إن المسألة التي لا تخطئها عين الدارس هي أن الإنسان يرتبط بالعقار ارتباطا وثيقا منذ نشأته إلى ما بعد مماته، مصداقا لقوله عز وجل “منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة أخرى” ، خاصة وأن العقار يشكل مورد رزق الإنسان ومحل سكناه والمنطلق الأساسي لإقامة المشاريع الاستثمارية الاقتصادية الكبرى، وأداة لتحقيق السلم والأمن الاجتماعيين. ونظرا لكون المراهنة على تحقيق العقار للأهداف والأدوار المنوطة به يقتضي توفير وسائل الجذب وعلى رأسها بسن قواعد قانونية مرنة تكفل حفظ الحقوق الواردة على العقار وصيانتها من الترامي والضياع. ومن هذا المنطلق عمد المشرع المغربي إلى خلق منظومة قانونية تعنى بالعقار، وعلى رأسها قانون التحفيظ العقاري رقم 07.14( ) الذي جاء بالعديد من المستجدات خاصة تلك المتعلقة بالآجال. سواء تلك الملزمة للإدارة أو الملزمة للأشخاص أو المتدخلين في مسطرة. فنظام الآجال يكتسي أهمية كبرى نظرا للدور الذي يلعبه ضمان السير السليم لكل مسطرة على حدة، وبالتالي ضمان السرعة في حفظ حقوق الناس وصونها. وانطلاقا لما للآجال من أهمية تتحدد إشكالية العرض المتمثلة في مدى تقيد الإدارة والأشخاص بهذه الآجال؟ وهل هي كفيلة لحفظ حقوق الناس؟ وما هو طابعها هل تكتسي الإلزامية أم العكس؟ وفي حالة مخالفتها ما هو الجزاء الذي يمكن ترتيبه؟ للإجابة عن هذه التساؤلات، ارتأينا أن ننطلق من مضمون النصوص ونبحث في مدى إلزاميتها بالنسبة للإدارة والمتدخلين، وكذا عن الآثار التي يمكن ترتيبها في حالة مخالفتها، محاولين تسليط الضوء على ما دأب عليه العمل داخل أروقة المحافظة العقارية، إذ لا فائدة من دراسة تظل أسيرة الأفكار النظرية بعيدة كل البعد عن الواقع العملي، ولهذا سنتناول في مبحث أول الآجال الملزمة للإدارة، في حين سنتحدث عن الآجال الملزمة للمتدخلين في مبحث ثان. المبحث الأول: الآجال الملزمة للإدارة تخضع مسطرة التحفيظ العقاري لمجموعة من الإجراءات داخل آجال محددة ينبغي احترامها من قبل المحافظ على الأملاك العقارية تحت مسؤوليته، حيث أن كل تباطؤ أو إهمال يشل حركة مطلب التحفيظ ويجعل المسطرة تبلغ من الطول حدا غير منسجم مع السياسة المعتمدة من قبل المشرع المتمثل في التقليص من الآجال بغية تسريع المسطرة. ولهذا، فقد نص المشرع العقاري على مجموعة من الآجال التي ينبغي احترامها من قبل إدارة المحافظة العقارية سواء عند إيداع مطلب التحفيظ (المطلب الأول) أو خلال إجراء عملية التجديد و أثناء المرحلة التي تليه (المطلب الثاني). المطلب الأول: الآجال الملزمة للإدارة عند إيداع مطلب التحفيظ أثناء قيام الأشخاص المخول لهم قانونا إيداع مطلب التحفيظ يتعين التقيد بأجل تسليم وصل مقابل هذا الإيداع (الفقرة الأولى)، وكذا بأجل تحرير خلاصة لمطلب التحفيظ المقبول وتوجيهه لدى الجهات المعنية بعد أداء الواجبات ليتم الإعلان عن يوم التحديد (الفقرة الثانية). الفقرة الأولى: أجل تسليم وصل مقابل إيداع مطلب التحفيظ يقدم مطلب التحفيظ وفق نموذج (IF1)، ويسلم مجانا من المحافظة العقارية حتى يتم تعبئة من طرف طالب التحفيظ بنفسه أو بمساعدة أحد الكتاب العموميون بدقة وتفصيل. ويتضمن هذا المطبوع معلومات وبيانات منصوص عليها في الفصل 13 من القانون 07.14 المتعلق بالتحفيظ العقاري( ). وبعد تقديم التصريح مرفقا بالوثائق المدعمة له –من تصميم موقعي وشهادة إدارية إذا تعلق الأمر بأصل أو رخصة البناء إذا تعلق الأمر بعقار- يضرب له أجل لدراسة المطلب والذي لا يتعدى عادة على مستوى الواقع العملي 15 أو 20 يوما من تاريخ تقديمه، ويسلم له وصلا قصد الحفاظ على حقوقه في مواجهة الإدارة حيث نص الفصل 13 من القانون 07.14 على مايلي :”يقدم طالب التحفيظ للمحافظ على الأملاك العقارية، مقابل وصل يسلم له فورا …” عكس الصياغة القديمة في ظل ظهير 1913 حيث نص على أنه “يقدم طالب التحفيظ تصريحا للمحافظ الذي يعطيه وصلا به …”. وبهذا ما لنا إلا أن نشيد بهذا التنصيص –الفورية في تسليم الوصل- حتى يتسنى للأفراد أو بالأحرى طلاب التحفيظ بتعبير أدق الحفاظ على حقوقهم تجاه الإدارة في حالة الضياع أو …. الفقرة الثانية: أجل تحرير خلاصة المطلب وتوجيهها للتعليق بعد قبول المحافظ العقاري لمطلب التحفيظ، وأداء طالب التحفيظ الواجبات التي حددها هذا الأخير وتسلمه الاستدعاء لعملية التحديد، يتم وضع ملخص للبيانات التي يتضمنها المطلب داخل أجل 10 أيام من تاريخ إيداع المطلب وفقا لمقتضيات الفصل 17 من قانون 07.14 المتعلق بالتحفيظ العقاري. فهذا الأجل المحدد لإنجاز ملخص مطلب التحفيظ قد يبدو أنه يبتدأ من تاريخ إيداع المطلب من أجل دراسته نتيجة للعبارة التي وضعها المشرع في الفصل 17 ،إلا أنه يبتدأ من تاريخ أداء الواجبات التي حددها المحافظ على الأملاك العقارية وليس من تاريخ إيداع المطلب لأول مرة من أجل الدراسة. والسؤال الذي يطرح نفسه في هذا الصدد هو ما الجزاء المترتب عن عدم إحترام هذا الأجل لإنجاز خلاصة المطلب ؟ أمام سكوت المشرع عن جزاء مخالفة هذا الأجل وتفاديا للبطء وبغية تسريع المسطرة وجه المدير العام للوكالة الوطنية للمحافظة العقارية والمسح العقاري والخرائطية إلى السادة المحافظين على الأملاك العقارية ورؤساء مصالح المسح العقاري مذكرة بتاريخ 3 فبراير 2006 في شأن تعيين تاريخ تحديد المطالب التي تندرج ابتداء من فاتح مارس 2006 نص فيها على ضرورة توجيه خلاصة المطلب للنشر بالجريدة الرسمية خلال 5 أيام من تاريخ إدراج المطلب تجنبا لحلول تاريخ التحديد قبل نشرها في الجريدة الرسمية. إضافة إلى هذا الأجل فقد نصت نفس المذكرة نصت على أجل 5 أيام لتحرير الاستدعاءات وتوجيهها للمجاورين وأصحاب الحقوق المصرح بهم داخل أجل 5 أيام للمعلومات. أما بخصوص توجيه ملخص مطلب التحفيظ إلى الجهات الإدارية والقضائية لتعليقها فقد أوجب المشرع بمقتضى الفصل 18 من القانون رقم 07.14 توجيه نسخ من الوثائق المشار إليها في الفصل 17 من نفس القانون مقابل إشعار بالتوصل إلى كل من رئيس المحكمة الابتدائية وممثل السلطة المحلية –القائد أو الباشا- ورئيس المجلس المجلس الجماعي الذين يقع العقار في دائرة نفوذهم وذلك قبل التاريخ المعين لإجراء التحديد بعشرين يوما. فالتساؤلات التي يمكن أن تطرحها في هذا الصدد هي كالآتي: ما هو الجزاء المترتب عن مخالفة هذا الأجل من قبل الإدارة؟ وما هو الأثر المترتب عن عدم تسليم إشعار بالتوصل من قبل الجهات المكلفة بالتعليق؟ وكيف يمكن التعامل مع الحالة التي يتم فيها توجيه التعاليق إلى غير الجهات الإدارية خطأ؟ وهل يمكن لهذا أن يكون سببا يتذرع له المتضرر من هذا الخطأ من أجل تقرير بطلان المسطرة؟!! المطلب الثاني: الآجال الملزمة للإدارة خلال عملية التحديد والمرحلة التي تليه للحديث عن الآجال أثناء القيام بهذه العملية والمرحلة التي تليه يقتضي منا الأمر تقسيم هذا المطلب إلى فقرتين، حيث سنتناول في فقرة أولى آجال إجراء التحديد بينما نتحدث في فقرة ثانية عن مرحلة ما بعد التحديد. الفقرة الأولى: آجال التحديد تعتبر عملية التحديد أول مرحلة تلي عملية نشر ملخص مطلب التحفيظ في الجريدة الرسمية وتعليقه لدى الجهات القضائية والإدارية المعنية، واستدعاء طالب – أو طالبي التحفيظ في حالة الشياع- والمجاورين المبينين في مطلب التحفيظ والمتدخلين وأصحاب الحقوق العينية والتحملات العقارية المصرح بها بصفة قانونية، وهذه العملية مهمة وخطيرة أحيانا لأنها المنطلق الذي يثبت حالة العقار ماديا وقانونيا( ). وقد حدد المشرع العقاري أجل القيام بعملية التحديد داخل أجل شهرين يبتدأ احتسابها من يوم الأداء طبقا للفصل 17 من القانون 14/07 ، حيث يحدد اليوم من قبل المحافظة العقارية بينما تحدد الساعة من قبل مصلحة المسح العقاري. والسؤال الذي يمكن طرحه في هذا الصدد هو هل يمكن مخالفة هذا الأجل، أي إمكانية إنجاز عملية التحديد قبل التاريخ المحدد؟ فإن أنجز فأي جزاء يترتب عن هذا؟ أمام سكوت المشرع عن الجزاء الذي يمكن توقيعه في حالة إنجاز عملية التحديد قبل الأجل المحدد له نرى بأنه لا مضار من هذا الأمر لاعتبار أساسي ورئيسي يتمثل في مسايرة فلسفة المشرع في تسريع مسطرة التحفيظ العقاري. وقد يطرأ ما يجعل التحديد سلبيا –bornage négatif- نتيجة عدم قيام طالب التحفيظ بما يجب كعدم جلب الصباغة أو الأحجار التي يمكن بها تثبيت الحدود ووضع الأنصاب، و على إثره يقوم التقني التابع لجهاز المسح العقاري بإنجاز محضر سلبي، لكن أليس لطالب التحفيظ أن يستأنف عملية التحديد؟ لقد فتح المشرع باب استئناف عملية التحديد ليستدرك الأمر تحت طائلة الإلغاء إذا لم يدل بعذر مقبول داخل أجل شهر من تاريخ توصله بالإنذار( ) في حالة تعذر إنجازه مرتين . وكذا، فما يمكن تسجيله في هذا الصدد هو قيام بعض المحافظين العقاريين بإلغاء مطالب التحفيظ دون إثبات توصل طلاب التحفيظ بالإنذار من جهة، ومن جهة أخرى هناك حالات عدة لا يتم فيها إلغاء المطلب ولو بعد مرور أجل شهر من تاريخ التوصل. ويعد إجراء التحديد المؤقت، تنجز عملية التحديد النهائي –المسح العقاري -التي تحدد المساحة النهائية للملك موضوع مطلب التحفيظ. الفقرة الثانية: مرحلة ما بعد التحديد تشكل مرحلة ما بعد عملية التحديد والتوصل بمحضر التحديد ثم التصميم العقاري خطوة مهمة وانطلاقة حقيقية لإجراءات التحفيظ على اعتبار أن هذه العملية تقدم صورة أكثر وضوحا على الوضعية الهندسية والقانونية أيضا للملك موضوع مطلب التحفيظ. وبهذا، فبمجرد توصل رئيس قسم المسطرة العادية بالمحافظة العقارية بمحضر التحديد والتصميم العقاري يكون ملزما بضرورة بتوجيه إعلان بإنتهاء التحديد داخل أجل 4 أشهر بعد قيامه بمراقبة البيانات الهندسية والقانونية المصرح بها عند تقديم مطلب التحفيظ مع تلك التي أسفرت عليها هاتين العمليتين الهندسيتين والقانونيتين، ومراسلة طالب التحفيظ في أي اختلاف في المساحة يقتضي تبريرها إذا ما أسفرت عملية التحديد عن مساحة أكبر من تلك المصرح بها في مطلب التحفيظ …، وكذا مراقبة تطابق بيانات المحضر مع التصميم العقاري، ومراسلة المتغيبين من المجاورين للملك المراد تحفيظه عن عملية التحديد قصد الموافقة على عملية التحديد. وما يمكن تسجيله في هذه النقطة عدم تحديد المشرع لأجل ملزم يجب فيه على مصلحة الهندسة أن تحيل محضر التحديد والتصميم العقاري على المحافظة العقارية، حيث أنه بعدم تحديد أجل لهذا الأمر يساهم في تباطؤ الإدارة وعدم مواكبة فلسفة المشرع المتمثلة في التسريع من إجراءات التحفيظ العقاري وعكس ما سجله أحد الباحثين( ) أن العمل الإداري للمحافظات العقارية دأب على إحالة محاضر التحديد السلبية والتعرضات المتبادلة بشكل “فوري”، حيث أنه لم يميز بين إحالة المحاضر السلبية والتعرضات المتبادلة بعينها وبين إرسال ملاحظة Note إلى المحافظ على الأملاك العقارية لتنبيهه بوجود تعرض متبادل مثلا في انتظار إنجاز محاضر التحديد وإحالته عليه. وعلى غرار ما اشرنا إليه بخصوص خلاصة مطلب التحفيظ فإن نفس العملية تتكرر بخصوص نشر وتعليق إعلان بانتهاء التحديد وفق ما أسفرت عنه العمليتين السابقتين وفقا لمقتضيات الفصل 23 من القانون 07.14، وعلى إثره يتم احتساب أجل شهرين الموالية لتاريخ هذا الإعلان ليتم تقديم التعرضات إن لم يقدم من ذي قبل. وفي سياق الحديث، يمكن للمحافظ العقاري قبول التعرض خارج الآجال القانونية -التعرض الاستثنائي-، وفقا للفصل 29 من القانون رقم 07.14. ويبقى هذا التنصيص في نظرنا مضر بحقوق المواطنين خاصة مع ضعف الوازع الديني لدى المحافظين العقاريين، حيث يتم قبول التعرض دون الإدلاء بما يبرر سبب عدم تقديمه داخل الأجل نتيجة للعلاقة الشخصية التي تجمع المحافظين العقاريين بهؤلاء المتعرضين من جهة، ومن جهة أخرى لا يمكن التسليم لأي قرار بحصانته وعدم قابليته للطعن، لأن هذا الأمر هو مخالف للمشروعية في رقابة المحاكم على القرارات الإدارية، كما أنه مخالف للفصل 118 من الدستور المغربي لسنة 2011 الذي يفتح الطعن في جميع القرارات الإدارية. وهكذا، فقد تستجد حالات تقتضي توجيه نشر أو تعليق ما يسمى بالخلاصة الإصلاحية، وإعلان جديد بانتهاء التحديد عند الاقتضاء، كحالة التفويت المجراة وفقا للفصل 83 من القانون 07.14 أو صدور حكم يقضي بالفصل في التعرضات –صحة التعرض … وبعد انتهاء أجل التعرض يجب على المحافظ العقاري أن يتخذ قرارا بخصوص مطلب التحفيظ إما برفضه لعدم كفاية الحجج أو تحفيظه أو إحالته على المحكمة للفصل في التعرضات إن كان مثقلا بها داخل أجل 3 أشهر، لكن هل هذا الأجل ملزم للإدارة؟ وفي حالة مخالفته ما هو الجزاء؟ لم يحدد المشرع أي جزاء عن عدم إحالة مطلب التحفيظ على المحكمة أواتخاذ قرار بشأنه داخل أجل 3 أشهر من تاريخ انتهاء أجل التعرض، وغالبا ما لا يتم احترام هذا الأجل لوجود صعوبات قانونية وواقعية. المبحث الثاني: الآجال الملزمة للمتدخلين وعيا بمدى أهمية مؤسسة الآجال أقام المشرع المغربي العقاري بتعديل ظهير التحفيظ العقاري، حيث غلب عليه هاجس الإسراع بمسطرة التحفيظ بتنصيصه على ضرورة تقيد المتدخلين بمجموعة من الآجال سواء خلال سريان مسطرة التحفيظ (المطلب الأول) أو بعد انتهاءها (المطلب الثاني). المطلب الأول: الآجال الملزمة للمتدخلين قبل انتهاء مسطرة التحفيظ إن ربط المشرع مسطرة التحفيظ العقاري بمؤسسة الآجال هو حث الأشخاص على القيام بمجموعة من الإجراءات لضمان استقرار المعاملات. ولهذا سنتناول في هذا المطلب للآجال الملزمة لطالب التحفيظ للإدلاء بمايفيد سبب تغيبه أو عدم قيامه بما يجب لإنجاز عملي التحديد (الفقرة الأولى) ،وكذا الآجال الملزمة للمتعرض قصد التصريح بتعرضه(الفقرة الثانية). الفقرة الأولى: الآجال الملزمة لطالب التحفيظ للإدلاء بمبررات التغيب عن عملية التحديد ومتابعة الإجراءات لقد نص المشرع العقاري على مجموعة من الآجال التي ينبغي أن يتقيد بها طالب التحفيظ خلال المرحلة الإدارية من قبيل ضرورة الإدلاء بمبرر تغيبيه عن عملية التحديد أو عدم قيامه بما يلتزم داخل أجل شهر من تاريخ توصله بالإنذار تحت طائلة الإلغاء. وبالزيادة على هذا، فطالب التحفيظ ملزم أيضا داخل أجل 3 أشهر من تاريخ تبليغ الإنذار بالاستجابة لنداء الإدارة من أجل متابعة الإجراءات تحت طائلة الإلغاء. لكن ما يمكن ملاحظته في هذا الصدد هو أنه مع قلة المستخدمين وكثرة الملفات أو بالأحرى مطالب التحفيظ تجعل من الصعب مراسلة كل طالب تحفيظ لأجل متابعة المسطرة أو إنذاره من أجل إستئنافه عملية التحديد. الفقرة الثانية: الآجال الملزمة للمتعرض يعد حق التعرض ضمانة أساسية يوفرها نظام التحفيظ العقاري لمن له حق على العقار المراد تحفيظه، ولهذا حدد المشرع آجالا لممارسة هذا الحق والمتمثل في شهرين من تاريخ نشر الإعلان بانتهاء التحديد ما لم يقدم من قبل، لكن إن مر هذا الأجل ولم يقدم التعرض فهل هناك إمكانية لاستدراك هذا الأمر؟ لقد فتح المشرع الباب لمن مر عليه أجل التعرض لتقديمه خارج أجل شهرين من تاريخ الإعلان بإنتهاء التحديد شريطة عدم إحالة المطلب على المحكمة. ويبقى هذا المقتضى سلاح خطير في يد المحافظ العقاري لكون أن قرار قبول أو رفض التعرض خارج الآجال يخضع للسلطة التقديرية، بل الأكثر من ذلك قراره برفض ها التعرض محصن من كل طعن (ف 29 من ق 07.14). المطلب الثاني: الآجال الملزمة للمتدخلين بعد انتهاء مسطرة التحفيظ يعتبر نشر الإعلان بشأن انتهاء التحديد النهائي وفتح أجل تقديم التعرضات العملية المنهية للإجراءات المسطرية من الناحية العملية، ومهلة الشهرين المسموح بها لتقديم التعرضات هي مرحلة مهمة بالنسبة لطالب التحفيظ وكذلك للمتعرضين. فبالنسبة لطالب التحفيظ للحفاظ على حقوقه يتعين عليه المصالحة مع المتعرض قصد رفع التعرض وإتمام المسطرة لنهايتها (فقرة أولى)، كما تعتبر الفترة التي تلي انتهاء أجل فتح التعرضات فترة مهمة لإثبات المتعرض لتعرضاته وذلك في آجال محددة (فقرة ثانية). الفقرة الأولى: إثبات رفع التعرض أو قبوله من طرف طالب التحفيظ والسهر على متابعة المسطرة إلى نهايتها تكمن أهمية تقديم التعرضات داخل الأجل في حماية حقوق الغير التي قد تضرر من قرار التحفيظ، وأن قبول التعرض من قبل المحافظ على الأملاك العقارية لا يفيد إثبات الحقوق المدعى بها من طرف المتعرض أو نفيها على طالب التحفيظ، ولكنه يفيد وجود نزاع بشأن العقار أو الحق موضوع التحفيظ وهذا النزاع الذي يهم طالب التحفيظ أكثر من المحافظ على الأملاك العقارية( ). وقد سمح المشرع لطالب التحفيظ أن يدلي بما يثبت رفع التعرض بعد تبليغه نسخة من مضمونه، ولاشك أن رفع التعرض يكون عادة بالتصالح وذلك بمبادرة من الأفراد أو بمبادرة من المحافظ على الأملاك العقارية، وبذلك يحرر محضر الصلح ويوقع بين الطرفين لتكون له قوة إثباتية بشأن رفع التعرض( ). وطبقا للفصل 31 من ق 07.14 فإن آجل رفع التعرض أو قبوله هي شهر تبتدأ من يوم انتهاء أجل التعرضات. والرأي فيما نعتقد أن أجل الشهر غير كاف لإجراء صلح بين الأطراف خصوصا إذا كان الأطراف المتعرضون متعددون أو يقطنون خارج الوطن، فكان على المشرع أن يمدد أجل الشهر إلى 3 أشهر كأقصى تقدير وذلك ليتوافق مع الأجل الثلاثة أشهر المسموح به للمحافظ على الأملاك العقارية لتحفيظ العقار عند عدم وجود تعرضات (الفصل 30 من ق 07.14). إلى جانب الآجال المرتبطة برفع التعرض أو قبوله، فإن المشرع نص على أجل آخر مرتبط بمتابعة طالب التحفيظ للمسطرة، إذ جاء في الفصل 50 من ق 07.14 بأنه “الطلب الرامي على التحفيظ والعمليات المتعلقة به، يعتبر لاغيا وكأن لم يكن إذا لم يقم طالب التحفيظ بأي إجراء لمتابعة المسطرة وذلك داخل ثلاثة أشهر من يوم تبليغه إنذارا من المحافظ على الأملاك العقارية بواسطة عون المحافظة العقارية …). وقد تتعدد الأسباب التي تجعل المحافظ يقوم بإلغاء مطلب التحفيظ قبل انصرام أجل ثلاثة أشهر من تقديمه وهذه الحالات يمكن ذكرها على سبيل المثال، كعدم إيضاح طالب التحفيظ بالزيادة التي أسفرت عنها عملية التحديد وبين المساحة المدلى بها عند تقديم الطالب، وكذلك عدم مطالبة اسم طالب التحفيظ مع الاسم المضمن في الوثائق، وكذلك عند وفاة طالب التحفيظ وعدم إدلاء الورثة برسم الإراثة يبين مدى أحقيتهم في متابعة المسطرة( ). وللإشارة فإنه لا يعتبر الإلغاء صحيحا ومنتجا لأثاره إلا بعد إنذار المعني بذلك في الموطن المختار المتواجد داخل دائرة نفوذ المحافظة العقارية ( ). الفقرة الثانية: الآجال المرتبطة بإثبات التعرض . لا يكفي أن يقدم المتعرض لتعرضه داخل الأجل القانوني لقبوله، بل يتعين عليه طبقا للفصل 25 من ظ ت ح، أن يشمل التعرض الوثائق والسندات المثبتة له( )، ويرى بعض الفقه( ) أن للمحافظ يمكن أن يقبل التعرض دون تقديم المستندات المثبتة له، وهذا ما لاحظناه في الواقع العملي حيث يقوم بعض المحافظين بإحالة الملف على المحكمة فقط بوجود تصاريح لمتعرضين على مطالب التحفيظ، غير أن القضاء المغربي كان لا يتردد في التصريح بعدم التعرض عند عدم الإدلاء بها وهذا ما جاء في حكم لإبتدائية مكناس( ) “وحيث لم يعطى المتعرض إدعاءه بأية حجة لا أثناء تعرضه أمام المحافظة العقارية ولا بعد إحالة الملف على المحكمة، وحيث بذلك يكون تعرضه مجردا من الإثبات مما يتعين الحكم بعدم صحته”. ونتيجة تزايد التعرضات التعسفية والكيدية وذلك قصد عرقلة إجراءات تحفيظ الملاك لعقاراتهم أصدر المحافظ العام مذكرة( )إلى المحافظين سنة 2001 تحثهم على التحقق من التعرضات والوثائق المدعمة لها قبل إحالة الملف على المحكمة، وهذا الإشكال الذي كان يطرحه الفصل 25 من ظهير 12 غشت 1913، المتمثل في عدم وجود جزاء على عدم تقديم تعرضات بدون حجج وكذلك دون تحديد آجال معينة لتقديم هذه التعرضات، تجاوزه الفصل 25 والذي يحيل عليه الفصل 32 من قانون التحفيظ العقاري رقم 07.14، إن حدده في أجل شهر يبتدأ من يوم انتهاء التعرض، وعند مخالفته يعتبر التعرض لاغيا وكأن لم يكن. وعليه فإن هذا المقتضى الجديد يساهم في التقليص من طول مسطرة التحفيظ خصوصا إذا تم إحالة الملف على المحكمة، وذلك ما يعني بقاؤه لمدة قد تطول وتحول دون الحسم في التعرضات في الوقت المطلوب. غير أننا نعتقد أن هذا الأجل –أجل الشهر- المسموح به والملزم للمتعرض قصد الإدلاء بالحجج وإلا ترتب عن ذلك إلغاء تعرضه يعتبر في نظرنا أجلا صارما قد تضيع من خلال تطبيقه حقوق المتعرضين حسني النية قبل أن تنظر المحكمة في صحة تعرضهم، خصوصا في الحالات التي لا يستطيعون الحصول على هذه المستندات في أجل الشهر لانتهاء الأجل المسموح به لتقديم التعرضات. وللإشارة فإن ما يتعلق بالإدلاء بالمستندات المدعمة للتعرض بخصوص إلزامية الإدلاء بها في أجل الشهر الموالي لإنتهاء أجل التعرضات يسري على أداء الرسوم القضائية وحقوق المرافعة أو ما يثبت حصول المتعرض على مساعدة القضائية، وقد نص المشرع على هذا المقتضى المتعلق بأداء الرسوم القضائية لدى المحافظة العقارية كون أن رفع الدعوى (الطلب القضائي) أمام محكمة التحفيظ يحال مباشرة وجاهزا من قبل المحافظ ولا يسلك الطريق العادي لتقديم الدعاوى أمام المحاكم. خاتمة زبدة القول دون شحذ للذهن ودون عناء و تكليف يجب على المشرع أولا قبل كل شئ الإهتمام بالموظف أو المستخدم سواء من الناحيتين المادية و المعنوية ، إذ به تنجز كل الإجراءات وهو الفاعل الأساسي والنواة لإنجاح الورش العقاري، ومن جهة ثانية يجب عليه أيضا أن يقرن أي مخالفة للآجال التي نص عليها بجزاء لتحقيق هدفه الأسمى في تعميم نظام التحفيظ العقاري من خلا ل التسريع في القيام بالإجراءات. المراجع المعتمدة : – فاطمة الحروف، حجية القيد في السجل العقاري، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص، كلية الحقوق الرباط 1999 – طارق القرفادي، المستجدات المتعلقة بالآجال في نظام التحفيظ العقاري على ضوء القانون رقم 07.14، الطبعة الأولى، دون ذكر السنة – محمد خيري، العقار وقضايا التحفيظ العقاري في التشريع المغربي من خلال القانون 14.07، منشورات المعارف، الرباط، السنة 2014 – عبد الكريم شهبون، الثاني في شرح قانون التحفيظ العقاري الجديد رقم 07.14، مكتبة الرشاد، سطات، ط 2014، – إدريس الفاخوري، نظام التحفيظ العقاري وفق مستجدات القانون 07.14، دار نشر المعرفة، ط 2013 طالب بسلك الماستر قانون العقود و الأعمال بالناظور