أثارت شعارات تمس بالمقدسات وكذا الدعوة إلى الانفصال المناوئ للمقترح الذي تقدم به المغرب والمتعلق بالحكم الذاتي بأقاليم الصحراء المغربية، والتي رفعها ثمانية طلبة من جامعة القاضي عياض يتجدرون من إقليمكلميم خلال الجلسة الثانية لمحاكمتهم صباح الخميس الماضي بغرفة جنايات استئنافية مراكش اشمئزاز وامتعاض وغضب كل الحاضرين لأطوار بداية مناقشة هذه القضية. واتضح أن هذه المجموعة من الطلبة كانت عاقدة العزم على عرقلة هذه المحاكمة بكل الوسائل والأساليب المستفزة للشعور الوطني ومحاولة تسييس القضية. ورفض الطلبة الاستجاربة للمثول أمام هيئة المحكمة والإدلاء بأقوالهم في التهم المتابعين من أجلها والمرتبطة بترويج المخدرات والسرقة الموصوفة وتكوين عصابة والعنف ضد رجال الأمن والضرب والجرح بواسطة السلاح وتخريب ممتلكات، متذرعين بالعائق الصحي بعد خوضهم إضرابا عن الطعام لمدة 31 يوما بسجن بولمهارز. وانقسم رأي دفاع الطلبة ودفاع المتهمين الثلاثة المتابعين أيضا في إطار هذا الملف إلى موقفين: الأول يطالب بتأجيل النظر في القضية والنظر بعين الاعتبار إلى الظروف الصحية للطلبة جراء خوضهم الإضراب عن الطعام فيما ارتأى الطرف الثاني من الدفاع بأن القضية جاهزة للمناقشة وبالتالي فإن كل تصرفات وتحركات الطلبة داخل الجلسة لا توحي أو تشير بأي حال من الأحوال إلى أي تدهور صحي يعانون منه. ونفس الرأي ذهبت إليه النيابة العامة، إثر تدخلها بهذا الصدد، مشيرة إلى أن الطلبة المتهمين خلقوا ضوضاء كبيرة منذ التحاقهم بقاعة الجلسات، وترديدهم بصوت عال شعارات وكلمات مناوئة، وهي علامات - تضيف - لا تشير إلى أي تدهور صحي. وأكدت بأن الغاية من كل هذه التصرفات تعطيل مناقشة حيثيات هذا الملف إلى ما لا نهاية. وأوضحت بهذا الخصوص بأن من حق المحكمة تطبيق بنود المادة 353 من القانون الجنائي والتي تسمح في مثل هذه الحالات بطرد المتهمين ومناقشة القضية في غيابهم. وطالبت النيابة العامة بضرورة التزام الهدوء واحترام هيئة المحكمة والجلسة العمومية من دفاع ومواطنين، موضحة بأن الطلبة يتوفرون على كافة الضمانات لإجراء محاكمة عادلة، والثقة كبيرة في العدالة. وتبعا لذلك دعت هيئة المحكمة الطلبة للإدلاء بأقوالهم في إطار هذه النازلة غير أنهم عارضوا ذلك بشكل مستفز مدعين بأن القضية مسرحية مفبركة، ليستمروا في رفع وترديد شعارات مست بوحدة المغرب الترابية وأمام استمرار الطلبة في التشبث بموقفهم الرافض للإدلاء بأقوالهم تم رفع الجلسة للتداول في ملتمسات الدفاع والنيابة لتقرر هيئة المحكمة بعد توقف دام زهاء الساعة بأن القضية جاهزة للمناقشة. وكان الاستماع في البداية إلى المتهمة (الغالية - ش) التي نفت جملة وتفصيلا ما تم تدوينه بمحاضر الضابطة القضائية ووكيل الملك وكذا التهمة المتابعة من أجلها والمرتبطة بترويج المخدرات والفساد. وبالمقابل اعترفت باستهلاك مخدر الكوكايين وبخاصة خلال مجالستها مروجين اثنين لهذه المادة المحذورة. وبدوره نفى المتهم (ع.ص) مسير مطعم بمراكش والمتابع بنفس التهمة مبرزا بأن اعتقاله كان بمنزله وبرفقة زوجته وفي ساعة متأخرة من الليل، وقال بأنه معروف بحسن سيرته وسلوكه والعلاقة التي تربطه بالمتهمة الغالية هي علاقة زبونية وصداقة فقط. وأشار إلى أنه لم يسمح له بالإطلاع على المحضر المنجز بمخفر الشرطة السياحية مؤكدا بأن تهمة ترويج المخدرات ملفقة ويقف وراءها أطراف بالشرطة السياحية. أقوال المتهم ح.ب المعروف بلقب الطنجاوي أثارت كثيرا من ردود الفعل والاستغراب جراء تراجعه عن كل أقواله المدونة في المحاضر المنجزة في إطار هذه القضية. هذا المتهم المنحدر من إقليمالحسيمة اعترف بسوابقه وعمله على ترويج مخدر الكوكايين بمدينة مراكش مؤكدا أنه يشتغل مع المزود الرئيسي المعروف بولد الطنجاوية والموجودة في حالة فرار. وأوضح بأن استقراره بمراكش وبالطابق السفلي لنفس الشقة التي يقطنها الطلبة بمدخل مدينة مراكش حيث لا تجمعه وإياهم أية علاقة. وبخصوص كمية مخدر الكوكايين والحشيش التي تم ضبطها لدى الطلبة محشوة في وسادة قال المتهم إنه لا علم له بذلك الأمر. أقوال المتهم بغياب أية علاقة له بالطلبة دفعت بهم إلى الوقوف والصراخ والقول بأن الحقيقة قد ظهرت لتقاطعهم هيئة المحكمة وتطلب منهم الإدلاء بأقوالهم بهذا الخصوص ليقبلوا أخيرا بالمثول تباعا أمام الهيئة. ونفى الطلبة التهمة الموجهة إليهم بخصوص ترويج المخدرات غير أنهم لم يتمكنوا من تقديم شرح أو حجة دامغة عن أسباب تواجد الوسادة المحشوة بالمخدرات بإحدى غرفهم وأيضا عن أسباب تواجد الأسلحة البيضاء. وبرروا المواجهة والاعتداء على رجال الأمن بكونهم تقدموا إليهم بباب المنزل بزي مدني وبدون أن يتمكنوا من معرفة هويتهم مما حذا بهم إلى معاملتهم بالعنف. ولم يتمكن الضحايا / الشهود الثلاثة في إطار هذه النازلة من إثبات أو تأكيد معرفتهم بالمعتدين عليهم من بين الطلبة المتابعين، واكتفوا بسرد تفاصيل الاعتداءات والسرقات التي تعرضوا إليها. وذكر أحد العاملين بفندق مجاور لمسكن الطلبة بأن مجموعة من الطلبة حاصروه وهم مسلحون بهراوات كبيرة بعد مغادرته مقر العمل ليسلبوه مبلغ 3000 درهم وهاتفه النقال، أما تاجر بنفس المنطقة فأكد بأن حوالي 50 طالبا هجموا عليه بدكانه وبعد إرعابه استولوا على مبلغ 23 ألف درهم. وبعد مرور قرابة ثلاث ساعات من انطلاقة هذه المحاكمة قررت هيئة المحكمة بداية الاستماع لمرافعات دفاع المتهمين في إطار هذه الهيئة وذلك في جلسة حدد لها موعد 29 يناير الجاري. وتجدر الإشارة إلى أن هذه الجلسة التي عرفت حضور عائلات المتهمين وعدد من طلبة الجامعة المنحدرين من الأقاليم الجنوبية وعدد من المواطنين والمواطنات من أبناء مدينة مراكش تقدمت خلالها إدارة الجمارك بمطالب تغريم فاقت 300 ألف درهم ليؤديها المتهمون تضامنا. ويذكر أن هذه القضية ترجع جذورها إلى شهر أكتوبر من السنة الماضية حيث عرفت مدينة مراكش مواجهات عنيفة بين الطلبة القاطنين بمنزل يوجد على طريق الدارالبيضاء - مراكش، وقوات الأمن استعمل فيها الطلبة مختلف الأسلحة البيضاء والهراوات ليتم اعتقالهم وبحوزتهم كميات من المخدرات.