سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
مقاربة الأحزاب المغربية لقضايا التعليم والتربية من خلال برامجها الانتخابية1-2: قراءة للجانب المتعلق بالسياسة التعليمية في برامج الاحزاب خلال الفترة الانتخابية السابقة.. بقلم // رشيد شاكري
مع اقتراب محطة السابع من أكتوبر 2016 ، قد سبق واغتنمنا الأجواء الانتخابية لممثلي الأمة في مجلس النواب، لأول انتخابات عاشها المغرب خلال شهر نونبر 2011 في ظل دستور جديد ، لنستقرئ برامج عدد من الأحزاب المشاركة في هذه الاستحقاقات، وخاصة في الجانب المرتبط بالسياسة التعليمية، ولنقف على أوجه التوافق والاختلاف في التشخيص والاقتراح، ولنرسم من خلال ذلك ملامح الإصلاحات التي سيشهدها قطاع التربية والتكوين، وفق ما أفرزته نتائج هذه الانتخابات، والأغلبية الحكومية التي تنتج عنها. وقبل الغوص في أغوار هذا الموضوع، لابد من التأكيد أنه استحال علينا تجميع برامج جميع الأحزاب نظرا لكثرتها، ونظرا لضيق الوقت، فاقتصرنا على عينة تمثيلية لها، قد تشكل - في نظرنا على الأقل- نموذجا للدراسة، بفعل حضورها في المشهد السياسي المغربي، وتبنيها لمرجعيات إيديولوجية مختلفة؛ وهكذا، اقتصرنا على: + أحزاب الكتلة: بثلاثة برامج وشعارات انتخابية، تضم حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية "جميعا من أجل بناء مغرب المواطنة"، وحزب الاستقلال "الوطن دائما"، وحزب التقدم والاشتراكية "الكرامة الآن". + أحزاب التحالف من أجل الديموقراطية، ببرنامج وشعار مشترك "التحالف من أجل الديموقراطية"؛ يشمل هذا التحالف ثمانية أحزاب هي: التجمع الوطني للأحرار، والحركة الشعبية، والأصالة والمعاصرة، والاتحاد الدستوري، والحزب العمالي، واليسار الأخضر، والحزب الاشتراكي، والنهضة والفضيلة. + حزب العدالة والتنمية، بشعاره الانتخابي "من أجل مغرب جديد، مغرب الحرية والكرامة والتنمية والعدالة". نهدف من هذه القراءة الداخلية والمقارنة للبرامج، استيضاح مدى استيعاب الأحزاب للاختلالات التي يعاني منها قطاع التربية والتكوين، ومدى قدرتها على إبداع الحلول الناجعة لتجاوزها، وذلك من خلال تسعة محاور، تحضر عند البعض وتغيب عند البعض الآخر، نتيجة الصياغات التي تتباين بين التفصيل الدقيق، وبين العمومية الفضفاضة، ونترك للقارئ حرية الحكم عليها: صورة المدرسة المغربية في البرامج الانتخابية ينظر الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية للمدرسة كمؤسسة لتيسير الاندماج وضمان تكافؤ الفرص، تستمد مقوماتها من تعاقدها مع المجتمع؛ وهي، حسب التقدم والاشتراكية، مدرسة وطنية عمومية متجددة، منسجمة مع محيطها الوطني والدولي، وملبية لحاجيات مجتمع المعرفة وانتظارات المواطنين المشروعة في هذا المجال؛ مدرسة تكافؤ الفرص، وذات جودة؛ مدرسة مواطنة واستباقية للتحولات؛ أما العدالة والتنمية فيريدها مدرسة للتميز وجامعة رائدة في التكوين والإشعاع والبحث العلمي؛ في حين يرغب التحالف من أجل الديموقراطية أن تكون مدرسة ذات تعلم جيد، منتج، ومنسجم مع سوق الشغل. السياسة اللغوية: يركز التحالف من أجل الديموقراطية من أجل ترسيخ مبادئ التعدد والتنوع اللغوي والثقافي على اعتماد سياسة لغوية تضمن الارتقاء باللغات الوطنية، والانفتاح وتملك اللغات الأجنبية، وإخراج المجلس الوطني للغات إلى حيز الوجود؛ ووضع قانون تنظيمي يحدد كيفيات إدراج الأمازيغية في كل مناحي الحياة العامة. في نفس الإطار، وتحت عنوان: اعتماد سياسة لغوية وطنية قائمة على التنوع وصيانة الوحدة وضمان الانفتاح وتحقيق السيادة اللغوية، حدد العدالة والتنمية عدة إجراءات منها: إخراج أكاديمية محمد السادس للغة العربية، ودعم وتقوية حضور اللغة العربية في جميع المستويات التعليمية والاقتصادية والثقافية؛ تطوير استراتيجية تدريس اللغة الأمازيغية بشراكة مع المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، واعتماد مادة تسمى الثقافة الجهوية،....، وإقرار مديرية لتدريس الأمازيغية داخل الوزارة الوصية، وإرساء مسالك وشعب بالأمازيغية المغربية، وإصدار القانون التنظيمي الخاص باللغة الأمازيغية؛ تقوية التكوين في اللغتين الانجليزية والفرنسية، وتطوير المناهج المعتمدة، وتعزيز الساعات المخصصة، ومغربة المحتوى التعليمي للمادتين مع الانفتاح المتوازن على مختلف الثقافات العالمية. اقتصر حزب التقدم والاشتراكية، في هذا الباب، على اللغة الأمازيغية وضمان شروط إعطائها وضعها الدستوري كلغة رسمية، من خلال التعجيل بإصدار القانون التنظيمي لتفعيل الطابع الرسمي للغة الأمازيغية، وتقوية تعليمها في المؤسسات التعليمية في أفق تعميمها. أما حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، فعالج هذا المحور بنظرة شمولية تستهدف نهج مقاربة جديدة للتحكم في استيعاب اللغات الوطنية والأجنبية، في إطار مخطط وطني يتم إعداده في إطار المجلس الوطني للغات والثقافات المغربية الذي أقره الدستور الجديد، والذي يتعين الإسراع بتفعيله في غضون 2012. ومن أجل تقوية الهوية الوطنية، التزم حزب الاستقلال ب : الإسراع بتفعيل أكاديمية اللغة العربية وإحداث المجلس الوطني للغات والثقافة المغربية لتقوية اللغة العربية وتعميمها في التعليم والإعلام والحياة العامة، وكل روافدها اللغوية ومنها الحسانية.- وضع قانون تنظيمي لترسيم اللغة الأمازيغية بما يضمن حمايتها وإدماجها في التعليم وتنمية استعمالها في مجالات الحياة العامة ذات الأولوية. تقوية اللغات الحية في المنظومة التعليمية. عقلنة التعامل مع اللغات الأجنبية بوصفها أدوات للانفتاح الواعي على القيم الكونية وعطاءات الأمم الأخرى، وتعزيز التنافسية الوطنية، لا أن تصبح اللغة الأجنبية أداة لإضعاف الشخصية المغربية واستلاب المواطن. محو الأمية: يتعهد حزب التقدم والاشتراكية بخلق "جيش المعرفة" بهدف التخفيض من نسبة الأمية بمعدل 50% خلال الولاية التشريعية؛ بينما يلتزم حزب الاستقلال بتقليص نسبة الأمية إلى 20% في أفق القضاء عليها؛ كما يلتزم بإحداث "دار الحي" التي من بين أدوارها تقديم دروس محو الأمية؛ أما برنامج حزب الاتحاد الاشتراكي فيتضمن وضع برنامج استعجالي للقضاء على الأمية في صفوف الشباب (15-35سنة) توكل مهمة تنفيذه لوكالة محاربة الأمية المحدثة هذه السنة، والتي يتعين التعجيل بتفعليها؛ كما يتضمن إحداث المجلس الاستشاري للشباب والعمل الجمعوي من بين أهدافه مواجهة آفةالأمية. من جانبه، يتعهد حزب العدالة والتنمية بوضع استراتيجية جديدة لمكافحة الأمية بهدف تقليص نسبة الأمية العامة إلى 20% في أفق 2016 و 10 % سنة 2020، والقضاء على أمية الفئة العمرية (15-24سنة) في أفق 2015 . اللاتمركز واللامركزية يرى حزب الاستقلال أن تعزيز التنظيم غير الممركز، وتوجيهه نحو فعالية تدبير المؤسسات التعليمية، يمر عبر: تقوية دور الأكاديميات الجهوية في ترشيد تسيير المؤسسات التعليمية: اعتماد مناهج التدبير الحديثة، المزيد من لامركزية التدبير في الموارد البشرية والمادية. التزام الأكاديميات مع المستوى المركزي ببلوغ أهداف ومؤشرات محددة مسبقا بخصوص فاعليتها وتفعيل التقييم المنتظم. محاربة مظاهر سوء التدبير التنظيمي بالقطاع: مواظبة الأطر التربوية، احترام المقررات. في حين يركز حزب التقدم والاشتراكية على تبني حكامة ديموقراطية للنظام التربوي تقوم على تعميق استقلالية الجامعات والأكاديميات، وتمكين الأكاديميات الجهوية من الوسائل المادية الضرورية الإدارية والبيداغوجية. أما حزب الاتحاد الاشتراكي فيحرص على الدفع بنهج اللاتمركز واللامركزية إلى أقصى مداه في انسجام تام مع توجه بلادنا القائم على الجهوية الموسعة (لاتمركز ترابي وظيفي يسمح بتخويل الاستقلالية الإدارية والبيداغوجية للمؤسسات التعليمية، إشراك أقوى وأوسع للجماعات المحلية في حياة المدرسة)، ويؤكد على ضرورة إرساء ثقافة حكومية جديدة في مقاربة قضايا التربية والتكوين تنطلق من وضع حد نهائي لغلبة النزعة القطاعية التي تقلص من عطاءاته ومردوديته، وتحول دون إبراز واقع السياسات العمومية ومجهوداتها الاستثمارية؛ لذلك أصبح لزاما إعادة هيكلة الأجهزة الحكومية المكلفة بالتربية والتكوين والبحث العلمي في اتجاه إحداث قطب وزاري، موحد ووازن، للإشراف على كل مكونات المنظومة وتتبع ترابط حلقاتها، مع مراعاة خصوصيات ووظائف كل مكون...(يتبع) +مفتش تربوي وباحث في قضايا التربية