تعد الحديقة النباتية, التي سترى النور قريبا بفاس, مشروعا بيئيا بامتياز لكونه سيساهم في الإرتقاء بصورة العاصمة الروحية من خلال توفير مساحات خضراء لسكان المدينة وزوارها. ويرتكز هذا المشروع, المدرج في ميزانية مجلس مدينة فاس لسنة2009 , على فكرة رومانسية لكنها قابلة للتنفيذ, تتمثل في زرع مليون زهرة سنويا على أمل توفير زهرة لكل قاطن. ولتحقيق هذا الهدف, لم يدخر أصحاب الفكرة جهدا من خلال تخصيص غلاف مالي يفوق 17 مليون درهم لإنجاز هذا المشروع, الذي أطلق لأول مرة سنة 1987 بمبادرة من المجموعة الحضرية السابقة لفاس الكبرى, التي رصدت ميزانية سنوية تقارب مليوني درهم لإنشاء حديقة نباتية بمنتزه واد فاس, على مساحة 15 هكتارا. وسيعيد هذا المشروع, الذي عرف مسار تنفيذه بعض التأخر على الرغم من تضافر جهود مختلف المتدخلين من أكاديميين وإداريين وخبراء دوليين وممثلين للمجتمع المدني, لمدينة فاس أحد أهم مميزاتها المرتبطة بالماء من خلال توفير نافورات ومجاري مياه. ووفق مصمميه, فإن المشروع, الذي ستكون له انعكاسات إيجابية على المنطقة, سيشكل مصدر غنى علمي واسع النطاق للمرصد الجهوي للنباتات بفاس - بولمان, وسيكون بمثابة دليل عملي في ما يخص أشجار فاس وموسوعة حية لأشجار المغرب, فضلا عن كونه سيعد مركزا للتربية البيئية . وبالإضافة الى كونها تشكل قيمة مضافة هامة بالنسبة لمختلف المشاريع السياحية التي سترى النور في المنطقة, أثارت الحديقة النباتية بفاس اهتمام العديد من المتخصصين, خاصة خبراء الحدائق النباتية الفرنسيين في ستراسبورغ ونانسي وباريس. وفي إطار هذا المشروع, تقرر إبرام عدة اتفاقيات مع عدد من الشركاء, بما في ذلك معاهد للبحث, وذلك بهدف تجسيد السياسات التي جرى إطلاقها في مجال البيئة مع هاجس الحفاظ على الثروة النباتية الوطنية. وسيحتضن المشروع, المبرمج في فضاء مسقي بشكل طبيعي بفضل توفر آبار, باقة من النباتات المتوسطية البرية ومن الأعشاب الطبية والغذائية والصناعية. وتتجلى وظائف الحديقة, التي ستشكل قطب جذب حقيقي مقام على الحزام الأخضر لوادي فاس, في التحسيس والتربية البيئية, مما سيجعل منها فضاء لدراسة وتنمية الغطاء النباتي المحلي والوطني. وسيتم تزويد حديقة فاس, التي ستطور علاقات شراكة مع حدائق نباتية أخرى عبر العالم, بقاعات عروض ومسرح صغير للأنشطة الثقافية ذات العلاقة بالبيئة ومكتبة بالإضافة إلى غطاءات نباتية وفضاءات أشجار منها, بالخصوص, أشجار الأركان والنخيل والورود والخيزران. وإجمالا, فإن الحديقة النباتية لفاس ستشكل متحفا حيويا سيساهم في التنمية الإيكولوجية والسياحية والتربوية بالمنطقة, ونموذجا يحتذى بالنسبة لباقي المدن.