لا ينظر المتابعون لأزمة تدني أسعار النفط بتفاؤل لنتائج الاجتماع الذي تعقده الدول النفطية الأحد (اليوم) في العاصمة القطرية الدوحة، في ظل تمسك إيران بزيادة إنتاجها بقيمة مليوني برميل يوميا، وإصرار السعودية على أن أيّ تثبيت لمستوى الإنتاج يجب أن يشمل الجميع. يأتي هذا في وقت لا يستبعد فيه المتابعون أن تؤثر الخلافات النفطية على التحالفات السياسية خاصة بين إيرانوروسيا التي تعمل على تثبيت الإنتاج ووقف تدني الأسعار لمنع دخول اقتصادها الهش في حالة ركود. وتقول إيران إنها لن تنضمّ إلى اتفاق لتجميد الإنتاج لأنها تسعى لزيادة إنتاجها النفطي وإعادة حصتها في السوق إلى ما كانت عليه قبل العقوبات. ويعاني المنتجون من تدني أسعار النفط وزيادة المعروض في السوق. قال نائب وزير النفط الإيراني إن إنتاج بلاده من النفط تجاوز بالفعل 3.5 مليون برميل يوميا وإنها تسعى لزيادة صادرات النفط والغاز خلال الشهر المقبل. ونقلت وكالة الجمهورية الإسلامية الإيرانية للأنباء عن ركن الدين جوادي قوله "صادرات النفط الخام الإيراني ستزيد إلى مليوني برميل يوميا في الشهر المقبل.. وستزيد أيضا صادرات نواتج تكثيف الغاز بنسبة عشرة بالمئة الشهر المقبل". وينتظر أن تغيب إيران عن اجتماع الدوحة في رسالة مفادها أن تثبيت الإنتاج لا يعنيها، وهي خطوة ستزيد من حدة الخلافات بينها وبين الدول النفطية الكبرى الساعية للتوصل إلى اتفاق بشأن تجميد الإنتاج عند مستويات معقولة للحد من خسائرها. ولم يكن من المقرر أن يحضر وزير النفط الإيراني الاجتماع، لكن طهران كان من المفترض أن ترسل ممثلا عنها. وكان وزير النفط الإيراني بيجن زنغنه أعلن أن الاتفاق على تثبيت الإنتاج بين كبار مصدري العالم من داخل (أوبك) وخارجها، مثل السعودية وروسيا، "خطوة إيجابية"، مضيفا أنه سيحضر الاجتماع بالتأكيد "إذا كان لديه وقت". لكن خبراء ربطوا هذا الغياب برغبة الإيرانيين في استثمار رفع العقوبات الدولية عنهم إلى المدى الأقصى خوفا من عقوبات جديدة قد يتم اتخاذها مجددا بسبب استمرار طهران في تجاربها الصاروخية. وأشاروا إلى أن الإصرار على الزيادة في الإنتاج قد تجعل إيران في حالة صدام مع دول تعد تقليديا دولا صديقة لها مثل روسيا التي تقف وراء فكرة تجميد الإنتاج وتكافح للتوصل إلى مثل هذا الاتفاق. وتعيش العلاقات الإيرانية الروسية حالة من عدم الوضوح الناجم عن تدخل موسكو في سوريا والإمساك بالملف السوري والدفع نحو انتقال سياسي قد يفضي إلى تنحية الرئيس بشار الأسد، ما يهدد بإفشال استراتيجية إيران للسيطرة على سوريا عسكريا. وتتردد روسيا في تسليم صفقة صواريخ إس 300 التي لهث وراءها الإيرانيون كثيرا، ما يعكس حالة من عدم الثقة بين البلدين. لكن روسيا بدأت بربط شبكة علاقات متينة مع دول الخليج، وخاصة السعودية، وقد تساعد أزمة النفط على تغيير تحالفاتها. وما يزيد من إرباك الإيرانيين أن السعودية، التي نجحت في محاصرتهم بالقمة الإسلامية التي انعقدت الخميس/الجمعة في تركيا، قد تنجح ثانية في عزلهم داخل أوبك ووسط الدول المنتجة للنفط. ويتمسك السعوديون بألاّ تجميد للإنتاج ما لم يلتزم به الجميع بما في ذلك الإيرانيون. ونقلت وكالة بلومبرج السبت عن وليّ وليّ العهد السعودي قوله إن المملكة لن تجمّد مستويات إنتاجها النفطي إلا إذا أقدم كل المنتجين الكبار الآخرين بما في ذلك إيران. وأضاف الأمير في حديثه إلى "بلومبرج" أن السعودية ستضع سقفا لحصتها في السوق يتراوح بين 10.3 و10.4 مليون برميل يوميا إذا اتفق المنتجون على التجميد. وقال إنه إذا لم يجمّد كل المنتجين الكبار الإنتاج فلن تجمّده السعودية. وأشار إلى أن المملكة تستطيع زيادة الإنتاج إلى 11.5 مليون برميل يوميا على الفور وأن تنتج ما يصل إلى 12.5 مليون برميل في غضون شهور. وقد يسبق اجتماع الدوحة لقاء تنسيقي بين السعودية وروسيا المتفقان على التجميد، وهو ما سبق أن أشار إليه وزير الطاقة الروسي ألكسندر نوفاك حين أعلن أنه قد يلتقي نظيره السعودي، قبل اجتماع منتجي النفط في الدوحة. وظهرت ملامج تقارب خليجي روسي في الأشهر الأخيرة مع تعدد زيارات مسؤولين من دول مجلس التعاون إلى موسكو، وتقارب في الأهداف بخصوص سوريا والحرب على الإرهاب.