اختار منظمو مهرجان ""ترافلينغ"" السينمائي الذي يقام حاليا في مدينة رين الفرنسية (شرق) , القدس عنوانا للدورة العشرين من المهرجان الذي يطمح لابراز القدس بكافة صورها وتجلياتها ووفقا للنظرات الذاتية التي أنجزها مخرجون فلسطينيون واسرائيليون وأجانب. واذا كانت القدس اختيرت عاصمة للثقافة العربية للعام2009 فان الجمعية المنظمة لمهرجان ""ترافلينغ"" تمكنت من جمع ما يزيد عن60 شريطا يرقى أقدمها الى مستوى الوثيقة الفريدة عن المدينة المقدسة, من بينها شريط مدته أربع دقائق للاخوين الفرنسيين لوميير يعود الى العام1896 . وقد توالت من حينه الكاميرات لالتقاط نبض ذلك المكان الذي ينفرد بكونه محور الديانات السماوية الثلاث. ومن الوثائق الجميلة المقدمة في المهرجان الذي افتتح يوم31 يناير المنصرم ويستمر الى غاية10 فبراير الجاري, شريط من12 دقيقة عبارة عن رحلة من القاهرة الى القدس أنجز عام 1925 على يد مجهول. وقالت آن لو هيناف أحد المنظمين للمهرجان لوكالة فرانس برس انهم رغبوا ب""عرض النظرات السينمائية الذاتية حول مدينة القدس والتي تمزج بين الماضي والحاضر بين الذاكرة الجماعية والشخصية للمكان المنقسم والمتنازع عليه"". وتابعت ""نريد اظهار الصورة التي ما وراء الاخبار, صورة المكان بعيدا عن الكليشيهات. الاعمال جميعا تطرح أو تجيب على سؤال : هل من الممكن العيش بين حجارة القدس وأمكنتها كما في كل الامكنة الاخرى؟"". في هذه المدينة أو على الدروب الموصلة اليها صور الفلسطينيون حياتهم ورصدوا مستحيلات تنقلاتهم وعذاباتهم اليومية ووجع هويتهم, أما الاسرائيليون فصوروا دهاليز مجتمعهم الجديد وأحيانا جنونه وشكه وقلقه من المستقبل كما صوروا السياسة والدين والحروب. من ناحيتهم صور الاجانب الديانة المسيحية خصوصا بيار باولو بازوليني في ""الانجيل بحسب القديس متى"" وجاء مارتن سكورسيزي وصور ""الرغبة الاخيرة للمسيح"" وجاء آخرون ليصوروا أحيانا انحيازهم لاسرائيل مثل كريس ماركر الذي أنجز عام 1960 فيلم ""في وصف معركة"" وهو شريط أنكره مخرجه فيما بعد وبات من النادر جدا مشاهدته. ومن بين الاعمال التي تسترعي الانتباه في التظاهرة شريط ""فروم ذا مانجر تو ذي كروس"" لسيدني اولكوت الذي صور في الديكور الطبيعي لمدينة القدس عام1912 حيث يعيد صياغة حياة المسيح. ويعتبر هذا الفيلم الذي لقي رواجا تجاريا في حينه الرابع الفعلي في تاريخ السينما, ويقترح مهرجان ترافلينغ اعادة اكتشاف هذا الفيلم مع موسيقى مصاحبة على الاورغ. ومن بين الافلام الملفتة أيضا فيلم بعنوان ""جلد حمار"" للفرنسي الراحل جاك دمي أنجزه1970 . وتتجلى بقية الصور في تظاهرات شتى بعضها يخص السينما الفلسطينية في حاضرها والتي نهض الروائي منها ليلتحق بالوثائقي الذي كسب مستوى متقدما عربيا في أعمال رشيد مشهراوي وايليا سليمان وهاني أبو أسعد وأخيرا في أعمال آن ماري جاسر وكلها يعرضها المهرجان. هذه الاعمال سبقها ميشال خليفي الرائد الذي سيكون حاضرا في مدينة رين وحيث تقدم أعماله السابقة وأولها ""عرس الجليل"" بعد أن انتهى من تصوير فيلم روائي جديد يعيده الى الشاشة الكبيرة بعد انقطاع لسنوات طويلة. وتمتاز تظاهرة القدس في مدينة رين بابراز أسماء فلسطينية وكذلك اسرائيلية جديدة غير معروفة بعد على الساحة الدولية وتقوم بأعمالها الوثائقية والروائية الاولى وتنتمي للجيل الشاب في مجال الصورة والسينما. فمن الجانب الفلسطيني تحضر المخرجة ايناس مظفر بعملين لها أحدهما ""من الشرق الى الغرب"", وتحضر المخرجة جاكي سلوم في وثائقي بعنوان ""سلينوغوست هيب هوب"", وتحضر سهى عراف بوثائقي قصير ""صباح الخير يا قدس"", ويحضر مؤيد عليان مع شريطه القصير ""ليش صابرين؟"". والامر سيان في الاعمال التي تضمها تظاهرة بانوراما السينما الاسرائيلية حيث وبجانب أسماء كبيرة معروفة مثل آفي مغربي وعاموس غيتاي وسيمون بيتون وعيران كوليرين وآري فولمان, تقدم أعمال لشيرا غيفين وران تل ودوفر كوساشفيلي وعوداد دافيدوف. وعلى غرار السينما الفلسطينية شهدت السينما الاسرائيلية انتعاشة هامة في السنوات الست الاخيرة, وتنم الاعمال المقدمة في اطار التظاهرة عن حيوية تظل القاسم المشترك الاكبر الذي يجمع بين أفلام الطرفين الفلسطيني والاسرائيلي التي توسعت لتتجاوز القدس حين اختار المهرجان تنظيم تظاهرات أخرى. ومنح المهرجان حرية الاختيار لكل من الفلسطيني حسام هندي الذي يرأس ""مهرجان دينار للفيلم البريطاني"" (شمال فرنسا) والشريك في تأسيس مهرجان ""ترافلينغ"" والمنتجة الاسرائيلية يائيل فوجييل. ومن بين الافلام التي اختارها هندي وفوجييل فيلم ""هنا وهناك"" لجان لوك غودار وفيلم ""سجل اختفاء"" لايليا سليمان وفيلم ""فالس مع بشير"" لآري فولمان وفيلم ""الجنة الآن"" لهاني أبو أسعد. ويواكب المهرجان ثمانية معارض للصور الفوتوغرافية التي تقدم مدينة القدس وقد دعا المهرجان ستة مخرجين فلسطينيين ومثلهم من الاسرائيليين للمشاركة في كافة الفعاليات.