لعل ، من بين الملفات الثقيلة ، التي كانت تنتظر أعضاء المجلس الجماعي بسيدي البرنوصي ، عند توليهم المسؤولية كمنتخبين وناطقين باسم الكتلة الناخبة ، خلال انعقاد دورات مجلسهم العادية كما الاستثنائية ، بالنظر إلى كونه من الملفات الآنية والمستعجلة ، ولا يحتمل التأخيرأو التأجيل ، مهما كانت الدواعي والظروف ، على الأقل ، في المرحلة الراهنة ، حيث الكل يجمع على خطورته وكذا راهنيته ، محليا وقاريا ، هو ملف "البيئة ". وهي ، أي - البيئة - ، لعمري ، من بين الملفات الساخنة بالمنطقة ، مثلها مثل ملف ( الشغل ، الباعة المتجولين ، الملك العمومي ، السكن الصفيحي ، الأسواق النموذجية، ..إلخ ) والتي لم تحظى بالاهتمام اللازم و النقاش المسؤول ، على طاولة أعضاء المجلس الجدد/ القدامى ، لدراستها والوقوف على أسبابها ومسبباتها و ذلك للحد من نتائجها الوخيمة على صحة ساكنة الحي ، التي لطالما عانت في صمت . - هل لأن ملف "البيئة " ، ليس من أولياتهم أم أن هناك أوراش مفتوحة ومشاريع قيد الإنجاز ، لا تترك لهم متسع من الوقت ، للتداول والنقاش في ملف يهم الجميع ، وخاصة منهم ،الفئة المتضررة وبامتياز ، من استفحال تلوث "البيئة" ؟ا أم ، هي الحسابات السياسوية ، وراء تأجيل الملف حتى إشعار آخر؟ا أم هل أن هناك جهات أخرى ، ليس في مصلحتها إثارة الملف وإخراجه للوجود ؟ا أم إن شئنا التحديد ، وبكلمات دقيقة بعينها ، صحة المواطن هي آخر اهتمامات أعضاء المجلس ؟ا ملف " البيئة " ، كما أسلفت ، وكما لا يخفى ، على الكثيرين ، يكتسي أهميته ، بالنظر لما يخلفه من أضرار ومشاكل صحية ، الإحصاءات وحدها ، كفيلة بفضح المسكوت عنه في هذا الملف . فهو ، واحد بين الملفات العديدة ، التي لطالما انتظرته الساكنة ليخرج إلى الوجود والواقع ، في مختلف المجالس المنتخبة ، التي تعاقبت على تسيير مقاطعة سيدي البرنوصي ، لكن ، للأسف ، أملها كان دائما يخيب ، كلما عادت الوجوه نفسها ، لتسيير شأنها المحلي ، الشيء الذي يفقدها ما تبقى لديها من الأمل ، في تدبير ملف حساس وثقيل ، بشكل جدي ومسؤول ، خاصة وأنه يحظى باهتمام فئة عريضة منهم . ولعل جولة قصيرة ، بالشوارع الرئيسية للحي ، والتي قد لا تتطلب الكثير من الدقائق ،حتى يقف المرء ، أمام هول حقيقة الأشياء ، فبين إقامة سكنية وإقامة سكنية ، توجد إقامة سكنية ، في غياب كلي للمساحات الخضراء أو الحدائق ، باعتبارها المتنفس الوحيد أمام قاطنيها ، الدين يعانون ،من غياب للمنتزهات الترفيهية والفضاءات العائلية ، بشكل لا فت للنظر . ناهيك عن " أدخنة " و" سموم " ، الشركات الضخمة ، المتعددة الجنسيات والتي يساهم قربها من الأحياء السكنية ، في / من عمق معاناتهم الصحية ، ولعل في تزايد الحالات المرضية ، التي ترتاد العيادات الطبية كما المستشفيات ، إلا ناقوس خطر ، لما يتخبط فيه الكثير من المواطنين ، في جانب مهم من حياتهم الصحية ، دون أن تجد الآذان الصاغية ، ممن هم على إطلاع بخبايا الملف وخطورته . ومما يعمق من جراحات ساكني المنطقة ، هو لامبالاة الجهات المنتخبة وكذا المعنية ، بواقعهم البيئي ، الذي يسبب لهم الكثير من الأمراض والأوبئة ، والتي لا تعرف طريقها إلى مكاتبهم ، للحد من تداعياتها وإيجاد حلول واقعية لها ، وإلا ما هو دورهم ، كمنتخبين ومعنيين بالقطاع ؟ا . الآن ، وقد مرت 200 يوما ،على انتخاب أعضاء مجلس مقاطعة سيدي البرنوصي ، هل من حقنا أن نتساءل ، إلى متى سيظل ملف "البيئة " مركونا ، بين الأدراج ، وإلى متى سيظل المجتمع المدني بالحي ، ينهج سياسية " الصمت " ، والتواري خلف الستار ، في الوقت الذي يجهز ، بلا حياء أو خجل ، على ما تبقى من " الفضاءات الخضراء" بالمنطقة ، لتتحول بدورها ، إلى أحياء سكنية جديدة ، دون مراعاة لصحة العديد من المرضى ، الدين هم بحاجة ماسة ، إلى كل شبر أخضر ، قد يمرر في غفلة من الزمن ، عبر صفقات تجهل تفاصيلها ، لمن يملك أكثر ، خاصة مع التوسع العمراني والنمو الديمغرافي الذي تعرفه المنطقة .