مرحلة تأهيل .. في السنة الخامسة من التعليم الثانوي وهو ما يسمى الآن بالجذع المشترك – ولا جذع واحد صائب في تعليمنا – كنا مولعين متتبعين للأفلام الهندية وما كان لها من تأثير علينا حتى حفظنا الأغاني بلغة الهنود. كانت سينما آرمور هي المتنفس الوحيد لنا وهي التي تستقطب جميع الشرائح الاجتماعية داخل مدينة مهمشة إلا من ترييفها وبداوة غالبية ساكنتها. كنت معجبا بالدبلجة المرافقة لسيناريو الأفلام الهندية؛ أفلام مثل الصداقة (Dosti) والممثلات الجميلات بحيث كنت أحسب بأن الجمال موطنه الهند وبأن إلاه الحب ذو أصل هندي وكل ما هو جميل لباساً ومجوهرات و… حتى رئيسة الوزراء أنديرا غاندي كنا مفتونين بها وبخصيلات الشعر الأبيض الذي يتوسط رأسها ، وهي التي أضفت نوعاً جديداً من النشاط على السياسة الدولية بدفاعها عن البلدان الفقيرة والمتخلفة في العالم. أظهرت أنديرا غاندي دعمها للفلسطينيين في مقاومتهم، وكانت من المكافحين لتحقيق السلام العالمي والاستقرار الديموغرافي وبخاصة برامجها لإجبار الرجال على التعقيم ضمن خطة لتخفيض النسل في الهند. تفتقت عبقريتي في هذا السن المصاحب للأفلام الهندية وأتقدم بطلب إلى أمي الفاضلة أن تفتح الموضوع مع أبي لكي تخطب لي فتاة صادفتها على الطريق، كانت تشبه إلى حد بعيد فتيات الهند بشعرها الأسود الحريري ولباسها التقليدي والخالة التي كانت تضفي جمالا على وجهها. حسبتها أمي سحابة طيش شباب متهور ولم تنل طلبي مأخذ الجد. انتظرت طوال أسبوع كامل جوابا من أمي وكنت ذلك الفتى المدلل في لباسه ومصروف جيبه من عند الوالد أكرمه الحق وعطر مسكنه. لحظة يوم أقحمت على أمي سكونها وجعلتها أمام خيارين لا ثالث لهما إما طلب يد الفتاة التي تعلقت بها أو الإتيان بامرأة ومعها أطفالها والارتباط بها من حي قريب منا يسمى " جنان الشعيبي " ثارت ثائرة أمي واستنجدت بالأب، وطاوعها وذهبا لخطبة الفتاة من عند عائلتها الساكنة بالقرب من حينا ، رحبت الأسرة بطلب أبوي واتفقا على الشروط السائدة في الزواج من " جوججوج من الحاجة " قَبِلَ أبي العرض ولم يتوان تذكيراً على أساس موافقة العريس للشروط الموضوعة ، وأنا لا أملك سوى ما يجود به أبي علي.. وضعيتي بل مراهقتي في حاجة إلى اعتبار . ؟ بل إننا جميعاً في حاجة إلى وضعية اعتبارية .. ! – يُتْبَعُ –