عندما يتم وصف هذا القطب السوسي من أبيه٬ الفاسي من أمه٬ عزيز أخنوش بأنه هو أيضا(…) صديق للملك محمد السادس٬ فإن التلميح يكون على صواب.. حتى إن صحبة عزيز أخنوش للملك تتطابق مع النصيحة المغربية الأصيلة: "الصاحب بالربح"٬ فإن مراجعة للأرقام الصحيحة للاقتصاد المغربي٬ تكشف أن القيمة المضافة للفلاحة المغربية في سنة 2015 بلغت 115 مليار درهم٬ أي بارتفاع بلغ ما بين ٬2008 السنة التي أصبح فيها أخنوش وزيرا للفلاحة٬ و٬2015 نسبة 57%٬ الواقع الذي جعل أحد الصحفيين الاقتصاديين يكتب:((لو كنا في عهد الوزراء التقنيين٬ كما كنا ذات زمان٬ لكان السوبير مينستر عزيز أخنوش٬ قد حصل على منصب رئيس الحكومة(…) لأنه وزير السيادة بامتياز)) (دليل. إيكونومي أنتربريز. شتنبر 2016.ربما لهذا لاحظنا أن صداقته مع الملك محمد السادس٬ بدأت بالولائم التي يحضرها في بيت أخنوش٬ بشارعمكة٬ ولم تنته بمرافقة أخنوش لصديقه الملك٬ في منتزه فخم بمدينة هونغ كونغ٬ عندما قضيا معا هناك حفلات رأس السنة٬ في غيبة أي صديق آخر(…). نفهم إذن٬ لماذا انقرضت تعاليق السياسيين٬ والصحفيين٬ والمعلقين خلال الأيام التي أعقبت الانتخابات الأخيرة٬ ليغطي الكلام عن أخنوش٬ على أي كلام عن الانتخابات٬ حينما طلع خبر عودته الرسمية إلى حزبالأحرار٬ بطريقة لا تخلو من الإخراج السينمائي٬ حينما جاء الكاتب العام لحزب الأحرار٬ مسرعا إلى مكتبحزبه٬ ليقرأ شبه بلاغ٬ قالت "الأسبوع" إنه ُكتب له(…)٬ يعلن فيه استقالته من قيادة الحزب٬ بطريقة يكاد يفهممنها أنها استقالة بالرغم عنه. وتأتي الأحداث المفجوعة(…) لتقدم لنا صفحات وصفحات من التفاصيل المزلزلة(…) عن التحولات الحزبية٬ وتكاد أن توهمنا بأن حظوظ بن كيران في تشكيل الحكومة الجديدة٬ أصبحت من الصعوبة بمكان٬ وها هو يضع بنفسه موعدا بعيدا يوم 20 نونبر. حزب بن كيران نفسه٬ تفعفع(…) من استقالة سلطان المفعفعين(…) مزوار٬ ليصرح مسؤول من مكتبالعدالة والتنمية – حسبما تناقلته صحف 14 أكتوبر – بأن: ((الغرض من دخول أخنوش لحزب الأحرار٬ هو تشكيل حكومة داخل الحكومة الرسمية٬ لتمارس معارضة خفية لبن كيران من داخل الحكومة نفسها))٬ ويعلق الصحفي المطلع مصطفى السحيمي على هذا التخوف مفسرا: ((إن صعود أخنوش يعني – بالنسبة لبن كيران – التفاوض من موقع قوة٬ وقطع الطريق على مشاركة حزب الاستقلال))٬ بينما الذي يتتبع الخطوات السابقة والحالية لعزيز أخنوش٬ يعرف أن هذا التقني(…) لن يدخل لحكومة بن كيران من أجل نسفها من الداخل٬ لأن له مآرب أخرى٬ وهو الذي انسحب قديما من حزب الأحرار٬ تفاديا لإحراج قربه من الملك٬ وكان نفوذه من هذا المنطلق٬ قد دفعه إلى دعم إحدى المغنيات السوسيات٬ فاطمة تباعمرانت٬ للفوز بمقعد في البرلمان السابق٬ وربما كان خطأه جعل الاتجاه العام(…)٬ يلغي من البرلمان الحالي كل العناصر المغنية٬ أو الراقصة٬ وحتى أقطاب الحيدوس٬ الشيء الذي علق عليه الباحث الأمازيغي عصيد بقوله: ((إنه لم يتم التصويت على الفنانين الأمازيغ الذين كانوا يعتقدون خطئا(…) بأن جمهورهم من الهواة سيكون هو نفسه في العملية الانتخابية)). ربما كان لظاهرة أخنوش٬ وقد زامنت القرار الملكي بتكليف بن كيران بصفته رئيس أكبر حزب٬ ليشكل الحكومة الجديدة٬ فضل كبير لدعم بن كيران في محاولته(…) وقد رأينا الشعبوي شباط٬ يكعط – كما يقول المغاربة – إلى الوراء.. وبعد أن صرح بعظمة لسانه: ((إذا كان بن كيران يريد مشاركة حزب الاستقلال فعليه أن يلتزم بإعطائي شخصيا رئاسة البرلمان٬ ويعطينا وزارة المالية لنزار بركة٬ ووزارة لعادل الدويري٬ وعليه أولا أن يطرد الوفا ويبعده عن كل مشاركة))٬ وبعد ظهور أخنوش وكأنه يشكل دراكولا(…) بالنسبة لشباط٬ الذي صرح خائفا: ((إننا مع العدالة والتنمية للمشاركة في الحكومة وفي جميع الظروف والأحوال)). وكان الحديث عن إحياء الكتلة الوطنية لدعم الأرقام المؤيدة لحكومة بن كيران٬ بادرة منطقية جادة لتشكيل حكومة جديدة٬ لولا أن رئيس الطرف الأساسي في هذه الكتلة٬ الاتحاد الاشتراكي الذي لازالت شفتاه مبلولتان برحيق قبلاته الغرامية مع أقطاب الأصالة والمعاصرة٬ فاجأ أعضاء مكتبه السياسي٬ بمفاجأة ضخمة(…) أخرست ألسنة أعضاء المكتب السياسي٬ فسكتوا جميعا عن تداولها٬ وخبؤوها عن الصحف والقنوات(…) حين قال لهم الاشكر: ((لقد اتصل بي جلالة الملك تلفونيا)) علما بأن الاشكر يمكن أن يكذب على أي أحد.. ولكنه لن يكذب على السلطان٬ وإن كانت المكالمة الملكية تدخل ربما٬ في إطار تقليدي٬ ونحن نذكر كيف أعلن اليازغي٬ عندما كان رئيسا للاتحاديين٬ أن الملك اتصل به تلفونيا في أعقاب الانتخابات السابقة٬ مثلما اتصل الملك شخصيا وبالتأكيد مع جميع رؤساء الأحزاب الذين شاركوا في الانتخابات الأخيرة لذلك ربط الاشكر مفاوضاته مع بن كيران٬ بانتظار الجواب الملكي على مذكرة الاشكر٬ التي يحتج فيها على الانهيار العددي للنواب الاتحاديين. نحن نتذكر أن بن كيران٬ في حكومته المنتهية٬ رحب بمشاركة أخنوش٬ بدون أي لون حزبي٬ et incolorinodor كما يقول الفرنسيون٬ لأنه صديق الملك أولا٬ ولم يختلف معه إلا يوم صدر القرار بتكليف وزير الفلاحة٬ بصندوق دعم البادية "55 مليار درهم" وكانت ضربة قاضية لنفوذ بن كيران٬ الذي عند افتتاح مجلس حكومي قال لأخنوش٬ وهو حان رأسه: إني غضبان عليك٬ فرفع أخنوش رأسه وقال له: وأنا أيضا غضبان عليك٬ وانتهى المشكل وعاد بن كيران لحاله مع السي عزيز(…). لكن٬ وبعد البيان الأخير لأخنوش٬ مكذبا علنا٬ كل انتماء لأي حزب٬ لماذا عندما قرر العودة للسياسة٬ دخل حزب الأحرار٬ ولم يدخل حزب الأصالة والمعاصرة٬ هذا هو السؤال الكبير٬ أم أن صاحب القصر٬ اكتشف أن دمية القصر" الأصالة والمعاصرة٬ كما سمتها الجريدة الأمريكية الجادة "الواشنطن بوسط" في عدد 13أكتوبر 2016 لم تبق تجد في القصر أطفالا يلعبون بها.لعل الأحداث السابقة واللاحقة٬ تجرنا حتما إلى ربطها بسابقة الأخوين٬ هابيل وقابيل٬ وإن كان الواقع الذينحن بصدده لا يتعلق لا بأخوين٬ ولكن ربما بصديقين(…) وبشعب أعطى البرهان في الانتخابات الأخيرة علىأنه قريب من حقيقة أن المغربي إما أن يبيع صوته٬ وإما أن يبقى في بيته. لكن أحد الصحفيين المتفتحين٬ وهو فرنسي هذه المرة٬ ويسمى "فرانسوا سودان"٬ كاد يقربنا من عمق القضية(…) حين جمع بين بن كيران وأخنوش٬ على صفحات "جون أفريك" (9 أكتوبر 2016 (وكتب بعد أن توسع في إشكالية العلاقة المعقدة بين الملك وبن كيران: ((إن الحل كامن في التعايش بين الملك وبن كيران٬ ويمكن أن يتقوى(…) بإبعاد بن كيران٬ ليترك مقعد رئيس الحكومة لشخصية محايدة٬ أو أقل تسيسا(…)))٬ وهو طبعا تصور٬ قريب من واقع محتمل٬ لعجز بن كيران عن جمع العفاريت في حكومته المقترحة٬ وقد بدأت الأحزاب كلها تتحول إلى تماسيح. ومادام الدستور٬ لا يتحدث عن ظروف فشل رئيس الحكومة في تشكيل حكومته٬ وإنما يقول باختصار في الفصل 47)) يعين الملك رئيس الحكومة من الحزب السياسي الذي تصدر(…) انتخابات أعضاء مجلس النواب٬ وعلى أساس نتائجها))٬ فلا حديث عن الأغلبية٬ ولا عن البديل في حالة فشل تشكيل الحكومة. ومادام اختيار الصديق الملكي أخنوش٬ لحزب الأحرار الذي تقوى بنواب الاتحاد الدستوري٬ فهو مؤشر على ما أسماه توفيق الحكيم "عودة الوعي"٬ فيما يتعلق بالحزب الموالي٬ حزب الأصالة والمعاصرة٬ والذيأوضحت الأيام أنه كما يقول المثل الأمازيغي "من الخيمة خرج مايل"٬ وجاءت الظروف التي واكبت الانتخابات لتؤكد بالأرقام أن الهيمنة هي للديمقراطية على المغرب ملكا وشعبا(…) وأننا ربما دخلنا عهدا جديدا٬ لا يمكن لأمير المؤمنين أن يطمئن لحزب يردد المسؤولون عنه أنهم جاؤوا لمحاربة الإسلاميين(…) وحتى لو حصل حزب العدالة وحزب الأصالة٬ متساويين في الأصوات لما تشكلت حكومة الأخوين ((البام جاء لمحاربة الإسلاميين٬ لكن انقلبت الآية وأصبح البام مهددا بالاصفرار٬ والبوار(…) خصوصا بعد أن جمع البام تحت جناحيه عددا قياسيا من الأعيان بينهم كثير من الأعيان العيانين(…) بماض ثقيل(…) وشبهات أثقل(…))) (الدامون. المساء 14 أكتوبر 2016.( حتى الاستقلاليون تفاهموا مع البام فخسروا عشرين مقعدا٬ والاتحاد الاشتراكي تغازل قبل الانتخابات مع البام٬ فكان له 39 نائبا أصبحوا 20 وكذلك وقع للأحرار الذين ذكر مزوار٬ أسماء نوابه الأربعة الذين استحوذ عليهم البام٬ حتى جريدة "الأحداث" التي راهنت على البام شهورا طويلة اكتشفت أنه كان على البام ((أن يحكم عقله أكثر وأكثر(…) ويتفادى تكريس الصورة المرسومة عنه(…) وأن يعتبر وجوده إضافة وليس مجرد تعويض لطرف٬ أو سعي لإلغاء الآخر)) (الرمضاني. الأحداث 13 أكتوبر 2016.( ليعلن الحسيميون٬ سكان الحسيمة٬ في إجماع(…) بلاغا أصدرته كل الأحزاب المحلية٬ بأنهم ((ضد تصويت الأموات واستعمال الوكالات المزورة)) لنسمع في نقاش للتلفزة بالقناة الأولى عضوا في حزب الأصالة ينتقد أمية الحزبيين الكارثة التي ما بعدها كارثة(…). ودعوة شباط بعد الانتخابات إلى فك الارتباط مع حزب الأصالة٬ لأن حزب الاستقلال تأثر كثيرا بارتباطه مع هذا الحزب. من بقاء حكومة الإسلاميين(…) فأغدقوا الأموال على حزب الأصالة٬ ثلاثة ملايير بالحجج من طرف قطب أعظم من ذلك وأكبر٬ تلك الخيبة التي كسرت هيكل رجال المال والأعمال٬ الخائفين على مستقبل ثرواتهم بنكي كبير٬ وثلاثة ملايير من طرف مؤسسة اقتصادية كبرى مقربة من القصر الملكي٬ وملياران من وزير ثري كبير في الحكومة٬ ولا نذكر الأسماء فإنكم بها عالمون(…). ليتضح للجميع أنهم راهنوا خطئا٬ على هيكل سياسي بلا أصول ولا جذور٬ ولا أقطاب ولا أفكار٬ ليبقى البديل تكريس المنطق الديمقراطي في إطار تضامن وطني أصلي٬ لا أصالي٬ ستكشف عنه الأيام.