دعم مغربية الصحراء ومبادرة الحكم الذاتي ترجمة للتوافق الدولي من أجل الطي النهائي لهذا النزاع الإقليمي    "الأشبال" ينهون التحضير للقاء مالي    عمر مورو: مشاريع البنيات التحتية لكأس إفريقيا 2025 تسير بوتيرة متقدمة بمدن الشمال    الناصري ينفي التهم الموجهة إليه في قضية "إسكوبار الصحراء" ويكشف تفاصيل عن لطيفة رأفت وتاجر المخدرات "المالي"    احوال الطقس .. امطار وثلوج مرتقبة بمنطقة الريف    حزب العدالة والتنمية المغربي يواجه أزمة وجودية تهدد مستقبله السياسي    وفد رفيع من سفارة رومانيا بالمغرب يزور ENCG طنجة ويوقع بروتوكول تعاون أكاديمي    حين تصبح معلوماتك سلعة .. من يحمي المغاربة من تسريبات البيانات؟    مقتل صحراويين في مخيمات تندوف : ائتلاف حقوقي يطالب بتحقيق دولي ضد الجيش الجزائري    الحوامض المغربية تلج السوق اليابانية    شرطة البيضاء توقف مواطنا نرويجيا    حادثة سير مميتة تودي بحياة شخص بإقليم الدريوش    ناصر بوريطة يواصل جولة دبلوماسية ناجحة لتعزيز دعم أوروبا لمغربية الصحراء    تنسيقية المتعاقدين بجهة الشمال تشتكي من "استفزازات نقابية"    خلال 2024.. المركز الجهوي للاستثمار بجهة الشمال وافق على مشاريع استثمارية بقيمة 85 مليار درهم قد تخلق حوالي 70 ألف فرصة شغل    إغلاق سلسلة "ب لبن" والحلويات الشهيرة في مصر بسبب التسمم الغذائي – التفاصيل والأسباب    من الرباط.. السفير الصيني بالمغرب لي تشانغ لين : الصين تعتزم عقد مؤتمر عالمي جديد للمرأة خلال هذا العام    وفاة الفنان المصري سليمان عيد    تزايد حالات السل اللمفاوي يسائل ضعف مراقبة سلاسل توزيع الحليب    بيان توضيحي لولاية أمن أكادير بشأن ادعاءات واهية لمنظمة    الهجرة والثقافة المغربية: تاريخ للإستكشاف    المعرض الدولي للنشر والكتاب يتعقب الفنون التمثيلية في الصحراء المغربية    دعم إنتاج الأعمال السينمائية.. الكشف عن مشاريع الأفلام المستفيدة برسم الدورة الأولى من 2025    مهرجان "جازابلانكا".. 26 حفلا موسيقيا يحييها 180 فنانا    وداعًا الأستاذ محمد الأشرافي إلى الأبد    "حماس" تدعو إلى إنهاء حصار غزة    نقابات التعليم تسجل غياب الإرادة السياسية لدى الحكومة في الوفاء بالتزاماتها وتحتج على "التسويف"    بيانات تكشف ارتفاع الإصابة بالتوحد وكذلك زيادة معدلات تشخيصه    من معشوق الجماهير إلى مرشح للبيع .. رودريغو يدفع ثمن الإخفاق الأوروبي    واشنطن بوست تدق ناقوس الخطر: البوليساريو شريك لإرهاب إيران في إفريقيا    أكادير يحتضن مؤتمر التنظير عنق الرحم وجوف الرحم والجهاز التناسلي    شي جين بينغ وهون مانيت يتفقان على تعزيز الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين الصين وكمبوديا    الارتفاع العالمي لسعر الذهب ينعكس على محلات المجوهرات في المغرب    شركة للطيران تمتنع عن نقل ثلاثة جثامين لمغاربة مقيمين بهولندا    إطلاق الشعب المتخصصة في فنون الزجاج بالمعهد المتخصص في الفنون التقليدية بمكناس، في سابقة على المستوى الوطني    الدورة التاسعة إياب من بطولة القسم الوطني الممتاز لكرة السلة : .ديربي محلية بالعاصمة بين الفتح والجيش    أولمبيك خريبكة يوضّح واقعة محاولة انتحار أحد لاعبيه    مغرب الحضارة : نداء من أجل المستقبل … شبابنا كنز المملكة ومستقبلها    ممثلون عن اليهود في بريطانيا يدينون العدوان الإسرائيلي في غزة    احتجاجات بالمزونة التونسية تنديدا بمصرع 3 تلاميذ وبتهميش المدينة    مهرجان "تيم آرتي" يختار مواهب الراب الشابة في دورة جديدة    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الجمعة    رغم التأهل.. فليك غاضب من أداء لاعبي برشلونة أمام دورتموند ويطالب بمزيد من الانضباط    إيقاف السباح التونسي أحمد الحفناوي 21 شهرا بسبب انتهاكات لقواعد المنشطات    وضع المعايير لملء استمارة الإحصاء لأداء الخدمة العسكرية برسم فوج المجندين لسنة 2025    روبيو: على أوروبا أن تقرر ما إذا كانت مستعدة لإعادة عقوبات إيران    مجلس الأمن يدعو إلى وقف دائم لإطلاق النار وعملية سياسية شاملة في السودان    استشهاد 15 فلسطينيا في غارة إسرائيلية جديدة على غزة    توظيف مالي لأزيد من 46 مليار درهم من فائض الخزينة    بعد ستة أشهر من الغياب.. الصحفي حمزة رويجع يكشف الحقيقة بشجاعة: نعم، أصبت باضطراب ثنائي القطب    ندوة وطنية تتدارس تجربة محمد الشيخي في رؤيا وتشكيل الشعر المغربي    الاعتداء على أستاذ يسلب حرية تلميذ    عاجل | هزة أرضية قوية تُثير الهلع بمراكش وتامنصورت    وزارة الصحة تخلّد اليوم العالمي للهيموفيليا وتطلق حملة تحسيسية وطنية لمكافحة هذا المرض    قصة الخطاب القرآني    المجلس العلمي للناظور يواصل دورات تأطير حجاج الإقليم    أجواء روحانية في صلاة العيد بالعيون    طواسينُ الخير    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الاشتراكية الفرنسية على مشارف الاحتضار.. تدحرج سريع من الواقعية الماركسية إلى الخط الديمقراطي القريب من التنظيمات الليبرالية الجديدة.. بقلم // أحمد الميداوي
نشر في العلم يوم 22 - 08 - 2016

قراءة بسيطة في الخطاب السياسي الذي يروج له الحزب الاشتراكي الفرنسي في الحملة الخفية الجارية برسم الاستحقاقات الرئاسية لشهر ماي القادم، تدلّنا بسرعة على أن الحزب هو بصدد التخلي عن خطه المحافظ وعن نظرية "التصادم" الثوري مع الرأسمالية، وأيضا عن موقفه التقليدي المتشدد حتى مع شركائه في أوروبا، حيث ظل على امتداد عقود يعطي للدولة الدور الأساسي في الاقتصاد على حساب المبادرة الخاصة، واستمر إلى عهد قريب يناهض "الطريق الثالث" الذي ابتكره الاشتراكي الديمقراطي طوني بلير، ويرفض ما يسمى بالاشتراكية الجديدة التي نادى بها جيرهارد شرودر في نهاية التسعينيات، والقائمة على الموازنة بين الليبرالية الاجتماعية والاشتراكية.
وقد اختار الحزب في خطابه السياسي الحالي بشأن البناء الأوربي، اعتماد لغة معتدلة خالية من التحمس الأوربي الزائد الذي أثبت محدوديته في حشد ما يلزم من قوى الدعم الداخلي لا سيما وأن الفرنسيين يعتبرون أوروبا كيانا مختلفا عنهم، بل إنهم كثيرا ما يرون فيها حصان طروادة الذي تقدمه إليهم العولمة الليبرالية. ولذلك فقد كان التفسير السائد لهزيمة الاشتراكي ليونيل جوسبان في الدور الأول من الانتخابات الرئاسية سنة 2002 على يد اليميني المتطرف، جان ماري لوبان، بأنها نتيجة لموقف الاشتراكيين المؤيد بلا حدود لأوروبا.
ويقرأ الكثيرون في اللغة "الاعتدالية" الجديدة، مقدمة لتحول تاريخي في المسار السياسي للحزب الذي يجتهد اليوم في صياغة رؤية إيديولوجية حديثة تضفي عليه حلة التنظيم الديمقراطي القريب من التنظيمات الليبرالية، وتجعله يتعامل بقدر أكبر من الواقعية مع مشاغل الفرنسيين.
وقد زكى الرئيس الاشتراكي فرانسوا هولاند، هذا التوجه بقوله :"لم تعد الغالبية من المواطنين تستمع لما يقوله الحزب لأنه لا يقول شيئا دقيقا ولا واضحا ولا مفهوما". وكلام فرانسوا هولاند هو بالتأكيد ناجم عن الشعور المتزايد لديه ولدى بعض أنصار الحزب بضرورة أن تستجمع القيادات الاشتراكية قواها وتعود إلى سطح الأحداث بحثا عن "قضية". والقضية ليست سوى الانتخابات الرئاسية التي قد تعصف بكيان الحزب في حال هزيمته وتكرس الانقسام بين المجددين الليبراليين والمحافظين المتشبثين بخط اليسار.
والصراع داخل الحزب هو بين المتشددين الذين يرفضون المس بالثوابت الاشتراكية وبقيمها العتيقة، وبين المجددين الراغبين في احتلال مواقع القيادة والقائلين بأن الصقور القدامى لا يملكون من المرونة والقراءة النقدية ما يساعد على تطوير الحزب بمنظور يقيم علاقة تجاذبية مع تحديات العولمة ومجتمع اليوم. وذلك يعني تحديدا أن التيار الثاني يريد تجديد الحزب فكريا في اتجاه التحالف مع يمين الوسط. وداخل تيار المجددين يحتل الرئيس هولاند مركزا هاما ضمن خط الاشتراكية الديمقراطية الذي أكسبه تعاطف الشباب. وملخص فلسفته أنه "لا توجد مواضيع خاصة باليمين وأخرى باليسار، وأن الاتفاق يمكن أن يتم بين الجميع بغض النظر عن تياره السياسي وكذا ضرورة أن يتم التحالف بين يسار عريض والمطالبين بنظام دولي جديد ويمين الوسط".
ويجد بعض أنصار هذا التوجه تبريرات مقنعة حينما يؤكدون أن اليسار المتشدد لا يريد المشاركة في الحكم، والحزب الشيوعي يعيش سنواته الأخيرة، والخضر لا يتقدمون منذ ثلاثين سنة، وليس أمام الحزب الاشتراكي إلا التحالف مع قوى أخرى وخاصة يمين الوسط. ويأخذ التيار الإصلاحي على المحافظين غياب ثقافة الإنصات لديهم وافتقارهم للمرونة اللازمة للتعامل مع مستلزمات العولمة الليبرالية، فضلا عن تضحيم ثقافة "الأنا الحزبية" التي كرست الثنائية التخوينية القائمة على إما "اشتراكي محافظ أو رجعي"، وهي ثنائية بقدر ما خلقت حالة من التحارب الداخلي، ضيعت على الحزب عقودا من الحكم وتدبير الشأن الفرنسي.
وكان عمدة باريس السابق، برتران دولانوي، هو أول من بادر إلى إشعال الفتيل في هشيم الاشتراكيين اليابس بكتابه الأخير "الجرأة" الذي بنى فيه اشتراكيته الجديدة على قاعدة "الاقتصادي قبل الاجتماعي"، بمعنى أن تحسين تنافسية شركات فرنسا وصناعاتها، تسبق مسألة تحسين أوضاع الأجراء. "أنا ليبرالي واشتراكي معا، ولست اشتراكيا ليبراليا ما دمت غير مقتنع بروح وفلسفة هذا التيار الذي يكتنفه الكثير من الغموض. ثم إنني لا أرفض بشكل ميكانيكي كلمة "ليبرالي"، بل أعتبرها مجدية ومفيدة للاشتراكية نفسها. غير أني أرفض كباقي التقدميين أن نجعل من الليبرالية سندنا الاقتصادي، وأن نُفرط بشكل نهائي في دور الدولة وما قد ينجم عن غيابه من تسيب تجاري واقتصادي. ويختصر دولانوي رؤيته "بأن الليبرالية الإنسانية، ستدخل معجم الاشتراكيين، في القرن الحادي والعشرين، عندما يكفون عن النظر إلى كلمة منافسة، ومضاربة كمفردات فارغة وعقيمة".
وفي ظل الجمود والانقسامات الداخلية التي زاد من حدتها الصراع على مواقع القيادة، يذهب البعض إلى القول، في ما يشبه النقد الذاتي، إن الحزب الاشتراكي الفرنسي بات اليوم في مواجهة اختيار واضح، إما أن يعمل على تحديث إيديولوجيته بحيث يصبح اقرب إلى الديمقراطية الاجتماعية الدولية، أو يتقوقع في الاشتراكية المحافظة بمفاهيمها البالية ويدخل في قطيعة مع الفرنسيين قد تقضي على ما تبقى لديه من شعبية باهتة في الأوساط الفرنسية وخاصة الشباب والفئات الاجتماعية المتوسطة. ومن شأن الوضع الصعب الذي تمر به قيادة اليمين التقليدي الذي يقوده ساركوزي، أن يعدل أسهم الحزب إن عرف قادته كيف يرصون صفوفهم، وكيف يحولونه إلى قوة ديمقراطية ليبرالية فاعلة ومؤثرة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.