عقد المجلس الأعلى للتعليم دورته العادية أيام 21، 22 و23 يوليوز 2008 بالرباط، بحضور السيد عبد العزيز مزيان بلفقيه، الرئيس المنتدب للمجلس، والسيد أحمد أخشيشن وزير التربية الوطنية والتعليم العالي وتكوين الأطر والبحث العلمي، والسيد جمال أغماني وزير التشغيل والتكوين المهني، والسيدة لطيفة العبيدة كاتبة الدولة المكلفة بالتعليم المدرسي. في معرض كلمته الافتتاحية، نوه الرئيس المنتدب للمجلس بالتجاوب والاهتمام الواسعين اللذين حظي بهما تقرير المجلس من طرف قطاعات التربية والتكوين ومختلف الفاعلين التربويين وشركاء المدرسة، وبالنقاش المتعدد الذي أثاره لدى الرأي العام الوطني. كما أكد على أن دورة المجلس تنعقد في سياق يتميز بسريان دينامية واعدة مدعمة بالتقاء الإرادات من أجل اعطاء نفس جديد لإصلاح المنظومة التربوية، مما يجعل الرهان الأساسي اليوم يتمثل في مواصلة الجهود الرامية إلى إرساء مدرسة مغربية للجميع، وعدم تفويت هذه الفرصة المواتية والحاسمة في كسب هذا الرهان الاستراتيجي بالنسبة لبلادنا. وفي هذا الإطار، فقد خصصت الدورة الحيز الأكبر من أشغالها لتدارس مشروع البرنامج الاستعجالي لقطاع التربية الوطنية والتعليم العالي وتكوين الأطر والبحث العلمي، وكذا المخطط الاستعجالي لتطوير قطاع التكوين المهني، باعتبار أهميتهما بالنسبة لسيرورة الإصلاح العميق للمنظومة الوطنية للتربية والتكوين، وتجسيدهما لمرحلة جديدة قوامها المقاربة بالمشاريع، مع تحديد مداخل العمل ومدد الإنجاز والنتائج المرتقبة والموارد الضرورية لبلوغ الأهداف المتوخاة. هكذا، فقد استمعت الجلسة العاملة لعرض وزارة التربية الوطنية والتعليم العالي وتكوين الأطر والبحث العلمي، الذي تضمن الخطوط العريضة لمشروع البرنامج المزمع تطبيقه في أفق زمني يمتد مابين 2009 و 2012، وسيكز على مجالات التدخل ذات الأولوية في انسجام مع التقرير الأول للمجس الأعلى للتعيم، والمتمثلة في التحقيق الفعلي لإلزامية التعليم إلى غاية 15 سنة، حفز روح المبادرة والتميز في الثانوي التأهيلي والجامعة، المعالجة الملحة للإشكالات الأفقية الحاسمة للمنظومة التربوية، ثم توفير وسائل نجاح الإصلاح، وهي مداخل عمل تمت بلورتها عبر 23 مشروعا. في نفس السياق، استمعت الجلسة العامة للسيد وزير التشغيل والتكوين المهني، الذي قدم المحاور الكبرى للمخطط الاستعجالي لتطوير قطاع التكوين المهني، والمتمثلة أساسا في أربعة برامج للتكوين، مبنية على ثماني دعامات تم تحديدها بناء على دراسات ميدانية تحضيرية. وقد حظي مشروعا البرنامجين الاستعجاليين بمناقشة مستفيضة، تمت خلال الجلستين الصباحيتين ليومي الإثنين والأربعاء من الدورة. وقد أكدت في مجملها على تبلور أفق فعلي لإنجاح مدرسة مغربية للجميع، يقوم على أولويات وأوراش للتجديد تنسجم والمقترحات التي قدمها التقرير الأول للمجلس، في استشرافه للمرحلة المقبلة من الإصلاح. كما أكدت على ضرورة توسيع التشاور وتوفير شروط الإنجازية والوسائل اللازمة للتفعيل، مع إغناء هاته البرامج بكل المقترحات البناءة. لهذا الغرض، فقد برمج المجلس عقد جلسة عامة في 9 شتنبر 2008 قصد مواصلة دراسة هذين المشروعين وإبداء وجهة نظره فيهما. وفي إطار مواصلة المجلس لإسهامه في معالجة القضايا الأفقية ذات الأولوية في تأهيل وملاءمة المنظومة التربوية، فقد تدارست الجلسة العامة المداخل الأولية لمشروع تصور جديد لمهنة التدريس والتكوين، الذي قطع المجلس شوطا مهما في إعداده، على أساس تدقيقه بتعميق التشخيص وتوسيع دائرة الاستماعات وتنويعها، وفق مقاربة تشاركية مع مختلف الفاعلين، من أجل التداول فيه خلال دورة يوليوز 2009. وضمن نفس المنظور الاستشرافي، فقد تميزت أشغال هذه الدورة كذلك بالإستماع إلى عرضين لمديريتي قطاع التربية غير النظامية ومحاربة الأمية، وذلك في إطار الإعداد لرأي المجلس في هذا الموضوع، في أفق تدارسه خلال دورة المجلس في فبراير 2009. وإلى جانب ذلك، فقد حدد المجلس دورة يوليوز 2009 كأفق لاستكمال إعداده لمقترحاته حول مسألة التحكم اللغوي. وترسيخا لمهمته التقويمية، سيعمل المجلس على إعداد التقرير الشامل عن حالة المنظومة وآفاقها كل سنتين، وعلى إصدار تقرير موضوعاتي، وتحيين المعطيات المتعلقة بالمؤشرات الأساسية للمنظومة كل سنة. في هذا الصدد، سيركز التقرير الموضوعاتي لسنة 2009 على تقويم التعلمات، من أجل تشخيصها، وتحديد سبل تحسين جودتها، وإتقان اكتساب الكفايات والمعارف الأساسية لدى المتعلمين. وتجدر الإشارة إلى أن المجلس وقف خلال هذه الدورة على حصيلة الموسم الدراسي والجامعي والتكويني الحالي وعلى آفاق الموسم المقبل، كما صادق على مشروع ميزانيته برسم سنة 2009