في الطابق الأول من «مستشفى القدس» في غزة يزدحم عشرات المرضى الفلسطينيين من مختلف الأعمار، يوميا، أمام عيادة البروفيسور خالد لزرق، أخصائي أمراض العظام والمفاصل، رئيس الفريق الطبي المغربي الموجود في غزة،في انتظار الكشف عنهم. مازن (39 سنة)، واحد من آلاف الفلسطينيين الذين أصيبوا خلال العدوان الإسرائيلي على غزة جاء إلى مستشفى القدس التابع للهلال الاحمر الفلسطيني ليعالج على يد الفريق الطبي المغربي المتعدد الاختصاصات الذي وصل إلى غزة قبل أربعة أيام. «لما أصبت بشظية صاروخ أطلقته طائرة إسرائيلية في منطقة الزيتون خلال العدوان، لم أعالج بالشكل المطلوب نظرا للضغط الذي كانت تعرفه المستشفيات الفلسطينية، ولما سمعت بوجود الفريق الطبي المغربي بواسطة أحد أصدقائي قررت انتهاز الفرصة لإجراء عملية في وتر أصبع يدي المصابة»- يقول مازن - في تصريح لوكالة المغرب العربي للانباء. محمد (18 سنة ) شاب فلسطيني آخر كان قد أصيب بكسر في رجله اليمنى فجاء, بناء على نصيحة طبيبه الفلسطيني المعالج، إلى المستشفى لإجراء عملية على يد الجراحين المغاربة لإزالة قضيب البلاتين المثبت في رجله. بعد خروجه من قاعة العمليات قال محمد « أعتبر نفسي محظوظا لأني أعالج من طرف الفريق المغربي, وأشكر جلالة الملك محمد السادس والشعب المغربي والاطباء الذين عالجوني » . أمل سيدة من رفح عمرها43 سنة, حالة أخرى من الحالات التي عالجها الفريق المغربي من ألم في الركبة لكونها لم تتمكن من السفر للخارج للعلاج بسبب الحصار الذي تعاني منه غزة منذ فترة طويلة. أما عثمان (35 سنة ) فجاء مصطحبا طفليه التوأمين: منة الله وياسين (سنة ونصف ) إلى طبيب الأطفال المغربي الموجود ضمن الفريق. قال عثمان « جئت إلى المستشفى لعلاج ابني وابنتي اللذين يعانيان من نقص في الوزن، وهما يحتاجان إلى هرمونات مكلفة جدا, وآمل في مساعدة الفريق الطبي المغربي للحصول على هذا الدواء». ومن بين الحالات التي استقبلها الطبيب النفساني المغربي، الشاب مدحت (21 سنة ) الذي يشكو، منذ استشهاد ثلاثة من أصدقائه في غارة جوية إسرائيلية، من صداع مزمن وحالة اكتئاب. مازن, أمل, محمد, منة الله وياسين, ومدحت, نماذج لحوالي300 فلسطيني تقاطروا على «مستشفى القدس » بعدما بلغهم خبر وصول الفريق الطبي المغربي الذي أمر جلالة الملك محمد السادس بإرساله إلى قطاع غزة للتخفيف من معاناة الشعب الفلسطيني. ويقوم الفريق, الذي يتكون من32 طبيبا في عدة اختصاصات, هي الجراحة العامة وجراحة العظام والمفاصل والانعاش والتخدير وطب الأطفال والطب النفسي, بتقديم العلاج والدواء مجانا لمرضى منهم من تتطلب حالتهم المتابعة الصحية, ومنهم مرضى لم يتمكنوا, بسبب ظروف الحصار الذي تعاني منه غزة, من السفر إلى الخارج للعلاج. ومن المقرر ان يقوم الاطباء المغاربة كذلك، في الأيام القادمة، بزيارة عدد من المرضى في منازلهم لكونهم لا يستطيعون زيارة المستشفى. وأكد البروفيسور لزرق أن حصيلة عمل الفريق المغربي خلال الأربعة أيام الأولى من مهمته في غزة كانت «إيجابية». وذكر بأن هدف مهمة الفريق في البداية كان تقديم الإسعافات للمصابين خلال العدوان الإسرائيلي لكن ونظرا لسمعة الفريق أصبح يتوافد على المستشفى عدد «»هائل «» من المرضى الذين يشكون من أمراض مزمنة. وقال إن الفريق المغربي استقبل حالات مستعجلة تتطلب علاجا أو عمليات جراحية, وكذلك مصابين بأمراض مزمنة كأمراض المفاصل والروماتيزم وأمراض الاطفال، وحالات تعاني من تشوهات جسدية تتطلب إجراء عمليات جراحية دقيقة، ومرضى يعانون من مضاعفات جروح وحروق. وأشاد رئيس الفريق الطبي المغربي بالانسجام « التام » الحاصل بين الاطباء المغاربة ونظرائهم الفلسطينيين. وقال إن مما ساهم في حصول هذا الانسجام كون فريق طبي مغربي سبق له أن قام بمهمة مماثلة في غزة لمدة شهرين خلال انتفاضة سنة2000 .