أطلق شباب سعوديون حملة للحد من ظاهرة ارتفاع المهور، وتكاليف الزواج، الحملة التي أطلق عليها «خلوها تعنس»، وتهدف إلى مخاطبة الأسر والعائلات، وتطالبهم بضرورة تخفيض المهور، كما تدعو أولياء الأمور بالكف عن التلاعب بمصير بناتهم، وعضلهم من الزواج؛ طمعا في المال، وكأنها سلعة تجارية. الشباب المقبلون على الزواج لم يجدوا وسيلة أخرى لمحاربة ارتفاع المهور غير هذه الحملة -التي وصفها متخصصون بأنها شرسة- حيث استطاعت الحملة في زمن قصير استقطاب المئات من الشباب النشط على الإنترنت والمنتديات، والذين أبدوا احتجاجهم على ارتفاع تكاليف الزواج بالسعودية مقارنة بالدول العربية الأخرى. شبح العنوسة قال القائمون على الحملة في رسائلهم وحملاتهم الدعائية: «إنه في ضوء ما يشهده العالم من غلاء للمعيشة فقد خطت مجتمعات عربية وإسلامية خطوات كبيرة نحو تيسير الزواج كي لا تجد بناتها مهددات بشبح العنوسة الذي وصلت نسبته في أقل الدول العربية إلى 30 %، إلا أنه لا تزال بعض الأسر في المجتمع السعودي تضرب بكل هذه التحركات والمناشدات عرض الحائط، وتستمر في رفع المهور وتكاليف الزواج؛ وذلك للتكسب من بناتهم على حساب الشباب المقبل على الزواج». ويؤكد «سمير منشي»، أحد القائمين على الحملة، أنهم اتحدوا ليطلقوا حملتهم كما يقولون ضد الجشع والاستغلال الذي يريد أن يفرضه عليهم بعض أولياء الأمور، واضعين نصب أعينهم مجموعة من الأهداف التي تشمل تقليل المهور بشكل عادل؛ حتى يحترم تعبهم وشقاؤهم للحصول على هذه الأموال التي يدفعونها من أجل الدخول في عش الزوجية، ودعوة أولياء الأمور بالكف عن التلاعب بمصير بناتهم وعضلهم من الزواج طمعا في المال، وإجبار الآباء الذين يستثمرون في بناتهم على تخفيض المهور والأسعار وفق تسميتهم، وتخويفهم في الوقت نفسه بأن ابنتهم سوف تنضم إلى فريق العوانس ما لم يرضخوا لهذه المطالب. ولفتت الحملة النظر إلى المعاناة التي يلاقيها الشباب المقبل على الزواج، مثل ارتفاع التكاليف مقابل ما يتقاضاه من راتب شهري لا يزيد متوسطه عن 3 آلاف ريال، معتبرين أن ما يدفعه الشاب نظير إقدامه على الزواج ب «المبالغ فيه». وأشاروا إلى أن متوسط تكاليف الزواج (150) ألف ريال سعودي، تشمل المهر، وتأثيث البيت، وعش الزوجية إلى جانب تكاليف ليلة الزفاف، وما يعقبها من شهر العسل، مؤكدين أن هذه الحسبة تعد مستحيلة. وطالب الشباب بوضع حد أقصى للمهور، يجبر عليه أولياء الأمور ولا يتجاوزونه، ووجهوا خطابهم إلى العاهل السعودي الملك عبد الله، باستصدار قرار يقضي بتحديد المهور، ووضع عقوبة للمتجاوزين. عضل البنات من جهته، أوضح د. خالد الحليبي، المستشار الأسري، أن كثيرا من الفتيات تعدين سن الزواج جراء وقوعهن في ما يسمى ب»عضل البنات»، وذلك بسبب معاناتهن من أولياء أمورهن الذين يسلبون حقوقهن وينتهكون إنسانيتهن، واصفا هذه التصرفات ب»وأد للبنات»، لكن من نوع جديد. وأكد الحليبي في تصريحات لإسلام أون لاين ، أن عضل الأولياء لبناتهم بات ظاهرة شاذة في السعودية، ينبغي أن يقلع عنها المتورطون فيها، وأن يتقوا الله في رعيتهم التي استرعاهم الله عليها، ودعا الفتيات اللواتي يتم منعهن من الزواج من قبل أوليائهن، برفع دعوى رسمية إلى الجهات المعنية، طلبا لرفع الحجر عنهن ونقل ولايتهن إلى الحاكم الشرعي. وأضاف «على كل فتاة إذا عضلت (منعت من الزواج) أن تسرع برفع دعوى إلى لجان إصلاح ذات البين، أو المراكز الأسرية؛ لتحل القضية بالطرق الودية، فإن لم يف ذلك فترفعها إلى المحكمة؛ لتقوم المحكمة بنصرتها، وتنقل ولايتها من العاضل إلى الحاكم الشرعي، ليزوجها ممن يرضى دينه وخلقه، ومن يكافئها حسبا ونسبا ودينا». آراء شبابية وفيما يتعلق بالجانب الشبابي، اعتبر بعض الشباب في تصريحات لإسلام أون لاين ، ان الحملة قد تؤدي دورا في حل هذه الإشكالية، لكنها في الوقت نفسه لن تصل إلى أصحاب الشأن من الآباء، وبهذا لن تحقق هدفها الذي ترجوه بالشكل الكافي. يقول محمد باعشن(30 عاما) إن فكرة الحملة ستصل إلى من يتعرضون لوسائل الإعلام الحديثة: إنترنت، وصحف شبابية، ومنتديات، ولن تصل إلى الطبقة التي نعنيها؛ لأن أكثر من يستخدمون هذه الوسائل الطبقة المتعلمة فتجدهم سيؤيدون مثل هذه الحملات، أما من يتمسكون بالعادات والتقاليد القديمة فلن يكونوا في الصورة أبدا. وتمنى «باعشن» من الأهل أن يتركوا للبنت حرية الاختيار وأن تشارك زوجها في بناء حياتهم كما يرونها. وتأييدا لما قاله «باعشن» يؤكد هاني القبوس، 25 عاما، أن هذه الحملة لن يبلغ صوتها إلى المعنيين بالأمر، وأوضح أن أولياء الأمور الذين يمانعون من تزويج بناتهم لذوي الدخل الضعيف، ولا يقبلون إلا بمهر عالٍ، هم من الطبقة المتأخرة، وكبار السن غير المتعلمين، وهم في الأصل لا يطلعون على الإنترنت، ولا على الجرائد، ولا يهتمون أبدا بمثل هذه الحملات، مؤكدا أن هذه الحملة ستضر بالفتيات وستشعر خلالها بالقهر؛ لأن والدها لا يعي شيئا من ذلك. مشيرا إلى دور الدعاة في حل هذه الإشكالية عند أولياء الأمور، فقال: على الدعاة والمشايخ أن يذهبوا بأنفسهم إلى أولياء الأمور، أو بإلقاء الكلمات البسيطة عليهم بعد الصلوات وإيضاح مثل هذه الأمور؛ لأن كثيرا من الآباء لا يستمعون إلا من أمثال هؤلاء المشايخ والدعاة. زواج بالتقسيط اقترح المأذون الشرعي أحمد سعيد العمري، ما أسماه «الزواج بالتقسيط» كفكرة جديدة يرى أنها ستسهل أعباء الزواج على الشباب غير القادرين على إكمال نصف دينهم، في ظل ارتفاع تكاليف المعيشة وغلاء المهور. وأكد العمري أن أهمية الزواج بالتقسيط تأتي من منطلق التخفيف من تكاليف المهر والزفاف، والتي غالبا ما يتحملها العريس، وتشكل عبئا كبيرا على ذوي الدخل المحدود، وذوي الظروف المعيشية الصعبة ممن لا يستطيعون فتح بيوت وحدهم، بينما من يتقدم للاستفادة من هذا المشروع لن يتحمل من تكاليف زواجه سوى المهر؛ حيث يتم دفع الباقي على أقساط مؤجلة، واقترح العمري أن تتبنى هذه الفكرة جهة رسمية أو أهليه، وتُدعم من المستثمرين ورجال الأعمال. كما أكد العمري أن الفكرة ستساهم في حماية الشباب من الانحراف بتيسير تكاليف المهر والزواج والسكن وتأثيث المنزل، كما يساهم المشروع في حل مشكلات العنوسة.