لم يخف وزير النفط الجزائري، نور الدين بوطرفة، أن اللقاء مع السعودية وروسيا في اجتماع دول من منظمة الدول المصدرة للبترول أوبك وخارجها، والذي انطلق أمس الثلاثاء في العاصمة الجزائرية، لم يكون لمجرد تبادل التحايا، ما يعني أن موقف الجزائر لن يكون داعما لخيار تثبيت الإنتاج، وأنه قد يكون في صف إيران لمنع تقييد الدول بسقف معين. يأتي هذا فيما يقول مسؤولون إيرانيون إن اجتماع الجزائر مجرد لقاء استشاري لا يجب انتظار قرارات مهمة منه، في إشارة إلى رفض إيران القبول بالتثبيت والحكم على الاجتماع بالفشل قبل بدئه. وقال وزير الطاقة الجزائري نور الدين بوطرفة، في مؤتمر صحافي عشية الاجتماع، "لن نلتقي السعودية وروسياوإيران من أجل تبادل التحايا"، ما يعني أن الجزائر ستحاول التأثير على سير الاجتماع من خلال الانحياز لإيران الطرف الضعيف الذي يبحث عن تشكيل تحالف لوقف تنفيذ الاتفاق الروسي السعودي حول تثبيت الإنتاج. وقلل الخبير النفطي شمس الدين شيتور، من فرصة التأثير الجزائري، قائلا إن سوق النفط "تمر بتوترات كبيرة، وقوة التأثير خرجت من أيدي الأعضاء التقليديين لمنظمة الأوبك، فأوبك القرن الماضي ليست أوبك الألفية الحالية، والدبلوماسية الجزائرية التي كان تأثيرها يفوق أرقامها داخل المنظمة، ليست هي الدبلوماسية الحالية، وحتى المعطيات تغيرت كثيرا، ففي السابق كانت الحرب في سوق النفط حرب أسعار، أما الآن فهي حرب حصص ومن يحوز على إنتاج ومخزون أكثر". وأضاف شيتور "لا تنتظروا معجزات من قمة الجزائر، سوق النفط لم تعد بأيدي الأعضاء التقليديين في الأوبك، ولا حتى بيدي الأوبك نفسها، وأن الوضعية معقدة ومتشابكة بين مصالح استراتيجية وجيوسياسية متداخلة، لا تمسك بخيوطها إلا القوى الفاعلة". لكن وزير النفط الجزائري هون من التوقعات بالفشل، وتوقع التوصل إلى اقتراحات مهمة لوضع سقف للإنتاج "لستة أشهر أو سنة، أو على الأقل سيتم الخروج باتفاق مبدئي يرسم في اجتماع الأوبك الرسمي في شهر نوفمبر المقبل، وأنه لن نلتقي لتبادل التحايا، ونخرج بخفي حنين، فدول أوبك واعية بضرورة اتخاذ قرارات حاسمة، سواء في الجزائر أو في فيينا.. الوضع يجب أن يتغير". وتفيد مصادر رسمية في الجزائر، أن دبلوماسية النفط لن تتوقف عن الاشتغال إلى غاية الدقائق الأخيرة لانطلاق الاجتماع، وأن كل الاحتمالات واردة، فقد تتغير المواقف والتوجهات بين الفينة والأخرى. وفيما تتحرك طهران من وراء الستار لجذب دول من الصف الثاني لتحالفها، فإن الدول الداعمة لتحديد سقف الإنتاج تستمر بالتفاؤل بنجاح اجتماع الجزائر في إحداث اختراق إيجابي في ذات الاتجاه. وقالت الإمارات العربية المتحدة الاثنين إنها ستؤيد تثبيتا عالميا لإنتاج النفط من أجل تعزيز أسعار الخام. وهبطت أسعار النفط إلى أقل من النصف منذ 2014 بسبب تخمة المعروض من الخام مما دفع منتجي أوبك وروسيا إلى السعي وراء إعادة التوازن إلى السوق بما يعزز إيرادات تصدير الخام ويدعم ميزانيات هؤلاء المنتجين. وكانت السعودية عرضت تقليص إنتاجها إذا وافقت إيران على تثبيت الإنتاج وهو الأمر الذي فهم على أنه مناورة ذكية من الرياض لإرباك مساعي طهران لتشكيل تحالف ضد تثبيت الإنتاج. وقال مبعوث غير خليجي "نأمل أن يكون هناك تثبيت للإنتاج. نتوقع أن يكون هناك اتفاق مسبق". وأضاف مبعوث آخر أن التركيز سينصب على محاولة إقناع إيران بتثبيت الإنتاج عند مستويات مقبولة لبقية الدول الأعضاء في أوبك. وظل الإنتاج الإيراني عند نحو 3.6 مليون برميل يوميا في الأشهر الثلاثة الماضية وهو مستوى قريب من حجم ما كانت تنتجه البلاد قبل فرض العقوبات الأوروبية في 2012. وفي الوقت الذي يتوجه فيه وزير الطاقة الروسي ألكسندر نوفاك إلى الجزائر لإجراء محادثات بشأن خفض الإنتاج فإن التطورات في موسكو تشير إلى أن روسيا الدولة غير العضو في المنظمة مازالت غير مستعدة لأي تحرك منسق بشأن الإنتاج.