خلافا لمجموعة من المهرجانات السينمائية ببلادنا يحسب للمهرجان الدولي لسينما المؤلف بالرباط في دورته 15 التي ستنطلق يوم السبت 20 يونيو، احتفاله بالقدس عاصمة للثقافة العربية .2009 وقد برمجت إدارة المهرجان بعض الأنشطة الثقافية والفنية التي تخص الحدث. وبمناسبة احتفال العالم العربي بالقدس لهذه السنة كعاصمة للثقافة العربية، فإن السؤال الذي نطرحه هو ما موقع مدينة القدس المقدسة في السينما العربية؟ لعل الأجواء الباردة التي يمر فيها الاحتفال في البلدان العربية وما يصاحبها من تعتيم إعلامي من قبل القنوات الرسمية وغير الرسمية خير جواب عن السؤال. مما يعني أن القدس وما ترمز إليه في المتخيل العربي مغيبة في السينما العربية، فمنذ الشريط المصري صلاح الدين الأيوبي سنة 1974 أيام الحكم الناصري، لم نر أي عمل سينمائي عربي يناقش قضية القدس، علماً أن السينما العالمية قدمت الكثير من الأفلام عن القدس والأحداث التي شهدتها عبر التاريخ منذ انتشار السينما في بداية القرن العشرين، و قد كان آخر تلك الأفلام هو مملكة الجنة الذي يتحدث عن الحروب الصليبية وتحرير صلاح الدين للمدينة المقدسة، لكن بتقديم معطيات تاريخية مغلوطة. وقد سبقته أعمال عدة مثل فيلم المسيح للمخرج الأمريكي مارتن سكورسيزي(1993) والذي صور بالمغرب. وشريط بنفس العنوان للمخرج ميل جيبسون. وشريط القبر للمخرج جوناس ماكورد (2001) والذي صور في القدسالمحتلة. أما السينما الصهيونية فقد سبقت العالم إلى ذلك وأنتجت عدة أفلام؛ سواء بجنسية إسرائيلية أو بجنسيات مختلفة. استطاعت من خلالها الترويج للدعاية الصهيونية التي ترتكز على مشروعية الاحتلال وطرد الشعب الفلسطيني من أراضيه. والواقع أنه لولا السينما الفلسطينية لانمحت صورة القدس من الذاكرة السينمائية العربية. وقد كان أول شريط سينمائي عن القدس أنتج في فلسطين سنة 1935 عن زيارة الملك سعود لتلك المدينة الضاربة في جذور التاريخ الإنساني. بعده شريط آخر عن زيارة حلمي باشا للقدس أيضا. على أن الانطلاقة الحقيقية للسينما الفلسطينية في ما يخص تناولها للقدس كانت سنة 1968 غداة ما سمي بالنكسة، مع شريط القدس للفنان التشكيلي فلاديمير تماري والذي كانت مدته 18 دقيقة. وخلال السبعينات ظهر فيلم فلسطين في العين للمصور السينمائي الشهيد هاني جوهرية. وقدم المخرج قيس الزبيدي فيلمه صوت من القدس سنة .1977 وأفلام أخرى في سنوات الثمانينات(مشيل خليفه) والتسعينات وحتى السنوات الأخيرة من مطلع الألفية الثالثة مثل يد إلهية لإيليا سليمان ومن قبله خلف الأسوار للمخرج رشيد مشهراوي، وهو فيلم يفضح المحاولات الصهيونية للاستيلاء على القدس من خلال احتلال البيوت واغتصابها وطرد المقدسيين من بيوتهم. وصباح الخير ياقدس للمخرجة سها عراف... اليوم ومدينة القدس تتعرض لأعتى محاولات التهويد وطمس هويتها العربية والإسلامية، ألا تحتاج إلى عمل سينمائي ضخم في حجم ضخامتها التاريخية وقدسيتها على غرار ما فعله مصطفى العقاد رحمه الله في فيلم الرسالة؟