دأبت عدة مؤسسات عالمية على إنجاز دراسات تستهدف تصنيف الجامعات وتحرص على أن يشمل التصنيف مختلف بلدان العالم، متقدمة ونامية، وفي كل مرة يصدر فيها تصنيف معين للجامعات، تكون الجامعات المغربية في مراتب غير ملائمة للتطلعات، تتصدى لها انتقادات المسؤولين عن الشأن المغربي بدعوى اعتماد معايير غير موافقة للمجهودات المبذولة وطنيا من قبيل الكم بدل الكيف. وبالنسبة لترتيب الجامعات والمعاهد طبقا لجامعة جياو تونغ أو شنغهاي برسم سنة 2016، فإن الريادة العالمية تؤول لجامعة هارفارد الأمريكية، ثم ستانفورد ومعهد ماساتشوسيتس ثم جامعتي كامبريدج وأوكسفورد البريطانيتين، وبذلك فإن المراتب العشر الأولى عالميا تحتلها أمريكا بثماني مؤسسات متبوعة ببريطانيا بمؤسستين، وهذا ما يقوي كذلك المؤسسات الأكاديمية الأنجلوفونية التي تأتي بعد ذلك، سواء في أستراليا أو كندا أو بريطانيا. ويجب النزول إلى المراتب ما بعد الثلاثين لكي تدخل جامعات دول أخرى التصنيف العالمي على غرار الصينية أو الكورية أو الألمانية، أما بالنسبة للمعاهد الفرنسية والتي تستقطب اهتمام الطلاب المغاربة المتميزين فإن أول مؤسسة هي المدرسة العليا للأساتذة بباريس (ENS) والتي تأتي في الرتبة 33 عالميا، ثم مدرسة البوليتكنيك في الرتبة 53 ، وجامعة بييروماري لوري في الرتبة 3 . ويبدو من خلال هذا التصنيف والذي يتعرض للانتقاد من عدة جهات أن جامعة هارفارد تهيمن للعام الرابع عشر على التوالي، ويهم التصنيف السنوي 500 مؤسسة ومعهد. وبالنسبة للتصنيف الافريقي والذي يهم بشكل مباشر الجانب المغربي، فإن جامعة القاهرة تحتل الرتبة 410 وتليها في مراتب متأخرة ضمن ال 500 جامعة أربع جامعات جنوب إفريقية ضمنها جامعة كيب تاون، بينما لا توجد أي جامعة مغربية أو تونسية. وبتدقيق المعايير المعتمدة في تصنيف الجامعات على المستوى العالمي تتضح بعض من أسباب خروج الجامعات المغربية من التصنيف فالمعايير تتأسس على عدد الأساتذة الحائزين على جائزة نوبل والجوائز العلمية، وعدد الأساتذة الباحثين، ووتيرة النشر في المجلات العلمية وخاصة المحلية الشهيرة Science et Nature. أما على المستوى العربي فإن جامعة الملك عبد العزيز وجامعة الملك سعود هما الواردتان في تصنيف مؤسسة شنغهاي للاستشارات في الرتبتين 151 و152. وبالنسبة للمجهودات المبذولة وطنيا في اتجاه تأهيل الحقل الأكاديمي، يمكن الحديث أولا عن المساعي لرفع الوعي بالدور الأساسي للغة الانجليزية كلغة للتواصل والنشر وإثبات الوجود للجامعات، وإلزام الطلبة الباحثين والأساتذة المؤطرين بإتقان الإنجليزية، ونشر البحوث بها، موازاة مع عملية تجميع المؤسسات الجامعية على غرار ما تم بين جامعتي السويسي وأكدال بالرباط، فضلا عن رفع أعداد المدرجات بالفضاءات الجامعية. ورغم ذلك تبقى المنظومة التعليمية الجامعية ودون الجامعية تنوء بعدة إشكاليات، وفي هذا الإطار نورد وبأمانة دون حذف أو تدخل واحدا من التعاليق ذات الصلة بواقع الجامعة المغربية: «صراحة أول مشكل بالجامعة بالمغرب أراه هو كيفية الوصول للجامعة، لاتوجد بالمغرب ثقافة جامعية ولا يربى المغاربة على القرب من الجامعة وإن هناك ما بعد المدرسة شيء آخر. الجامعات بالمغرب تُبنى على هوامش المدن والطالب الذي لايتوفر على سيارة كأنه ذاهب إلى مقبرة، لا إلى جامعة لطلب العلم حيث يصلها وهو منهك». رحم الله والدتي لم تكن تسمح أن أذهب للجامعة بالمغرب إلا بالطاكسي، أو السيارة حتى لا أعاني. بالدول المتقدمة الجامعة جزء من الحياة اليومية حيث تبنى الجامعات وسط المدن والوصول إليها سهل حتى ينشأ الأطفال والحلم يكبر معهم في الوصول إليها، وحتى لايصلها الطالب وقد هزل وخارت قواه، نتمنى أن يفكر المسؤولون بالبدء في بناء الجامعات وسط المدن لا في «الثلث الخالي» كما يقال.