مندوبية التخطيط: 80,6 في المائة من الأسر المغربية تُصرح بتدهور مستوى معيشتها    المغرب يحتضن منافسات عصبة الأبطال الإفريقية لكرة القدم للسيدات    رسميا.. الألماني توخل مدربا لمنتخب إنجلترا    إيران: "مستعدون لرد حازم على إسرائيل"    رئيس الحكومة: المغرب صنع العام الماضي 570 ألف سيارة بمعدل سيارة في كل دقيقة    شروط جديدة لاستيراد اللحوم الحمراء إلى المغرب    قاضي التحقيق يأمر بإيداع مالك مجموعة "سيتي كلوب" السجن    «ذهب أجسادهن» جديد عائشة بلحاج ضمن سلسلة إشراقات برعاية أدونيس    مهرجان سلا للسماع والتراث الصوفي دعامة للدبلوماسية الدينية والفكرية بأبعاد روحية وجمالية    نقطة نظام .. النائبة البرلمانية النزهة اباكريم تطرح وضعية المواطنين بدون مأوى بجهة سوس    رجل تعليم يُنهي حياته بالحسيمة في ظروف غامضة    التوقعات الجوية المنتظرة ليوم غد الخميس    رئيس مؤتمر عمداء مدن أمريكا يزور الداخلة والعيون ويشيد بالتدبير الملكي لقضية الصحراء    باريس سان جرمان يحتفي بالمطبخ المغربي    عزيز العامري يعود لقيادة المغرب التطواني    مشروع قانون الإضراب.. توصيات بالتناسب في الاقتطاع من أجور المضربين وعدم الإحالة على القانون الجنائي    "صحة غزة": ارتفاع حصيلة الشهداء إلى 42 ألفا و409 منذ أكتوبر 2023    إسرائيل تضرب عشرات الأهداف لحزب الله    المغرب يعتزم إطلاق استراتيجية لصناعة السفن التجارية الكبرى    أسعار النفط ترتفع بعد هبوطها بأكثر من 4 في المائة    بورصة البيضاء تفتتح التداولات ب"الأحمر"    رسميا.. الجيش الملكي يعلن تعاقده مع هوبير فيلود    المغرب يحقق قفزة نوعية في تطوير قدراته العسكرية مع نجاح أول تجربة لطائرة بدون طيار محلية الصنع    افتتاح المؤتمر الدولي للقيم والفنون بكلية الآداب والعلوم الإنسانية جامعة شعيب الدكالي    الناقد سينمائي واكريم يستعرض الجوانب الفنية لنجاح الفيلم السينمائي "على الهامش"    البروفيسور عبد السلام الإدريسي ل"رسالة24″: تصنيفي كأحد أكثر العلماء تأثيرا هو ثمرة سنوات من العمل الجاد"    إطلاق قمر اصطناعي صيني جديد في الفضاء لرصد الكوكب    جيتكس دبي.. آيت الطالب يكشف رؤية المغرب للتحول الرقمي في قطاع الصحة    الصحراء المغربية.. الدومينيكان تجدد تأكيد دعمها لجهود المغرب للتوصل إلى حل سياسي ذي مصداقية    ثمانية منتخبات تضمن مقعدها في نهائيات كأس إفريقيا المقررة بالمغرب قبل جولتين من نهاية التصفيات    80.6 بالمائة من الأسر المغربية صرحت بتدهور مستوى المعيشة (مندوبية التخطيط)    زلزال بقوة 6.3 درجات يضرب منطقة شرق تركيا    التنسيق النقابي ببني ملال بقطاع الصحة يصعد من احتجاجه ضد "سوء" التسيير والتدبير و"ضياع" حقوق الشغيلة الصحية    جيتكس دبي.. آيت الطالب يكشف عن رؤية المغرب للتحول الرقمي في قطاع الصحة    وليد الركراكي يشيد بأداء اللاعبين الجدد خلال مباراة إفريقيا الوسطى        أبيدجان.. تسليط الضوء على الخطوات الكبرى التي اتخذها المغرب لإقامة مدن مستدامة    كوريا الشمالية تعلن تطوّع أكثر من مليون شخص في الجيش    رئيس البنك الدولي يحذر من تداعيات اقتصادية عالمية في حال توسع الصراع في الشرق الاوسط    رئيس الوزراء القطري: قاعدة العديد لن تُستخدم لأي هجمات على دول في المنطقة    درك سيدي إفني يعترض مخدرات    مدرب إفريقيا الوسطى يستنجد بالمغرب    خنيفرة تستعد لاحتضان الدورة الخامسة لمهرجان إيزوران    ‮مناسبة ذكرى قراري‮ ‬محكمة‮ ‬لاهاي‮ ‬الدولية‮ وتنظيم‮ ‬المسيرة الخضراء‮:‬ ‮ ‬ما الذي‮ ‬يزعج الجزائر‮ ‬في‮ …. ‬البيعة؟    الجالية وقضية الوحدة الترابية من منهجية التدبير إلى مقاربة التغيير    صناعة التفاهة.. تهديد صامت للوعي الاجتماعي    حملة استنكار مغربية تقود إلى إلغاء حفل الجزائري الشاب بلال بميدلت    شكاوى جديدة ضد شون "ديدي" كومز بتهمة الاعتداء الجنسي على قاصر    الصحة العالمية: سنة 2024 شهدت 17 حالة تفش لأمراض خطيرة    دراسة: تناول كمية متوسطة من الكافيين يوميا قد يقلل من خطر الإصابة بألزهايمر    دراسة: الذكاء الاصطناعي ساعد في اكتشاف آلاف الأنواع من الفيروسات    أعراض داء السكري من النوع الأول وأهمية التشخيص المبكر    الملك محمد السادس: المغرب ينتقل من رد الفعل إلى أخذ المبادرة والتحلي بالحزم والاستباقية في ملف الصحراء    أربعاء أيت أحمد : جمعية بناء ورعاية مسجد أسدرم تدعو إلى المساهمة في إعادة بناء مسجد دوار أسدرم    الزاوية الكركرية تواصل مبادراتها الإنسانية تجاه سكان غزة    القاضية مليكة العمري.. هل أخطأت عنوان العدالة..؟    "خزائن الأرض"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لماذا لا نهتم بتطوير آداب السلوك في المجتمع العربي؟
نشر في عالم برس يوم 07 - 02 - 2019

الفرد في أي مجتمع إنساني يتصرّف طبقا لنظام القيم الأخلاقيّة والسلوكيّة التراكميّة التي إكتسبها من بيته، ومدرسته، ومسجده، وكنيسته، ومعبده، وقيم وعادات وتقاليد مجتمعه، ومكان وزملاء عمله، وأبناء جيله، والآخرين الذين يتعامل معهم في حياته اليومية. ولهذا يمكن اعتبار سلوك الفرد والجماعة في أي مجتمع مقياسا حقيقيا لما وصل إليه من تطوّر وتحضّر.
شعوب العالم تتعلّم من تجاربها وتفاعلها. ولهذا فإن الدول المتخلّفة تقلّد الدول الأكثر قوة وتطوّرا في عصرها، وتتعلّم منها، وتستفيد من إنجازاتها العلميّة والحضاريّة. عندما كنا أمّة قويّة ومجدّدة في العلم والثقافة وآداب السلوك في أيام الدولة العباسية وعصر المسلمين الذهبي، استفاد العالم من علومنا وعاداتنا وسلوكنا وثقافتنا وقلدّها وطبّق بعضها في أوطانه، والآن يقلدّ الدول الأكثر قوة ويتأثّر بعاداتها وقيمها السلوكيّة؛ اليابان، وسنغافورة، وكوريا الجنوبية، وماليزيا، والصين، والهند، على سبيل المثال لا الحصر، كانت متخلّفة وانفتحت على العالم وثقافاته، وتفاعلت معه، وتأثّرت به واستفادت منه في بناء دول حديثة طوّرت منظومات سلوكيّة حضاريّة جيّدة، وحافظت في نفس الوقت على ثقافاتها وتراثها الحضاري ولم تفقد هويّتها الوطنية.
للأسف الشديد لا بدّ من القول بأنّنا في مجتمعنا العربيّ نعاني من مشكلة غياب الكثير من مظاهر آداب السلوك العام في تعاملنا البيني، وإن بعض ممارساتنا السلوكيّة الغير سويّة، والمحبطة التي لا تشجّع التصرّف الأخلاقي المهذب، ولا تراعي ولا تحترم عادات وتقاليد وقيم ومعتقدات وشعور الآخر يمكن ملاحظتها في تعاملنا في بيوتنا، وشوارعنا، ومتاجرنا، ومقاهينا، وأحاديثنا الثنائيّة والجماعيّة، ودوائرنا الحكوميّة، ومدارسنا، وجامعاتنا، ومستشفياتنا، ومحطات تلفزتنا، ووسائل نقلنا، ومساجدنا الخ.
هناك هوّة كبيرة بين ما نقول وما نفعل؛ نتكلم عن الأخلاق وحقوف الأخرين في المعاملة الطيبة والتقدير والإحترام، بينما تتسم بعض أنماط سلوكنا بقلّة الاحترام، والفظاظة، والمداهنة، والنفاق، والمجاملات ممّا أدّى الى تفاقم خلافاتنا، وأصبحت (الطوشات) المشاجرات الفرديّة والجماعيّة والقبليّة وضرب السكاكين والاعتداءات على الآخرين جزءا من حياتنا الاجتماعية!
معظم أنماط سلوك مجتمعاتنا العربية يتحكّم فيها مركب التفوّق أو الاستعلاء Superiority Complex أي مغالاتنا بتفوّقنا الأخلاقي والحضاري المزعوم على الآخرين، والنزعة الضدّية أو فلسفة من لا يتّفق معي في الرأي فهو ضدّي، والضبابيّة الفكرية التي تتّسم بعدم الوضوح وترفض إعمال العقل والمنطق وتميل إلى التعميم، والإقصائيّة المبنيّة على من لا يفكّر كما أفكّر ولا يتصرّف كما أتصرّف جاهل يجب التصدّي له وإبعاده بدلا من الوصول إلى قاسم مشترك للتعامل والتعايش الحضاري معه، والانتماء السياسي القائم على من لا يتّفق معي سياسيا هو عدوّي ويجب تهميشه بدلا من التعامل معه ومحاورته بالعقل والمنطق، والتزمت الديني الذي نستخدمه لتفسير الدين كما نريد، ولنقبل أو نقاطع أو نكفّر من نريد، والأنانيّة التي تعني أنا أولا ولا تراعي شعور الأخرين وحقوقهم في الشارع والمتجر والدائرة الحكومية إلخ، والانفعالية أي تفضيل النزعة العاطفيّة على التفكير المنطقي، والعقلية النقدية الاتّهاميّة التي كما يقول المثل الشعبي،” لا يعجبها العجب ولا الصيام في رجب” وتتهم من تشاء بما تشاء بدون دليل.
تعاملنا مع المرأة العربية يمكن اعتباره دليلا واضحا آخر على تخلّفنا الثقافي والسلوكي. إنّنا ننظر إليها نظرة دونيّة، ونهينها، ولا نسمح لها أن تقوم بدورها كشريكة لنا في مجتمعنا، ونتحكّم بمعظم شؤون حياتها، ونعتبرها أقلّ ذكاء وشأنا من الرجل، ونحرمها من معظم حقوقها؛ ولهذا فإنها تعاني من التهميش والعزلة والبطالة، وتتعرّض للتحرش الجنسي المكشوف المهين المتّصف بأعلى درجات قلّة الأدب والانحطاط في مدننا العربية، ولا نفعل ما يكفي لحمايتها ومعاملتها بالإحترام الذي تستحقّه كأم وأخت وزوجة وحبيبة ومواطنة ومساواتها مع الرجل في الحقوق والواجبات.
أضف إلى ذلك أننا في عالمنا العربي لا نحترم القانون ولا نتقيّد به، ونحاول تجاوزه بالمحسوبيّة، والعشائريّة، والمكانة العائليّة، والمعرفة الشخصيّة، والواسطة، والرشوة، وشراء الذمم، وشهادات الزور، والكذب، والنفاق. ولهذا تضيع حقوق معظم الناس، ويفقد القانون مكانته وإحترامه واهتمام الناس به، ويصبح لا قيمة له ولا خوف منه، إلا عند من لا يستطيع تجاوزه من الفقراء والمساكين لأن الدول دولنا العربية تسلّطية فاسدة تعلّم الشعب الفساد، ولا تهتم لا بقيمه السلوكية ولا بغيرها! بينما في الدول المتطورة التي تطبّق القانون يقولون ” لا أحد فوق القانون Nobody is above the law ” وهم صادقون في ذلك، لان القانون في هذه الدول يطبّق بالتساوي على رئيس الدولة وعلى أبسط مواطن فيها، ولهذا فإن الناس يهابونه، ويحترمونه، ويتمسكون به ويطبّقونه.
القيم السلوكيّة الإنسانيّة الجميلة ملك للجميع، وتطبيقها يخدم الجميع، لأنه يعمّق مشاعر المواطنة والوفاء والإحترام المتبادل بين الناس، ويجعل حياتهم أفضل. فلماذا لا نهتم بتعزيز وتشجيع تطبيقها على نطاق واسع في مجتمعاتنا العربيّة؟ لا أحد يطالبنا بالتقليد الأعمى ونقل السيّئات والرذائل من مجتمعات أخرى إلى مجتمعاتنا العربية التي هي ككل مجتمعات العالم فيها من النواقص والرذائل والتجاوزات ما يكفي ويزيد! إننا بحاجة إلى ثورة ثقافيّة سلوكيّة تشجّع التصرّف الأخلاقي المهذّب، وتدعم وتعزّز الأنماط السلوكيّة الجميلة الخيّرة التي تخدم إنساننا وتساهم في رقيّ وتحضّر مجتمعاتنا العربيّة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.