عندما يسدل الليل ستاره ويأتي القمر ليضيء الكون بنوره وتبرز النجوم لتزين السماء اخلو بقلمي لأناجيه في صمت ورهبة، أأخذه بين أصابعي بكل لطف، وأبسط أمامي ورقة بيضاء وأطلب منه أن يترجم أفكاري، فيأبى القلم أن يطاوعني، أعيد معه المحاولة وقد استجمعت أفكاري ووضعتها أمامه، فلم أنل منه بشيء مما أريد، وقد أمسك مداده وزاد عناده وتحجر في مكانه، استغربت كيف يتجرأ على العصيان، وهو الذي كنت من قبل إذا أسررت له بخاطرة أو أطلعته على أمر سارع ليكتبه، بل مدني بأفكار لم تكن خطرت لي على بال، فما الدي جعله اليوم يستعصى على الكتابة. خاطبته قائلا: ما بك هذه الليلة يا قلم؟ لماذا لا تكتب؟ ها هي أفكاري الواحدة منها تجعلك تملأ صفحات الازرق.!… أكتب عن الركلات وحركات المقص التي تعرض لها الاستاد بعاصمة البلاد امام الصمت الرهيب لكل القوى الحية بالبلاد جراء تكالب الساسة على الكراسي وعن سقط المتاع كيف أصبحوا محللين في الاقتصاد والاجتماع وفي السياسة ولم يعنيهم العنف الممارس على فيءة حية من كينونة المجتمع،…. أو أكتب. أكتب عن المؤسسات العمومية كيف دمروها وعن الفلاحة التي ضيعوها،…أكتب يا قلم.. أكتب عن حال الأمة وما وصلت إليه، وعن أعداء الوطن الدين تكالبوا عليه وكيف باتت الشقيقة تقابلنا العداء والجور دون حياء،.. اكتب فالمواضع كثيرة.. أكتب عن نواب الأمة وتخبطهم في السياسة، وعن المعارك التي تشهدها قبة البرلمان دون طاءل يرجى، وعن رءيس الحكومة الذي لازلنا ننتظر إطلاق مشاريعه.. .وإذا لم تستطع أن تكتب في مثل هذه المواضيع، أكتب في الأدب والشعر، ودعك من السياسة والسياسيين، المهم أن تكتب فأنت في"بلد حرية التعبير". فجأة انتفض القلم ،وبدا الغضب ظاهرا على محياه، وقال: أتخدعني أم تخادع نفسك؟ من قال أن أفكارك هذه تدل أنك في بلد حرية التعبير؟ هل ما تكتبه في انتقاد الساسة واللصوص تعبر عن حرية التعبير؟. كيف تطلب مني أن أكتب في مثل هذه المواضيع وأخوض غمارها وأناقش مستجداتها وأحلل أخبارها، وهي قد قُتلت كتابة ومناقشة وتحليلا مِن كل مَن يجعل من القلم خادما له. انظر إلى صفحات الصحف والمجلات هل ترى فيها من جديد، وتأمل في جميع برامج التلفزة كيف أصبح دورها فيى تأزيم وضع البلاد، لتتأكد هل حقا تتمتع بحرية التعبير. إذا أردت حقا أن أعبر وأكتب، اترك هذه المواضيع التي قيل فيها ما قيل، ولنبدأ الكتابة والمناقشة في المواضيع التي تعنى بمستقبل البلاد والعباد ولم تفتح أبوابها بعد، مواضيع لا تزال رهن الصمت المطبق، .. وحينئذ فقط، سأنصاع لك وأعود خادمك المطيع كما تريد، أما الآن فلا تفرض علي أن أكتب في أمور لا أحب الكتابة فيها، واتركني لحالي فقد أرهقتني بهمومك… تصبح على خير … اه …. حتى أنت يا قلم خذلتني … !!!