طبع حدثان بارزان مجريات امتحانات الباكالوريا بجهة مراكش اسفي ، وكان لهما الوقع النفسي السلبي على التلاميذ واسرهم، كما ان السي بلمختار، وزير التربية الذي كشر انيابه وتوعد الغشاشين بعقوبات زجرية قاسية، و جرجر أمهات و آباء وأولياء التلاميذ إلى المقاطعات من أجل المصادقة على التزام يقضي بموافقة الوالدين على العقوبات في حق ابنائهم إذا ما تم ضبطهم متلبسين بالغش في الامتحان. لم يبلغ الراي العام ما إذا ارتكب الموظفون التابعون لوزارته اخطاء في حق التلميذ، ماذا يكون رد فعله بخصوص رد الاعتبار للضحية التلميذ ، دون الدخول في حيثيات أخرى؟ وكالعادة السيئة، تحذيرات "مستر "رشيد توقفت عند ويل للمصلين " ، وقبل ان يصدح بالوعيد والتهديد ، أدرك شهرزاد الصباح، فسكتت عن الكلام المباح. السي المختار ، المهندس الفاهم والخبير في شؤون المعلوميات، يدرك جيدا معنى التسامح في مسألة مصيرية تضع شهادة الباكالوريا في كف الريح، حيث يصبح الحاصل على شهادة الباكالوريا مجرد رقم ينضاف إلى باقي الأرقام التائهة بين الإدارات والمؤسسات، كل مؤسسة تفرض شروط قبولها للمترشح، و تطالب بمصاريف الملف وغيرها من انواع "حلب " الجيوب، قبل الإعلان عن قبول الطلب أو رفضه، كل الجامعات أصبحت تحرص على أن يجتاز التلميذ امتحانا بعد ان تبين لها ان بعض من حاملي هذا المربع الكارطوني المديل بتوقيع السيد الوزير، لا يفرق بين "الألف وعصا الطبال" ، وهم بذلك يا حسرة على التعليم ببلدنا ، بيمثلون التلميذ المغربي، والمستوى الرديء الذي وصل إليه، وزير التربية الوطنية قرر التغيير والإصلاح، فكشر عن أنيابه، لكن ما وقع، أن الأنياب الاصطناعية تكون في الغالب "حافية" غير حادة، وبالتالي فلن يكون لها نفس الأثر الذي تحدته " النياب نتاع الصح ". وسنعود لذلك بشيء من التفصيل . الأجيال السابقة، قبل التورة الاعلامية واختراق الانترنيت لعذرية الامتحانات، ورغم بعض الانفلاتات والاختلالات التي كانت تشهدها امتحانات الباكالوريا، إلا أن التلاميذ المغاربة كان معظمهم، من ابرز المتفوقين في الدراسة وفي جميع الشعب، وكانوا مثالا يحتدى به في المثابرة، وأيضا في النضال والصمود والصبر على الشدائد..، كان التلاميد يتوفرون على رصيد معرفي وسياسي ، وكانت الفلسفة حاضرة الى جانب الرياضيات والعلوم الفيزيائية، والسيرة النبوية والفكر الاسلامي والشعر والقصة والرواية ، جنبا إلى جنب مع الهندسة والطب وعلم الفلك. أما تلاميذ اليوم، فهم يتوفرون على مجموعة من الامكانيات والاختيارات التي لم تكن متوفرة سابقا، لكن مشكلتهم أن فرص الشغل ضئيلة، والاجر هزيل، والتكوين وهمي، ومن يشك في ذلك، فليسأل طلبة المدارس العليا ما يتلقونه خلال فترة " الستاج "من تداريب، وكيف يتمكنون من تلك المؤسسات التي تمدهم بشهادة ضياعهم بين جدرانها. الغشاشون الكبار، استولوا على المقاعد، وبسطوا أيديهم و" غمسوها " في المال الحرام، يأكلون ويُؤكِّلون، بلغوا سن التقاعد، وتجاوزوه بعقد وأزيد من الزمن، ولم يتم إعفاؤهم من مهامهم، بدعوى أن الإدارة ما زالت في حاجة إلى خدماتهم، ولا قدرة لها على الاستغناء عنهم، ....." وبما أن الجهة المسؤولة كانت تعرف أهمية "الشيخ" والخبرة التي راكمها في الإدارة، فَلِمَ لَمْ تهيء الخلف من الشباب الحاصل على الشهادات وتفتح لهم الطريق للاستفادة من التجارب الخبرات والحنكة الادارية قبل مغادرته الوظيفة العمومية، الذي يعجبني وكأم العروس، فكل أكاديميات التعليم بجهات المغرب نوهت بنفسها، وبما حققته من نجاحات في تهييء ظروف الامتحان، من أجل تكافؤ الفرص، وإعادة المصداقية للشهادة المحتضرة، وجميعها كلف لجنأ ساهرة على السير العادي، وشدد المراقبة لتفضي إلى ضبط بعض من الغشاشين ، ففي جهة مراكش ضبطت 238 حالة غش، وقضت المحكمة الابتدائية بمدينة فاس بغرامات مالية ناهزت في مجملها 38 ألف درهم في حق ستة أشخاص بينهم تلاميذ، جرى اعتقالهم بعد ضبطهم في وضعية غش أثناء سير اختبارات الدورة العادية الخاصة بالامتحان الجهوي أولى باكالوريا لهذه السنة. هناك صرامة وعزم على تطبيق القانون، ولكن حين يتعلق المشكل بحقوق التلميذ ، فإن الأمر يختلف، ولكم مثالين صارخين جرت احداثهما بجهة مراكشآسفي: الأول يتعلق بتغيير التوقيت على الصعيد الوطني يوم السبت 04 يونيه 2016 قبل الموعد المحدد له في يوم الأحد 05 يونيه ، هذا التغيير كلف تلاميذ معاناة حقيقية، حين وجدوا أنفسهم، محرومين من اجتياز الامتحان، بدعوى التأخر عن الحضور بساعة، ولم تكن أية جهة قادرة على طمأنة التلاميذ والاعتذار لهم على ما ارتكب في حقهم ، كما لم تفتح مسطرة التحقيق لتحديد الجهة المسؤولة. الثاني هو عبارة عن خطإ فادح متمثل في استدعاء المديرية الإقليمية لوزارة التربية الوطنية والتكوين المهني بمراكش لمترشحي السنة الثانية باكالوريا مسلك الآداب والعلوم الانسانية أحرار من أجل الحضور إلى الثانوية الإعدادية حمان الفطواكي بالاوداية عوض الثانوية الإعدادية حمان الفطواكي بسيدي يوسف بن علي المحددة كمركز للامتحان ، ثم القيام بتصحيح مركز الامتحان بالنسبة لمترشحين دون آخرين و ما نتج عن ذلك من توفر بعض المترشحين على استدعاءين لمركزين مختلفين تفصل بينهما مسافة تقارب ثلاثين كلم والتحاق العشرات من المترشحين بالاوداية حيث فوجئوا بتغيير مكان الامتحان، وانتهاء بعدم تمكن سوى نصف المترشحين فقط من الحضور والمشاركة في الامتحان ، وعلى إثر الخطإ الفضيحة، الذي يؤكد أن المشكل الحقيقي ليس في التلميذ، ولكن في ....وأترك لكم التعليق. الحلول الترقيعية التي لجأت إليها الأكاديمية الجهوية للتربوية والتكوين بجهة مراكشآسفي ، وكأن المسألة تتعلق بإعادة الامتحان فقط، ولا اعتبار للجانب النفسي، ويخلفه سوء التدبير والاستهتار بالمسؤوليات.