انطلق المغرب منذ فجر الإستقلال في مسلسل بناء نظام تعليمي يروم امتلاك المعارف الأساسية و دمقرطة التربية الوطنية. و قد كان هذا المسلسل مرآة التطور الاجتماعي والثقافي و السياسي لبلادنا. و من شأن التحليل الموضوعي و الدقيق لذلك المسلسل أن يوضح المسار الطويل لإصلاحات تأرجحت بين الرغبة في بناء نظام تعليمي يستجيب للحاجة الوطنية للتنمية من جهة ، و الترددات المرتبطة بالرؤى السياسية المتضاربة لتلك الحقب من جهة أخرى . إن فكرة الإصلاح في المغرب تحتاج إلى بحوث خاصة ليس فقط من منظور الدولة ، و لكن أيضا من منظور التمثلات التي ولدتها لنا أفعال الإصلاح الطويلة من القرن 19 إلى الآن . والمتجلية في الخوف الذي أصبح يرتادنا قبل هذا الوقت من فكرة الإصلاح. والحقيقة أنه لم يترجم بالمغرب إصلاح إلى حدوده الكاملة. لذلك كانت صيرورات الإصلاح دائما تنتج مفعولا ضديا ، و هي أنها تهدم بنى دون أن تعوضها ببنى جديدة ، فالإصلاح يتخذ صبغة دائرية و كأن المجتمع لا يراكم. فلا إصلاح في المغرب له ذاكرة ولا إصلاح في المغرب يستمر ليبني زمنه المستقبلي. 2-اختلالات الميثاق الوطني للتربية والتكوين: ورغم أن الميثاق الوطني للتربية و التكوين جاء لتجاوز خطاب الأزمة و الذي قيل عنه أنه نتاج توافق إرادي بين القوى الحية للأمة و يحتفظ براهنيته و نجاعته كإطار مرجعي لإصلاح المنظومة التربوية فإن تطبيقه في السنوات الماضية خلف اختلالات نجملها فيما يلي: +فقدان المدرسة العمومية لجاذبيتها ، إذ ساهمت في تحطيم صورة المتعلم المثقف المناضل ، وتحطمت صورتنا عن المدرسة باعتبارها خلية ليست فقط لاكتساب الأبجدية و لكن خلية لبناء القيم فهي صانعة الإنسان المتحرر ليس بالضرورة المتحرر بالمعنى السياسي و لكن المتحرر من الجهل و المتحرر من الاندماج السهل . و تحولت المدرسة بالتالي إلى مجال لتحقيق السلم الاجتماعي . إن مدرسة اليوم ، لن تؤهل المتعلم ، لن تؤهل المدرس و لن تؤهل إداريين لإنجاز التغيير والذي من دونه لن يمكن للمجتمع المغربي المساهمة في بناء عالم أفضل ، وبالتالي تدهورت القيمة الاجتماعية والاقتصادية للمدرسة و يتجلى ذلك في تبخيس قيم العلم و المعرفة و حتى إذا افترضنا أن المدرسة العمومية لن تؤدي إلى الشغل ، فالفقرهو أن يقول الفقراء و المستضعفون و أشباههم " لا جدوى من المعرفة " فليس بسيطا أن يحرم الإنسان نفسه من متعة الفهم و الذكاء بحجة أولويات الحاجات البيولوجية ، و من مظاهر إفلاس المدرسة انتحار المنظومة القيمية المغربية بعد تعدد ضرائر المدرسة و انكسار المسار الحضاري للشعب المغربي. * ضعف التحكم في الكفايات الأساسية و المعارف ( القراءة – الكتابة – والحساب * * استمرار نسبة الأمية في مستوياتها المرتفعة مقارنة مع البلدان ذات مستوى نمو شامل * وجود تفاوت كبير بين الوسط القروي و الحضري و بين الذكور و الإناث فيما يخص الخدمات التربوية. * هامشية التكوين المهني و جانبيته بالنسبة للنظام الكلي للتعليم. * ضعف المردودية الخارجية للتعليم لتفشي بطالة حاملي الشهادات. * ضعف المردودية الداخلية للنظام التعليمي و هي أيضا باهضة الثمن ، وتدني مستوى مؤهلات المتخرجين من النظام بسبب خفض عتبات المرور، واستفحال * اعوجاج أنظمة التقييم و الامتحانات * انفصام اللغات المستعملة في التعليم الأساسي و الثانوي من جهة، والتكوين المهني و التعليم العالي العلمي و التكنولوجي من جهة ثانية، ناهيك عن التدني العام الملحوظ لكفاية امتلاك قدرات التعبير والتواصل اللغوي. * وجود حاجات للتربية غير ملباة ، تتعلق أساسا بالتجهيزات المدرسية. * وجود مفارقة بين المناطق حيث أن بعضها يسجل فائضا من المدرسين والإداريين في حين يعاني البعض الآخر من الخصاص المهول في الموارد البشرية. * انخفاض مستوى تحفيز الأساتذة. * التناقض المكشوف بين ضخامة الحاجة إلى موارد إضافية من أجل التعميم والجودة من جهة، وبين النفاذ شبه التام لإمكانية تعبئة نفقات عمومية إضافية. * اتسام أنماط التنظيم و الإدارة بالمركزية المفرطة و انعدام المشاركة الفعلية لأطراف أخرى في تسيير مؤسسات التربية و التكوين. : أسباب نز ول البرنامج الاستعجالي و مرتكزاته 3- معلوم أنه قد صدر تقرير للبنك الدولي بداية الموسم الدراسي 2007 – 2008 خاص بواقع التعليم ببلدان شمال إفريقيا الكمية و النوعية ، وهو تقرير شكل صفعة حقيقية للمسؤولين الذين سارعوا في التقرير السنوي للمجلس الأعلى للتعليم للإقرار – وبمرارة لم يستطيعوا إخفاءها – بفشل جل الرهانات التي رفعها الميثاق الوطني للتربية و التكوين قبل تسع سنوات ، و بإخفاق الإصلاح التعليمي. و سطر البنك الدولي توجهات جديدة ينبغي على المغرب اتباعها من بينها التسريع في وتيرة الخوصصة و تطبيق ما يسمى بترشيد وعقلنة النفقات و التخلي التدريجي عن دعم القطاع من طرف الدولة ، وبالتالي جاء البرنامج الاستعجالي تنفيذا لتوصيات البنك الدولي و تأكيدا على ضرورة التعجيل بإصلاح حقل التربية والتعليم و إيلائه الأهمية التي يستحق من جهة ، و التزاما بالتوجيهات السامية. . يشكل الميثاق الوطني للتربية و التكوين الإطار المرجعي للبرنامج الاستعجالي ويستند أساسا على توجيهاته ، ليرفع من وتيرة الإصلاح المسطر فيه ، وجل الإجراءات و التدابير المتضمنة في مشاريع البرنامج تفيد نية إعادة هيكلة المنظومة التربوية على أسس جديدة سترهن مستقبل الأجيال و البلاد لعدة عقود قادمة . وبالتالي فإننا أمام مخطط استراتيجي خيطه الناظم هو تعميق توجه الدولة نحو التنصل من مسؤولياتها الدستورية و التزاماتها الدولية في إطار أهداف الألفية للتنمية و التربية للجميع. 4-المخطط الاستعجالي: تطبيقا للتوجهات الملكية المتضمنة في خطاب افتتاح الدورة الخريفية لسنة 2012،2007، ومن أجل تسريع وثيرة إصلاح منظومة التربية والتكوين وضعت وزارة التربية الوطنية و التعليم العالي و تكوين والبحث العلمي، برنامجا إستعجاليا طموحا ومجددا يمتد على مدى أربع سنوات 2009-2012، وقد اعتمد في صياغة البرنامج الاستعجالي على التقرير الوطني الأول حول حالة منظومة التربية والتكوين وآفاقها الذي أصدر سنة 2008 من طرف المجلس الأعلى للتعليم. وقد حضي هذا البرنامج بتوافق وطني بين جميع فئات المجتمع، حيث حدد المبدأ الجوهري لهذا البرنامج في جعل المتعلم في قلب منظومة التربية والتكوين مع تسخير باقي الدعامات الأخرى لخدمته خطة العمل التي يقترحها هذا البرنامج الاستعجال يتوخى تحقيق أهداف تدخل ضمن أربع مجالات أولية : ا – التحقيق الفعلي لإلزامية التمدرس إلى غاية 15 سنة : وذلك عن طريق: تطوير مفهوم جديد للتعليم الأولي و تأهيل العرض التربوي القائم؛ توسيع العرض التربوي للتعليم الإلزامي من خلال ترميم وصيانة وتجهيز المدارس والثانويات الإعدادية والتأهيلية وكذا الداخليات؛ تكافؤ فرص ولوج التعليم الإلزامي من خلال دعم التمدرس: النقل المدرسي، المطاعم، الداخليات وتقديم مساعدات مادية من أجل ولوج التعليم؛ إنصاف الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة؛ محاربة ظاهرتي التكرار والانقطاع عن الدراسة؛ تأهيل الوسائل البيداغوجية ومراجعة المناهج وإدماج تقنيات الإعلام والتواصل وكذا التجديد في التعلمات؛ إرساء قيم المواطنة في التربية الوطنية وتأهيل معايير النظافة والأمن بالمؤسسات وحماية صحة المتعلمين؛ الارتقاء وتطوير التربية البدنية والرياضة المدرسية ب – حفز روح المبادرة والتفوق في المؤسسات الثانوية وفي الجامعة : توسيع العرض التربوي بالثانوي التأهيلي- ثانويات وداخليات؛ تشجيع التميز من خلال حفز التفوق وإحداث ثانويات مرجعية وثانويات التميز وتطوير الأقسام التحضيرية لولوج المدارس العليا؛ توسيع الطاقة الاستيعابية وإصلاح البنيات التحتية الجامعية؛ تيسير شروط ولوج التعليم العالي؛ إعادة تحديد توجهات المسالك ذات الولوج المفتوح؛ تطوير العرض لتكوين تقني وممنهن؛ وضع تدابير لمحاربة ظاهرتي التكرار والانقطاع عن الدراسة بالجامعة؛ تقوية وتثمين البحث العلمي ج – مواجهة الإشكالات الأفقية للمنظومة التربوية. تعزيز كفاءات الأطر التربوية من خلال تحديد شروط ولوج مهن التربية وتعزيز التكوين المستمر؛ تعزيز آليات التأطير والتفتيش بالتعليم المدرسي؛ تثمين الموارد البشرية، وإشراكها وإشاعة ثقافة المسؤولية لديها؛ تدبير العلاقات مع الشركاء الاجتماعيين؛ تعزيز التحكم في اللغات؛ تحسين الربط بالشبكة المعلوماتية لتشمل كل المستويات؛ تعزيز وثيرة تجهيز بنيات التسيير بالمعدات المعلوماتية؛ توسيع شبكة الأنترانيت لتغطية كل مستويات منظومة التربية والتكوين؛ إعادة بلورة نظام الإعلام والتوجيه (مراحل التوجيه، وسائل، موارد)؛ إحداث وكالة وطنية للتوجيه. د – توفير وسائل النجاح. ترشيد تدبير الموارد المالية واستدامتها بهدف تحسين مردودية منظومة التربية والتكوين؛ إحداث صندوق دعم التعليم المدرسي؛ تعزيز بنيات التواصل على مستوى القطاع والأكاديميات؛ تدعيم العلاقة مع جمعيات آباء وأولياء التلاميذ؛ النهوض بالقطاع الخاص. ويبقى نجاح تنفيذ البرنامج الاستعجالي رهينا بتوفر شرطين أساسيين: 1-التغيير العميق لأساليب التدبير: يقتضي إصلاح المنظومة إرساء ثقافة التدبير المرتكز على النتائج والتعاقد والمحاسبة،و اعتماد نهج تدبيري حديث،يضمن تحديد الأهداف وصياغتها بدقة ووضوح، وتحديد المسؤوليات، وتسطير برامج عمل محددة للمسؤولين، ومنحهم وسائل بلوغ وقياس الإنجازات، وتبادل المعلومات، على مختلف المستويات: الإدارة المركزية، الجامعات، الأكاديميات، النيابات، والمؤسسات التعليمية. 2-و يعتبر عامل السرعة في إحراز نتائج ملموسة، عنصرا حاسما للحيلولة دون تعثر المشاريع، وفقدان الحافز لدى الفاعلين والمستفيدين. ومن شأن الفعالية والسرعة في إنجاز المشاريع، أن تؤدي، إلى إضفاء مصداقية أكبر للبرنامج مع الشركاء،وبالتالي،ضمان التزام الشركاء، ودعمهم لإنجاز مشاريع البرنامج الاستعجالي 5-مشاريع البرنامج الاستعجالي:. يضم البرنامج الاستعجالي:2009/2012 27 مشروعا مندمجا ومتكاملا لتسريغ وثيرة الاصلاح تنتظم في أربعة مجالات، يفصلها الجدول التالي: مشروعا: المجال الأول : التحقيق الفعلي لإلزامية التعليم الى غاية 15 سنةويتكون من 13 1. تطوير التعليم الأولي. : E1.P1 2. توسيع العرض التربوي للتعليم الإلزامي. : E1.P2 3. تأهيل المؤسسات التعليمية. : E1.P3 4. تكافؤ فرص ولوج التعليم الإلزامي. : E1.P4 5. محاربة التكرار والانقطاع عن الدراسة؛ : E1.P5 6. الارتقاء وتطوير التربية البدنية و الرياضة المدرسية؛ : E1.P6 7. إنصاف الأطفال والجماعات ذوي الاحتياجات الخاصة؛ : E1.P7 8. تطوير العدة البيداغوجية؛ : E1.P8 9. مراجعة المناهج؛ : E1.P9 10. إدماج تكنولوجيات الإعلام والتواصل في سيرورة التعلمات؛ :E1.P10 11. تحسين نظام التقويم والإشهاد؛ : E1.P11 12. تحسين جودة الحياة المدرسية؛ : E1.P12 13. دعم الصحة المدرسية و الأمن الإنساني. :E1.P13 المجال الثاني : حفز روح المبادرة والتميز في الثانوية التاهيلية 4 مشاريع 1. تأهيل العرض التربوي بالثانوي التأهيلي. : E2.P1 2. الارتقاء بالتميز. : E2.P2 3. تحسين العرض التربوي في التعليم العالي. :E2.P3 4. الارتقاء بالبحث العلمي. : E2.P4 7مشاريع: شكالات الأفقية لمنظومة التربية والتكوين المجال الثالث : مواجهة الإ 1. تعزيز كفاءات الأطر التربوية؛ : E3.P1 2. تعزيز آليات التأطير والتفتيش بالتعليم المدرسي؛ : E3.P2 3. ترشيد تدبير الموارد البشرية ؛ : E3.P3 4. الحكامة ، التخطيط ومقاربة النوع؛ :E3.P4 5. وضع نظام معلوماتي عصري وناجع ؛ :E3.P5 6. دعم التحكم في اللغات؛ : E3.P6 7. وضع نظام ناجع للإعلام والتوجيه. : E3.P7 شاريع3وسائل النجاح المجال الرابع : توفير 1. ترشيد الموارد المالية وضمان استدامتها. : E4.P1 2. التعبئة والتواصل حول المدرسة. : E4.P2 3. :تطوير التعليم الخصوصيP2 6-نموذج مفصل لاحد مشاريع البرنامج الاستعجالي: المجال 1 : التحقيق الفعلي لإلزامية التعليم إلى غاية 15 سنة: تطوير التعليم الأولي : E1.P1 المشروع 1 سية المحددة في الميثاق الوطني للتربية والتكوين: سا ا-تذكير بالتوجهات الأ جعل الميثاق الوطني للتربية والتكوين من تعميم التعليم الأولي، لفائدة الأطفال ما بين 4و5 سنوات هدفا رئيسيا لإصلاح المنظومة التربوية. ب-تشخيص الوضعية:الملاحظات الرئيسية: على الرغم من الطموح الذي تضمنه الميثاق، فإن العرض التربوي في التعليم الأولي، يكاد ينفرد به قطاع التعليم الخاص: (الكتاتيب القرآنية والمؤسسات العصرية)، وهذا العرض الذي يظل محدودا، يتوزع على مجموع التراب الوطني، بصورة غير متوازنة، كما ونوعا. وفي هذا السياق، تم رصد العديد من المشاكل والعقبات، منها : *ضعف التمدرس بالتعليم الأولي، خاصة في العالم القروي *تعدد المناهج الدراسية في التعليم الأولي، سواء على مستوى اختيار المضامين والأنشطة، أو على مستوى الطرائق والوسائل الديداكتيكية. *ضعف التأطير و التتبع والتقويم؛ *تباين مواصفات المربيات والمربين، وضعف تأهيلهم المهني؛ *غياب التنسيق بين مختلف المتدخلين في هذا المجال؛ *نقص في وسائل التمويل والرعاية، في المناطق القروية على وجه الخصوص . ج-الهدف: تعميم التعليم الأولي في أفق سنة 2015،عن طريق اعتماد مفهوم جديد للتربية، يكون عصريا ومغربيا متأصلا. – تحضير التعميم باعتماد مشاريع نمطية تجسد المفهوم الجديد للتعليم الأولي. د-التدابير المعتمدة: يشكل تعميم العرض التربوي بالتعليم الأولي، تحديا كبيرا يرتبط نجاحه، بالضرورة، بانخراط قوي وتنسيق كبير بين مجموع الشركاء المحتملين، من وزارات وجماعات محلية ومنظمات غير حكومية ومتدخلين من الخواص وجمعيات اباء واولياء التلاميذ. بغية مواجهة هذا التحدي، وسعيا إلى ضمان أقصى حد ممكن من تكافؤ فرص التعليم لجميع الأطفال المغاربة، منذ سن ما قبل التمدرس ، في الأوساط الحضرية وشبه الحضرية والقروية على السواء، وفق منظور شمولي، يستحضر الأبعاد التربوية، ويستهدف حاجات الأطفال في هذه المرحلة المبكرة، ويساعدهم على ضمان نجاحهم في مسارهم الدراسي، في ضوء مقتضيات البرنامج الاستعجالي، سيتم العمل بشكل إرادي ومجدد على ثلاث واجهات : 1- تطوير العرض التربوي العصري في التعليم الأولي وتوسيعه في مجموع التراب الوطني: يعتمد توسيع العرض التربوي في التعليم الأولي، خاصة في الوسط القروي وشبه الحضري، و في المنطقة الهشة ، على تدخل حاسم للدولة. ويعتزم البرنامج الاستعجالي، في هذا الصدد، فتح أزيد من 3.600 حجرة دراسية داخل المؤسسات الابتدائية. كما سيتم توظيف المؤسسات التعليمية الفارغة بالوسطين الحضري والقروي، لتوسيع عرض التعليم الأولي، وسيواكب فتح هذه الفصول، توفير اللوازم التعليمية للأطفال في وضعية هشة، مجانا. أما في الوسط الحضري و بالمناطق المؤهلة عموما، فستتخذ العديد من إجراءات الدعم والتحفيز، قصد تطوير العرض التربوي الخصوصي في التعليم الأولي، مع ضمان ولوج منصف للفئات المستهدفة، إلى هذه المرحلة من التعليم. ومن شأن هذه التدابير أن تسمح بتطوير كمي لبنيات التعليم الأولي، وجعل أعداد المتمدرسين به، تنتقل الى مليون طفل في افق 2012. .توفير تعليم أولي نموذجي عصري ومرجعي، من حيث جودة المرافق، و كفاءة الموارد البشرية وملاءمة المناهج، وتيسير إمكانية ولوجه من لدن كافة الشرائح الاجتماعية. وسيتم وضع تكوين أساسي خاص بمهنة المربيات والمربين، لتثبيت ومأسسة الكفاءات المهنية، وتأهيل المربين الجدد بالتعليم الأولي. وسيقدم هذا التكوين بمراكز تكوين المدرسين، في فترة تكوينية أولية، مدتها سنة دراسية واحدة، خلال الفترة الانتقالية، على أن يتم استكمالها بعد ذلك بإحداث إجازة مهنية. 2- تأهيل العرض التربوي القائم: يتمثل تأهيل العرض التربوي القائم، في تأهيل مؤسسات التعليم الأولي، بمختلف أشكالها وأصنافها، على مستوى بنياتها التحتية وتجهيزاتها، و على مستوى الطرائق والوسائل التعليمية المعتمدة فيها، و على مستوى الموارد البشرية العاملة فيها، انطلاقا من منظور مهيكل وشامل، يسمح للمتدخلين والشركاء، بتقديم خدمات التعليم الأولي، وفق نمط عصري ومنفتح، واستنادا إلى دفاتر تحملات، تراعي خصوصية المؤسسات القائمة. وسيتم على الخصوص، تنظيم دورات تكوينية لفائدة المربيات والمربين، قصد إعادة تأهيل قدراتهم المهنية، وإضفاء طابع الحيوية والانسجام على التعليم الأولي المقدم في المؤسسات الحالية. وسيتم تقديم هذا النوع من التكوين، الموجه إلى المربيات والمربين ومربي الكتاتيب القرآنية، على حد سواء، في شكل ثلاث حلقات تكوينية مدة الواحدة منها 5 أيام، في مراكز تكوين الأطر التربوية بالأكاديميات الجهوية ، من لدن مؤطرين مؤهلين. وتعزيزا لهذه الإجراءات، سيتم تعميم مراكز الموارد،التي تضطلع بدور هام في إعداد الوسائل البيداغوجية الموجهة للتعليم الأولي، وتقديم الدعم التربوي لبنيات التعليم الأولي، في كل النيابات، حيث سيتم تجهيز تسعة مراكز جديدة، لتغطية مجموع التراب الوطني. وأخيرا، وبالنظر إلى الأهمية التي سيحظى بها تطوير التعليم الأولي في السنوات القادمة، سيتم خلق بنية خاصة بهذا النوع من التعليم، سيكون من مهامها، وضع استراتيجية لتنمية التعليم الأولي، وتأطير القطاع وتتبعه، والتنسيق مع مختلف الفاعلين فيه. 3- توفير تأطير أفضل لقطاع التعليم الأولي: سيتم تعزيز جهاز التفتيش في قطاع التعليم الأولي، بانتداب داخلي لأزيد من 250مفتشا إضافيا، في الفترة ما بين 2009-2012 ، ويتعلق الأمر بمفتشي التعليم الابتدائي، الذين سيتلقون تكوينا تكميليا، يتمحور حول خصوصيات التعليم الأولي، وذلك بتأطير من المفتشية العامة للشؤون التربوية. * التكوين الأساس لفائدة 3.600 مرب ومربية 390.000 يوم تكويني لفائدة المربيات والمربين * فتح 9 مراكز جديدة للموارد التربوية : ايجابيات البرنامج الاستعجالي 7- * تطوير التعليم الأولي خاصة في العالم القروي. * توسيع العرض التربوي للتعليم الإلزامي. * تأهيل المؤسسات التعليمية. * ربط المؤسسات التعليمية بشبكات الكهرباء و الماء الصالح للشرب و الصرف الصحي خاصة بالعالم القروي. * محاربة ظاهرة الهدر المدرسي بشكليه : التكرار و الانقطاع عن الدراسة. * التخفيف من الحصة الزمنية المخصصة لتدريس المواد بالتركيز على التعلمات الأساسية. * إنصاف الأطفال ذوي الحاجات الخاصة. * المنع النظامي للدروس الخصوصية. * الدعم المدرسي و الدعم الاجتماعي و توفير النقل المدرسي . * بناء الداخليات و إلزامية التعليم. : الملاحظات و السلبيات 8- بالنظر في هذه المشاريع و تمحيصها يمكن الوقوف على الملاحظات التالية باعتبارها سلبيات البرنامج الاستعجالي والتي لن تؤدي إلا إلى مزيد من إفلاس المنظومة التربوية و الإجهاز على ما تبقى من المدرسة العمومية: . : الملاحظة 1:عدم تطبيق مبدأي الإشراك و التشاور إن منهجية إعداد هذا البرنامج بعيدة عن ثقافة الإشراك التي تتبجح بها الوزارة حيث لم يتم إشراك الفاعلين التربويين و الأطر التعليمية و جمعيات الآباء و أولياء التلاميذ في مختلف مراحل إعداد المشروع. و لم يطلب منها حتى بعد الصياغة، قراءته القراءة التربوية بغاية إثراء المشروع وتفادي النواقص و الأخطاء. و حتى النقابات التعليمية تم استدعاؤها بشكل مباغث لشرعنة البرنامج و انتزاع اعترافها لتمريره. : الملاحظة 2:التمادي في سياسة الخوصصة استمرار تبني الدولة لسياسة تفويت قطاع التربية و التعليم إلى القطاع الخاص، والتأكيد مجددا على تخلي الدولة و تملصها من مهامها و أدوارها في ضمان التربية و التعليم كحق من الحقوق الأساسية للإنسان ، ويتضح ذلك من خلال الصفحات من 79 إلى 83. فالتخفيف من العبء المالي للدولة في تحويل المنظومة يتطلب تشجيع تنمية العرض التربوي الخصوصي ، وإقرار تدابير تحفيزية تمكن من تسهيل استثمار الخواص في قطاع التعليم ، و خوصصة بعض الوظائف مثل البناء و الصيانة و النقل و الترميم والحراسة و الأمن و تدبير الداخليات و المساحات الخضراء ، فضلا عن إحداث وكالات وطنية للإشراف على بعض الاختصاصات التي كانت للإدارة المركزية. : الملاحظة 3:تكريس ضرب المجانية و التعميم من أهداف البرنامج الاستعجالي هو التعجيل بالإجهاز على مجانية التعليم ، من خلال فرض رسوم إضافية و خصوصا في التعليم الثانوي التأهيلي و الجامعي . كما أن اقتراح عملية انتقاء المرشحين لولوج الجامعة يعد إجراءا إقصائيا لفئات واسعة من التلاميذ الحاصلين على الباكالوريا علما أن الجامعة هي الملاذ الوحيد لعدد كبير من التلاميذ. : الحد من التوظيف الملاحظة 4: حيث تواصل الدولة تطبيق سياسة تقشفية في مجال التوظيف تطلق عليها : " ترشيد كتلة الأجور من أجل تحسين مردودية المنظومة ". : الملاحظة 5 :الإجهاز على مكاسب الشغيلة التعليمية فقد اختار مشروع البرنامج الاستعجالي إثقال كاهل الشغيلة و تحميلها فاتورة تنفيذ هذا البرنامج من خلال التدابير التالية: : – التوظيف التعاقدي – اعتماد شبكة جديدة لتقويم أداء الموظفين. – الساعات الإجبارية الإضافية بزيادة ساعتين إضافيتين للمدرسين. – المدرس المتحرك. – الاشتغال خلال العطلة البينية. – الترسيم بعد 3 أو 4 سنوات. للتحضير و التصحيح خارج الحصص الرسمية.. – إعادة الانتشار على المستوى الجهوي. – الاقتطاع من أجور المتغيبين و المضربين بدون تدقيق و تحديد للغياب. – إجبار الأساتذة على استكمال الغلاف الزمني الأسبوعي. : الملاحظة6: القضاء على وحدة صف الشغيلة التعليمية و ذلك بالقضاء تدريجيا على نقط القوة الكامنة في تماسك الصف التعليمي حتى يتسنى خلق شرخ غائر و هوة عميقة بين مختلف العاملين بل و بين مختلف الفئات………. و بالتالي الإجهاز على الحق في الإضراب. : – الملاحظة 7 :تأجيل إيجاد حل للمسالة اللغوية فرغم إقرار البرنامج الاستعجالي بأن الإستراتيجية اللغوية التي يتعين اتباعها في التعليم قضية حاسمة ، فإنه لم يوليها الأهمية التي تستحق واكتفى بإحالتها على المجلس الأعلى للتعليم علما أن صلاحية المجلس هي استشارية فقط. فالهوة واسعة بين التعليم المدرسي ( الابتدائي – الإعدادي و التأهيلي المعرب ) و التعليم الجامعي المفرنس كليا ، الشيء الذي كانت له نتائج جد سلبية منها : ضعف مستوى التلاميذ في اللغة الفرنسية ، وعدم تمكن الطلبة من مسايرة المواد العلمية المدرسة بالفرنسية في الكليات و المعاهد . : الملاحظة8: ضرب مبدأ تكافؤ الفرص حيث أن البرنامج يتحدث عن ثانويات مرجعية و ثانويات للتميز إلى جانب الثانويات العادية ، مما سيؤدي إلى تقديم عرضين مختلفي الجودة و الإمكانيات ، وسيعمق بالضرورة الطابع النخبوي لمنظومتنا التربوية . و الحقيقة أن التميز موجود بنظامنا التربوي فمن الأجدر التركيز عليه و دعمه و تطويره كما و نوعا ( الأقسام التحضيرية ، العلوم الرياضية أ و ب ، التبريز) : الملاحظة 9 :ضبابية بعض المفاهيم ، وارتجالية الخيارات البيداغوجية يقترح البرنامج الاستعجالي مقاربة جديدة للتدريس يطلق عليها " بيداغوجية الإدماج " علما أن هيئة التدريس لم تستوعب بعد بيداغوجية التدريس بالكفايات ، والبعض الآخر لا زال في طور الاستئناس بها و محاولة استيعابها بمجهوداته الذاتية ، بينما الغالبية العظمى لا تزال تعتمد بيداغوجيا التدريس بالأهداف لغياب التكوين المستمر ، وبالتالي نسجل تخبط الوزارة الوصية في اختيار مقاربة تصلح لنظامنا وتراعي مؤشراتنا المحلية ، وقد تضطر الوزارة بذلك إلى إمكانية تغيير المقررات والمناهج الدراسية و إلى اقتراح نظام جديد للامتحانات. أما ضبابية المفاهيم فتتجلى مثلا في اسم " مدرسة الاحترام " الذي يحيل على الأخلاق في بعدها المحدود ، والضيق لا بعدها الاجتماعي و الفكري و الحضاري ، لذا ينبغي تعويضه بالمدرسة المواطنة و حقوق الإنسان و الديمقراطية ، و بالتالي اعتماد مفهوم الأمن التربوي و التحصين الثقافي بدل الاستعانة بالأمن و القوات المساعدة و الدرك لمواجهة بعض الظواهر المهيمنة في المجتمع و المتواجدة داخل فضاء المؤسسات التعليمية. خلاصة القول : 9 إن مجال التربية يشكل رهانا كبيرا من أجل تنمية بلادنا ، باعتباره يحتل المرتبة الثانية بعد قضية الوحدة الترابية من حيث الأولويات الوطنية للبلاد ، لذا من اللازم ترجمة هذا الشعار وتحويله إلى واقع ملموس ، وتجاوز ضغط الإصلاح على وعينا الجماعي بالنظر إلى تجارب الماضي المريرة و الفرص الضائعة فالبرنامج الاستعجالي أو المخطط الاستراتيجي يقتضي مراجعة الكثير من مشاريعه مراجعة شاملة لا لأنها مست المكتسبات ، و لا لأنها لم تراع السياق الاجتماعي فقط ، ولكن لأنها بالإضافة إلى ذلك ستضرب المدرسة العمومية في العميق.