بعد أن انتهت الحرب العالمية الثانية وشرعت الأمم الخمس، الولاياتالمتحدةالأمريكية وبريطانيا وفرنسا وروسيا والصين في تأسيس هيئة للأمم المتحدة ومجلس للأمن ليعملان على تنظيم مستقبل الشعوب وأمنها وخصوصا ما يتعلق بالشعوب التي تعيش تحت نير الاستعمار. وقد تأسست فعلا هذه الجمعية هيئة الأممالمتحدة سنة 1945 وشرعت في تنظيم أعمالها من أجل مستقبل الشعوب المستضعفة والمغلوب على أمرها فشرّعت عدة قوانين ومنها إعادة الحقوق لهذه الشعوب وتمكينها من حق تقرير مصيرها. وهكذا ، فقد بدأت الشعوب تتنفس الصعداء وانتعشت فيها روح المقاومة والمطالبة باستقلالها، والدفاع عن حقوقها من داخل هذه المؤسسة التي فأصبحت تنخرط فيها كل الدول المحبة للسلام لتدافع عن مساعدة الشعوب التي تعيش تحت نير الاستعمار لاسترجاع حقوقها المغتصبة، ومن بينها الشعب الفلسطيني الذي عان الكثير من ويلات الاستعمار البريطاني، الذي أطلق العنان لليهود قبل رحيله بوعد بلفور. وبذلك أصبح هذا الشعب المغلوب على أمره يذوق العذاب المر أكثر مما قاصاه على يد الحكومة البريطانية، فقتلوا وشردوا ما شاء لهم من هذا الشعب واغتصبوا أراضيهم بالقوة وطردوهم من حقولهم فصاروا مشتتين في البلدان العربية المجاورة لهم وأصبحوا يقتاتون مما تجود به عليهم شعوب وحكومات هذه البلدان. وهكذا أصبح اللاجئون في قاموس هيئة الأممالمتحدة. وبعد نضال طويل صدر قانون التقسيم سنة 1948 ورضى به الفلسطينيون عن مضدد ليرجعوا إلى بلدهم وذوويهم ويعيشون في استقرار فتسلمواحظهم من الأراضي المسترجعة وأسسوا حكومتهم وجعلوا القدسالشرقية عاصمة لهم. لكن، ما أن استقر بهم المقام، حتى بدأت مناوشات المستعمر الجديد تاراودهم وتضيف عليهم الخناق واعلنتها حربا ضروسا كمذبحة مخيم شتيلة التي آبانت من همجيتها واستولت على كل الأراضي الفلسطينية بالقوة من جديد وأعلنت على مرآى ومسمع من العالم أن القدس أصبحت عاصمتها للأبد، وذلك بعد حرب 1976، وقتلت ماشاء لها من القادة والمقاومين وسجنت كل من فيه رائحة المقاومة. وهكذا عاد الفلسطينيون إلى هيئة الأممالمتحدة كمطالبتها بردع الصهاينة والرجوع إلى تطبيق ما جاء في قرار التقسيم الذي أقرته هذه الجمعية ولكن هيهات، فما دون في السجلات إنما هو ذر الرماد في العيون . والعالم كله يشهد مسرح الاتفاقيات التي جرت بواسطة رئيسي الولاياتالمتحدة كلينطون وبوش، والوعود التي قطعها على نفسه هذا الأخير علنا على أن الدولة الفلسطينية يجب أن يعلن عنها قبل نهاية سنة 2008، وها هي قد انتهت ودخلت سنة 2009 وما أن أشرفت سنة 2008 على الرحيل حتى بادرت إسرائيل بشن غارات جوية بواسطة دائراتها الحربية الحديثة بهدم الدور على أصحابها وقتلهم وهم نائمون من شيوخ ونساء وأطفال رضع غير عائية بما يشاهده العالم الحر وعلى رأسه هيئة الأممالمتحدة ومجلس الأمن، لأنها تعرف مسبقا أن لديها من يحميها ويدافع عنها كالولاياتالمتحدةالأمريكية وابريطانيا ومن سار على دربهما، ولا من يقول اللهم إن هذا المنكر، رغم ما يشاهدونه من مناظر يندى لها الجبين ومؤثرة، وحتى المساجد والمستشفيات والمدارس والدور التي أصبحت ركاما م الأحجار ويوجد من تحتها ضحايا من الأموات. ورغم أن العرب تقدموا بطلب عقد إجتماع طاريء لمجلس الأمن من أجل إرغام اسرائيل على إيقاف غاراتها الجوية، فإن هذا المجلس بعد اجتماعه اكتفى بطلب الجالبين التوقف عن استخدام القوة وطلب من حماة أن تتوقف عن إرسال صواريخها ضد إسرائيل دون أن يأمر هذه الأخيرة التوقف عن غاراتها الجوية والتي كانت السبب في كل ما وقع ويقع حتى الآن. فهل هذه هي حقوق الإنسان التي يتبجج بها دعات هذا الحد وصانعي مجلس الأمن للسلام العالمي؟