نجحت المغربية كوثر بدران من فرض نفسها داخل هيئة المحامين بإيطاليا، بفضل مثابرتها وعزيمتها التي مكناها من التغلب على التحديات التي واجهتها منذ وصولها وهي في سن السادسة رفقة والديها وإخوتها للإقامة في فينيتو بشمال شرق إيطاليا. فقد تولد لدى كوثر المنحدرة من مدينة الدارالبيضاء، منذ طفولتها، طموح جامح في دراسة القانون الإيطالي الذي كان سببا في حرمانها من العديد من الفرص خلال مسارها التعليمي لدرجة أنها أحست وهي لاتزال طفلة بغصة النقص التي كانت حافزا لها لمتابعة دراستها حيث حصلت على الدكتوراه في القانون الأوروبي. وتحكي المحامية الشابة كيف كانت تشعر بالدونية عندما كانت تذهب في الساعة الخامسة صباحا مع أفراد أسرتها وهي في سن السابعة لمكتب منح وثائق الإقامة للمهاجرين البعيد عن مقر سكنهم، وتعود بعد ساعات طويلة من الانتظار خاوية الوفاض بحجة ان وقت تسليم الوثائق قد انتهى. وأوضحت في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء كيف أن معاناتها في صغرها مع القوانين الخاصة بالمهاجرين أكسبتها قدرة و إرادة قوية مكنتها من الإصرار على ركوب صهوة التعليم وتحويل الحرمان من بعض الحقوق الى قوة و طاقة داخلية لمواجهة العقبات . هذه القوة جعلتها تضع نصب عينيها هدف التعمق في دراسة القانون بكلية ترينتو للحقوق و التي تخرجت منها في سنة 2003 بعد حصولها على الإجازة لتبدأ مسار نيل شهادتي الماستر ثم الدكتوراه . وتسترجع كوثر ذكريات ما قبل تخرجها، لاسيما عدم قبول طلب منحها الجنسية في بداية تعليمها الجامعي ما حال دون سفرها لتعميق دراستها في القانون الأوروبي ، كما أنها حرمت من المشاركة في رحلات ترفيهية ومعرفية كانت تنظم خارج إيطاليا من قبل الثانوية التي درست فيها. ولم تكن تنتظر الحصول على الجنسية لتبدأ النضال من أجل نيل حقوقها وكسر حاجز التمييز الذي سلبها بعض طموحاتها، فقد تمكنت في سنة 2003 من الحصول على دبلوم وسيطة ثقافية ولغوية واشتغلت مترجمة بالمحكمة الجنائية والشرطة لتغوص بذلك في دروب القانون وإثراء رصيدها المعرفي. و استطاعت هذه الشابة أن تؤسس لنفسها مسارا مهنيا متميزا بعد أن تخرجت من كلية الحقوق في مدينة ترينتو، مستنيرة بنصائح والديها اللذين كانا يشجعانها هي و أشقائها على ان يكونوا ضمن الأوائل في الجامعة وتسلق سلم المجد العلمي لتحقيق أحلامهم . و بعد سنتين من تخرجها أسست "مكتب بدران الدولي للمحاماة" الذي أبانت من خلاله عن مهنيتها ليتم اختيارها كعضوة في فرع مجلس حقوق الإنسان الإيطالي، حيث كلفت بتقييم مدى احترام المحاكم والقوانين المطبقة لحقوق الإنسان والقوانين الدولية والدستور الإيطالي في جهة فينيتو. وبالفعل فقد نجحت السيدة بدران في فرض اسمها داخل هيئة لمحامين الإيطاليين و في محاكم البلاد بالدفاع عن القضايا الأسرية والجنائية المعقدة والتي تتعلق بالمغاربة أو الأجانب، معظمها يتداخل فيها القانون الإيطالي مع المغربي وتهم أساسا النفقة وحضانة الأطفال بعد الطلاق. ولتقريب القوانين الأسرية الإيطالية والمغربية ، قامت بدراسة مدونة الأسرة وترجمتها إلى اللغة الإيطالية من أجل إطلاع افراد الجالية المغربية على مضامينها ووضعها رهن إشارة الفاعلين في المجال القانوني بهذا البلد الأوروبي. كما أصدرت أول كتاب يحمل عنوان "الدليل القانوني لمدونة الأسرة المغربية. وفي 2011 ، أسست جمعية المحامين من أصل مغربي بإيطاليا بهدف العمل على إطلاق مشروع شبكة المحامين المغاربة في العالم. وتفتخر كوثر بقوة تحمل النساء المغربيات في المهجر واللواتي حققن نجاحا باهرا في مختلف المجالات وتركن بصمة قوية في بلدان الاستقبال ليصبحن بديلا عن المرأة البسيطة التي تكتفي بمهن عادية.