل في مدينة حيفا يرد على المتظاهرين بقوله: >من يضع يده في عش الدبابير لابد أن يتحمل لسعها< سقط منا في هذه المعركة المجيدة ثلث عددنا شهداء. نعم سال الدم العربي على تراب الكرامة الطاهر ليمسح عار الهزيمة التي بلينا بها عام 1967 عن طريق الغدر والتآمر الاستعماري. لقد رددت جبال السلط وضفاف نهر الأردن الآية الكريمة: بسم الله الرحمان الرحيم (إذا جاء نصر الله والفتح ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا، فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان
توابا) صدق الله العظيم.
توالت انتصاراتنا السياسية وتم الاعتراف الدولي بثورتنا وبمنظمة التحرير الفلسطينية كممثل شرعي وحيد للشعب الفلسطيني بقرار إجماعي من القمة العربية في الرباط عام ,1974 ومن الجمعية العامة للأمم المتحدة في نفس العام، حيث وقف القائد المظفر الأخ أبو عمار وألقى كلمة فلسطين وخاطب العام قائلا: >أمسك بالبندقية في يد وغصن الزيتون بيد أخرى، لا تسقطوا غصن الزيتون من يدي< ثم واصل شعبنا نضاله ضد الاحتلال الإسرائيلي على كل الجبهات العسكرية والسياسية، وعشنا مرفوعي الرأس بما حققته ثورتنا من انتصارات متتالية، حتى أن بيغن في أعوام السبعينات طلب وقف إطلاق النار من مجلس الأمن خلال إحدى المعارك التي دارت بين ثوارنا والجيش الإسرائيلي في شمالي فلسطين. ولكنه حاول الانتقام منا ومن لبنان الآبي، فاحتل الجنوب اللبناني عام .1978
ومن أجل أن يقضي على المقاومة الفلسطينية قام الجيش الإسرائيلي عام 1982 بهجوم واسع على لبنان الشقيق فكانت معركة قلعة الشقيف المجيدة. فقد استطاعت مجموعة من أبطالنا بما لديهم من أسلحة وذخائر قليلة أن يبيدوا إحدى الكتائب المهاجمة من لواء الجولاني، واستشهدوا جميعهم. وقف بيغن عندها مستغربا من الخسائر التي مني بها اللواء الجولاني في قتاله مع عدد قليل من الثوار الأشاوس، وكانت بعدها معركة الدامور التي سميت بمجزرة الجنرالات. ثم دارت المعارك على أطراف مدينة بيروت العظيمة وحاول شارون أن يدخلها بعد أن قصفها بالمدافع الثقيلة وبقنابل الطائرات والسفن البحرية، فلقي مقاومة شعبية منا ومن أشقائنا اللبنانيين والجنود السوريين. وتكبد خسائر جسيمة وسقط جنوده مثل أوراق الشجر في خريف الزمان وارتد على أعقابه خاسرا.
كان شارون يدعي أنه سيلقي القبض على قيادة هذه الثورة العملاقة، ولكن انهزم وتراجع، وأصيب زعيمهم بيغن بالكآبة وما فتئ أن مات مقهورا بعد فترة من الزمن ولما خرجت ثورتنا من لبنان، انتقم شارون مع جنوده الغزاة، واقترف مجزرة صبرا وشاتيلا، ليلفه العار والخزي إلى الأبد.
وفي عام ,1987 بالرغم من بعدنا عن أرض المعركة، فجر الشهيد البطل أبو جهاد الانتفاضة الأولى. بعد ذلك عاد شارون في هذه السنوات الأخيرة يهدد ويتوعد بعد أن دخلت طلائعنا الأولى بموجب اتفاق معقود. وعد شارون المجتمع الإسرائيلي أن يقضي على الانتفاضة الثانية خلال مئة يوم. وقد مضى على موعده أربع سنوات ذاق جيشه الويلات، فغدا شارون كالكلب المسعور يعض ويفترس، ويقتل ويدمر العالم العربي يقف صامتا لا يتحرك.
إنه اليوم أيها الأخوة قد تأمر علي حياة القائد الشجاع الأخ أبو عمار بعد أن فشل أن يهزمه في المعارك وجها لوجه، وفرض عليه الأقامة الجبرية في المقاطعات. لقد عمد إلى الحيلة والغدر ليقضي عليه، والعالم الصديق في الغرب يشهد على ما نقول. ولكن مهما حاول شارون أن يتآمر أو يحاصر القادة والشعب ويمنع عنهم الغذاء والدواء، فإن المواطن الفلسطيني قادر على تحطيم مؤامرة الحصار والغدر والخيانة وسيبقى صامدا كالطود الشامخ ويا جبل ما يهزك ريح. أما شهيدنا البطل و الذي خلف وراءه ثوارا من كل الفصائل المجاهدة، ستذهب روحه الطيبة إلى خالقها. إلى الجنة مع الأنبياء والصديقين ورفاق الدرب الذين ينتظرونه.
أيها الاخوة الأعزاء،
أيها الحضور الكرام،
بلينا منذ قرن من الزمن بغزوة صهيونية استعمارية استيطانية تصدت لها أمتنا العربية، وناضلت أجيالها المتعاقبة طيلة القرن الماضي، وها نحن اليوم ندخل القرن الواحد والعشرين، والاحتلال ما زال جاثم على صدورنا، والحركة الصهيونية تحاول ترسيخ أقدامها على تراب أرضنا الطيبة بدعم ومساندة من حكومات الولايات المتحدة وبريطانيا المتتالية كما هو الحال الآن في العراق الأبي.
أيها الحضور الكرام،
قبلنا منذ عشر سنوات خلت مبادرة سياسية قدمها الولايات المتحدة الأمريكية عام 1991 رغبة منا في إقامة السلام وترسيخ فكرة التعايش السلمي ودخلت طلائع ثورتنا إلى الأرض المحتلة بعد اتفاق عام 1993 الذي شهد التوقيع عليه كل من الولايات المتحدة وروسيا الاتحادية وعدد من الرؤساء العرب. وظن البعض منا بحسن نية أن إسرائيل ستلتزم بشروط هذا الاتفاق، ولكن إسرائيل سرعان ما قتلت رئيس وزرائها رابين وتنكرت الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة لهذا الاتفاق، بحجة أنه يمس الأمن الإسرائيلي، وحاولوا استيعابنا من خلال التبديل والتغيير في النصوص، أو تفسيرها على هواهم، وتقديم الوعود الكاذبة لتحسين الأوضاع السياسية في المستقبل القريب بضمان أمريكي مع وجود شكل من أشكال التعاون العربي والدولي، ولكن الإسرائيليين حرفوا الكلمة وادعوا كذبا أنهم قدموا تنازلات مؤلمة في مؤتمر القمة في كامب ديفيد في شهر يوليوز عام 2000 والحقيقة غير ذلك، فقد طالبوا بضم جزء من المناطق الغربية للضفة ليسيطروا على المياه الجوفية وأن يستأجروا المناطق المجاورة لنهر الأردن والبحر الميت لمدة 999 عاما لنعيش في غيتو مغلق علينا بعد قطع صلتنا بالجوار العربي.
أيها الأخوة الأعزاء
أيها الجمع الكريم
لقد قلنا لطلائعنا الأولى التي دخلت الأرض المحتلة أن قضية فلسطين هي جوهر الصراع العربي الإسرائيلي، ولا يجوز لأي عربي أن يتخلى عنها، فهي قضية قومية، وتمس أمننا القومي ومصيرنا العربي وهذا هو قرار الرباط.
والحقيقة أن طلائعنا الأولى كانت تود بهذا الاتفاق أن تدخل عشرات الآلاف من المواطنين إلى الضفة والقطاع مع الآلاف من الكوادر السياسية وعشرات الآلاف من رجال الأمن المسلحين، لحفظ الأمن، حتى لا نبقى بعيدين آلاف الكيلومترات عن فلسطين أرض المعركة بعد أن خرجنا من لبنان الشقيق عام ,1982 وتوزعت كوادرنا في عدد من البلدان العربية، وذلك بعد الهجمة الهمجية لقوات العدو الإسرائيلي وارتكابه لمجزرة صبرا وشاتيلا بأمر من مجرم الحرب شارون.
ولكن بعد دخولنا بسنوات قليلة، أصبحنا نعيش في سجن كبير وفرضت إسرائيل الحصار على شعبنا وقيادته، واتهمونا بالإرهاب بدعم ومساندة من الولايات المتحدة الأمريكية. دمروا المنازل والمنشآت الصناعية والزراعية والميناء والمطار، واقتلعوا الأشجار المثمرة واعتقلوا عشرات الآلاف من المواطنين، وقتلوا الأطفال والنساد وجرفوا أحياءا سكنية بأكملها.
لقد أعلنا ذات يوم هدنة لثلاثة أشهر، لعل إسرائيل تبادلنا مرونة بمرونة وكان ذلك. بمشورة بعض الأصدقاء والأشقاء، ولكن إسرائيل استمرت في نهجها المسعور، تغتال وتحاصر وتدمر. وقبل عامين وافق العرب في مؤتمر القمة العربي ببيروت على مبادرة سياسية في شهر مارس ,2002 وتلاها تصريحات من الرئيس الأمريكي بوش في 24 حزيران 2002 مقترحا تسوية سياسية على أساس قيام دولتين مستقلتين فلسطينية وإسرائيلية، بعد أن قام ولي عهد المملكة العربية السعودية الأمير عبد الله بعرض هذه المبادرة ومناقشتها مع الرئيس الأمريكي في شهر أبريل من ذلك العام. وتم الاتفاق أن تكون هذه المبادرة من الأسس التي تقوم عليها التسوية السياسية مع مبدأ مقايضة الأرض بالسلام وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة. وتبلورت في النهاية خارطة الطريق وتبنتها كل من الولايات المتحدة وروسيا الاتحادية والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة. وكنا نظن أن هذه بداية سليمة، ولكن أمريكا وبريطانيا قامتا باحتلال العراق بحجة كاذية أن هذا البلد العربي يملك أسلحة دمار شامل، فاضطربت أوضاع المنطقة، وتبين أن لإسرائيل اليد الطولى في حبك خيوط هذه الغزوة الانكلو سكسونية. وبعد أن أتمت
الاحتلال أعلنت الإدارة الأمريكية خارطة الطريق في 30/04/,2003 لكن فرص السلام تضاءلت وكادت أن تنعدم. وزاد الطين بلة أن الرئيس الأمريكي بوش قدم لشارون في (14/04/2004) ضمانات سياسية، أقر بموجبها شرعية المستوطنات وبعدم الالتزام بحدود هدنة ,1949 وانكار وجود شريك فلسطيني شرعي للتفاوض مع إسرائيل، وحق إسرائيل في الدفاع عن نفسها، وهذا يعني أن يستمر شارون في نهجه الإرهابي في الاغتيال والقتل والتدمير. كما أكد ضرورة أن يقوم الفلسطينيون مسبقا بوقف الإرهاب المقاومة واعتقال المطلوبين والحفاظ على الأمن، مع أنه يعلم أن الفلسطينيين أكدوا اعترافهم بإسرائيل في مؤتمر القمة بالعقبة وبخارطة الطريق، وابدوا استعدادهم لوقف اطلاق النار طبقا لخارطة الطريق. ولكن شارون لم يلتزم وقد سبق له أن وضع 14 أربعة عشر شرطا لقبولها. وفي تلك الفترة وافق الرئيس بوش على فك الارتباط الانفرادي من غزة، ذلك المشروع الوهمي الذي طرحه ليغطي على تراجعه عن القبول المشروط لخارطة الطريق ولخداع الرأي العام الدولي.
إننا نقدر الموقف الأوروبي، ورفضه لغزو العراق واحتلاله، ونقدر موقفه الثابت ودعمه لحقوقنا الوطنية الثابتة غير القابلة للتصرف، التي أقرته القمة الأوربية خاصة في مؤتمرها المنعقد في 25/03/.1999
كما أننا نأخذ في الاعتبار الأوضاع السائدة في المنطقة وما طرحته الولايات المتحدة من مشاريع إصلاح لا تتفق وتراث هذه المنطقة وثقافتها. فنحن الآن أمام واجب وطني وقومي يفرض علينا تعزيز وحدتنا الوطنية وتضامننا العربي والعمل العربي المشترك وتعزيز التنسيق بين دول الجوار على أسس تصون الأمن القومي، وخاصة بين الدول التي مازالت أراضيها محتلة (سوريا، لبنان، فلسطين) وتعزيز هذا التنسيق والتعاون لنصبح في موقع تفاوضي قادر على تحقيق أهدافنا التي نسعى من أجلها لإقامة سلام عادل ودائم طبقا للمبادرة العربية وعملا بها.
إن شعبنا الفلسطيني قد مر بمراحل دقيقة خلال السنوات الماضية عانى فيها الظلم والحصار ومازال في هذا الحال، فلابد من تركيز همنا في هذه المرحلة على توفير الأمن للمواطن في الداخل وتقوية الروابط الوطنية في إطار واحد طبقا لبرنامج عمل سياسي مستنبط من قرارات المجلس الوطني.
علينا أن نرمم مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية ونفعلها في الداخل والخارج، وأعني بذلك اللجنة التنفيذية والمجلس الوطني، والمجلس المركزي. ولابد أن يكون لمنظمة التحرير الفلسطينية ميثاق وطني معترف به يتناسب ومستلزمات المرحلة القادمة، مقر من المجلس الوطني في دورة قادمة، تعقد خلال عام من تاريخه.
يجب أن لا يبقى عملنا مقصورا في إطار الضفة الغربية وقطاع غزة، فالضفة والقطاع هما ميدانا المقاومة، وموقع بناء السلطة الوطنية القادرة على إدارة شؤون المجتمع الفلسطيني في الداخل في هذه المرحلة الانتقالية، وبذل العناية بالمخيمات بشكل خاص، فقد كانت قواعد الإعداد للثورة والشرارة التي انطلقت منها الثورة الفلسطينية والمقاومة عام .1965
لقد حان الوقت لتصبح مخيماتنا في الخارج فاعلة ومشاركة في كفاحنا الوطني من خلال تعزيز عنايتنا بها وإدماجها في نشاطنا السياسي وذلك لدعم إخواننا في الداخل.
وهذا يتطلب منا تعزيز وحدتنا الوطنية في هذه المخيمات وتحسين أوضاعها المعيشية.
ولكننا في نفس الوقت نرفض التوطين في أي بلد عربي، فكلمة التوطين تؤذي مشاعرنا وتسيء لكفاحنا الوطني من أجل العودة لديارنا وممتلكاتنا. فهذا حق لكل مواطن فلسطيني نصت عليه قرارات الأمم المتحدة ومبادئ حقوق الإنسان. وليس من حق أية قيادة فلسطينية أن تسقط هذا الحق أو تتصرف به خارج إرادة الشعب الفلسطيني واملاءاته.
نحن على العهد أيها الاخوة، لن نتغير ولن نبدل في نهجنا وفي سلوكنا وثوابتنا السياسية الوطنية، وسنبقى كذلك، فإن جنحوا للسلم جنحنا، وإن استمروا في غيهم، فالمقاومة مستمرة حتى النصر والتحرير.
المجد والخلود لشهدائنا الأبرار
الحرية للأسرى والمعتقلين
وإنها لثورة حتى النصر .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.